محلي

قبلان يُحذر البيطار : ما يجري هو في عنقك

اشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الى ان “ما جرى في الطيونة أمر خطير جدا، وكارثة وطنية؛ قتل على الهوية، ومجزرة غادرة في سياق برنامج عمل، وخرائط تهدد وضع البلد وسلمه الأهلي، بما لها من أبعاد دولية وإقليمية”.

وقال قبلان في رسالة المولد النبوي لهذا العام: “الخطير بالأمر أنه كشف قدرات تجهيزية عسكرية محكمة، بعقلية خطوط حمراء طائفية، ولذلك فإن هذا الكمين المذبحة خطير بدلالته، تجهيزا، ووضعيات، وتموضعا، وتوزيعا، وإصابات دقيقة للمتظاهرين العزل، ثم انسحاب نظيف! وما لا يريد أن يقوله البعض بالتصريح قاله بالتلميح بل فاخر، بخلفية عقل كانتونات. ولذلك، إن هذا الأمر كارثي على البلد، ويحتاج إلى تحميل مسؤوليات وطنية، وإلا انزلق البلد إلى الهاوية. والتجربة التاريخية تقول بأنه يمكننا العيش معا، وليس في الإسلام أو المسيحية ما يمنع هذا العيش، بل يعززه، ويدفع إليه، ويؤكده، ويحميه بشدة. والعدل والإنصاف والحقوق المجردة والشراكة الوطنية في هذا البلد مكفولة بنص صريح من المسيحية والإسلام، والتجربة التاريخية الوطنية للعيش المشترك تؤكد ذلك، والبلد صغير على التقسيم، والتقسيم يعني فوضى وأزمات ومتاريس ونحن لا نريد لا مجازر ولا متاريس لأن زمنها ولى إلى غير رجعة، ومن يريد ذلك سيدفع البلد والطوائف نحو فتنة كأداء عمياء طخياء، وهو عين الخيانة لله وللوطن وللإنسان من كل الطوائف، التي لا تريد دفع البلد نحو أفران الفتنة الطائفية”.

واشار الى انه “حتى أكون صريحا أكثر، المشكلة في هذا البلد تكمن بالسياسة، وبخلفية دولية إقليمية، وهي نفس المعادلة تماما التي حولت البلد زمن الحرب الأهلية متاريس وخطوط تماس وسط إبادة وفوضى وحواجز أخذت الطوائف رهائن لحسابات دولية إقليمية، ثم عادت وانتهت بميزان المصالح الدولية الإقليمية، لكن على حساب المسلم والمسيحي، بل على حساب الطوائف والبلد كله. ولا شك أن الحرب الأهلية ليست كبسة زر، بل هي تجييش ونفخ بأبواق الفتنة وانقسام وفوضى وشوارع وتسليح دولي إقليمي وتدريب وتجهيز وخرائط تقسيم وبروفا على الأرض، وقتل هنا، وكمين هناك ومجزرة هنا ومذبحة هناك، ثم بليلة واحدة نستيقظ على انتشار عسكري تقسيمي للبلد، وتقع الكارثة الكبرى، لا قدر الله. وفعلا هذا ما لا نريده، ولا نريد للطوائف أن تتمزق أو تتفرق أو تعيش حقد المتاريس، كما لا نريد لأي قوة سياسية أن تأخذ الطوائف رهينة لمشاريع حرب أهلية ارتزاقية هي بالأصل حرب على البلد والطوائف. وأكرر إننا نريد العيش معا، وليس في تاريخ وتربية المسلم والمسيحي أن يتقاتلا أو يتمزقا بسبب اختلاف ديني أو طائفي؛ والحرب الأهلية ليست حرب طوائف أو حربا دينية، بل هي حرب ضد الطوائف والدين، لأنها تأخذ الطوائف والدين رهائن مكبلة لحسابات ومصالح وأولويات دولية إقليمية”.

ولفت الى انّ “هذا هو عين موقف الإمام الصدر أعاده الله، هذا هو موقف الإمام الشيخ شمس الدين والإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، وهذا هو موقف الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن، حين وقفوا جميعا وما زالوا فوق خطوط التماس في وجه البنادق والمدافع، زمن الحرب الأهلية، وكانوا يقولون: الحرب الأهلية حرام وخيانة وفتنة وكارثة وطنية ودينية وإنسانية، وكانوا أول من حرم محاصرة المسيحيين، ودانوا محاولة عزلهم بشدة. وهذا ما أقوله اليوم وأتوجه به إلى أخينا البطريرك الراعي، ولكل من يهمه أمر هذا البلد، لأن لبنان أصغر من أن يقسم، وأكبر من أن يقدم هدية لأحد، ونحن نقرأ بالسياسة جيدا، ولدينا معطيات وتفاصيل مشبعة، وما رأيناه على الأرض خير دليل، وما يقوم به القاضي البيطار يأتي في هذا السياق المخزي”.

وأردف: “كل هذا موازاة مع حسابات دولية إقليمية بقيادة أميركية، تريد تمزيق لبنان، وتقسيمه على قاعدة: حين لا تستطيع السيطرة على بلد فمزقه وحوّله متاريس وحواجز ومذابح. وهو ما تفعله واشنطن عبر حلف دولي إقليمي، يريد تصفية البلد عبر تصفية السلم الأهلي ومشروع الدولة الوطني، عن طريق وضع الطوائف بوجه بعضها البعض، وهذا أمر خطير وكارثي للغاية، يجب علينا جميعاً منعه ومنع أي مجنون مغامر يريد ذبح البلد والطوائف والناس. وهنا أؤكد أن القبول بتقسيم البلد مستحيل، ولا يمكن تنفيذه، لذلك حرام كل الحرام تحويل الطوائف إلى متاريس، وحرام كل الحرام أخذ الطوائف رهائن لمشاريع سوداء قذرة، ولحسابات دولية وإقليمية”.

الى ذلك، اعتبر قبلان أن “كل ما يجري هدفه سلاح المقاومة، الذي يشكل كابوسا وطنيا على تل أبيب خاصة، هذا السلاح الذي لم ولن يوظف في الداخل أبدا رغم مرارة الطعن والشحن الخبيث والتلفيق والتوظيف السياسي والقضائي والشعبوي والإعلامي الانتقامي، فضلا عن الكمائن النوعية الغادرة، بخلفية انتقام دولي إقليمي من سلاح المقاومة وبيئتها وناسها، وهنا أكاد أجزم أنه لا توجد قيادة وقوة قوية في هذا الحجم ترفع أجساد شهدائها الأبرار عن الأرض، ثم تقول: هذه الأرواح فداء للبلد، هي قرابين لله من أجل حماية السلم الأهلي والشراكة الوطنية، رغم أن الحرب الأهلية تلاحقها من منطقة إلى منطقة، ومن كمين إلى كمين، ومع ذلك تصبر بوجع، وتكظم بمرارة، وتحتسب بفخر، وتستعمل أقصى إمكاناتها لمنع أي فتنة رغم يدها الطولى، كل ذلك بهدف حماية لبنان بسلمه الأهلي وشراكته الإسلامية المسيحية”.

وتوجه إلى القاضي طارق البيطار: “القاضي عدل الله، فإذا خان فقد خان الله، لذلك إن ما جرى ويجري هو في عنقك، ولن نقبل أن تجر البلد بأمه وأبيه للذبح، مقابل جائزة ترضية أميركية بخسة. والقضية عند رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى، والبلد رهن الانتصار للبلد والدم المظلوم بعيدا من زواريب السياسة الضيقة. وما زال دم الشهداء المظلومين يفور بانتظار عدلكم”.

وتابع: “أقول للبعض أن يسمع ويعي جيدا: الرئيس بري مصلحة وطنية، تتلاقى عنده كل الأطراف، وتعرض عليه كل مشاكل البلد بهدف إيجاد الحلول وتدوير الزوايا، وليس مسموحا خسارة الرئيس بري، أو تحويله إلى طرف طائفي لأهداف سياسية أو انتخابية أو انتقامية. ومهما كان فإن الخلاف بالسياسة لا يجوز أن يتحول خلافا على البلد وشراكة الوطن وسلمه الأهلي، وتاريخ الأميركان والصهاينة تختصره قصة البقرة الحلوب أو الذبح”.

وختم قبلان: “في يوم ولادة الرحمة للعالمين، أناشد الجميع حماية هذا البلد، لأن النار إذا اشتعلت أحرقت، ولبنان اليوم غير الأمس، لبنان اليوم لن يكون بلدا مقسما أو ممزقا أو دويلات متاريس، والقدرة على حماية لبنان الشراكة والسلم الأهلي موجودة وفوق التصور، والعين على حماية طوائف لبنان، والشراكة الوطنية، من أية مغامرة مجنونة، لأن زمن لبنان الدويلات انتهى إلى غير رجعة إن شاء الله تعالى. كل عام ولبنان ودولته الوطنية وسلمه الأهلي بألف خير، والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى”.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى