مقالات خاصة

حرب غزة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة مجدَّداً

طه عودة اوغلو

خلافاً لجولات قتالية سابقةٍ المواجهة التي خاضتها  فصائل المقاومة في قطاع غزة ضد الاعتداءات الإسرائيلية كانت مختلفة هذه المرة من حيث ارتباطها بالقدس، ومن حيث حجم المواجهة وتكاتف المشهد الفلسطيني في مواجهة غطرسة الاحتلال وقدرة المقاومة على المبادرة أو الرد الفعّال والمؤلم للعمق الإسرائيلي.

الفلسطينيون يرون بأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته على المسجد الأقصى وفي حي الشيخ جراح استدعى تدخلاً للمقاومة الفلسطينية بعد أن أنذرت الاحتلال، وحذرته من المس بالمقدسات، ولكنه تمادى وأصر على العدوان.


وعلى الرغم من الحديث خلال الأشهر الأخيرة الماضية عن  جهوزية جيش الاحتلال الإسرائيلي  تجاه عزمه القيام بعملية برية ضد قطاع غزة المحاصر إلا أن المواجهة اتسمت بسلسلة من المفاجآت من خلال تسجيل بطولات نوعية من أهالي  غزة من خلال  إسقاطها كافة التقديرات التي كانت تكررها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية حول حالة ضعف تعيشها المقاومة.


فيما كان الرد الفلسطيني الموجع للاحتلال إنجازاً إستراتيجياً حسب الكثير من الخبراء العسكريين الذين يرون أن ما بعد المعركة الحالية بين المقاومة وإسرائيل لن يكون كما قبلها.


بناء على كل ما سبق المواجهة العسكرية الحالية مع غزة كانت ستشكل مخرجاً واقعياً لأزمات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنامين نتنياهو الذي كان يبحث عن إنجاز سياسي لإعادة صياغة مفهوم النصر من جديد بعد أن فقدته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية منذ حرب غزة في عامَيْ (2008 و2014م).


كما أن العالم يدرك بأن المسؤول عن تفجير الوضع هو الاحتلال الإسرائيلي حيث سعى نتنياهو لتوظيف العدوان على غزة لأهدافه الشخصية وإفشال مهمة تشكيل حكومة بديلة فعلى سبيل المثال استهداف الأبراج المدنية من قِبل الاحتلال الإسرائيلي هو دليل عجز، وهذا فشل يضاف إلى سلسلة الفشل التي جعلته يتمادى ضد أبناء الشعب الفلسطيني.


 لكن المفاجأة التي أذهلت الاحتلال هذه المرة وهي قاعدة جديدة رسختها  المقاومة الفلسطينية تقول بأنه ( لن تكون هناك خطوط حمراء) بعد اليوم طالما لم يتوقف العدوان وكان واضحاً من خلال الضربات الموجعة للاحتلال، فالبرج يقابله برج والصاروخ الإسرائيلي مقابله قذائف للمقاومة.
كما أن دخول الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1948م عكس فشل محاولات ترويض الشعب الفلسطيني وشل كيان الاحتلال، وكان له أثره العميق في نظرة الكثيرين من المراقبين ليؤكد أن ما يجري الآن وحّد الفلسطينيين جميعاً سواء في الشارع الفلسطيني أو على صعيد الفصائل.


وأخيراً…
رغم تزايد المؤشرات على قرب وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، إلا أن ثمة إدراكاً لدى كل الأطراف أن جولة قتال جديدة قد تندلع في أية لحظة بسب رفض الاستجابة لمطالب المقاومة الفلسطينية، وهي (الخروج من المسجد الأقصى والسماح بحرية الصلاة والوجود فيه والتوقف عن جريمة تهجير أهالي الشيخ جراح والإفراج عن المعتقلين في التصعيد الأخير ووقف العدوان على غزة).


بمعنى أكثر وضوحاً…
إن  ما بعد المعركة الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن يكون كما قبلها، كما لا بد من الاعتراف هنا بأن ( غزة) دفعت الثمن باهظاً لهذه الحرب من خيرة أبنائها، فلم يتوقع أحد أن تبلغ وحشية الإسرائيليين هذه الدرجة وتدمير البيوت فوق رؤوس أصحابها، ولكن في المقابل وبرغم هذه التضحيات الخاسر الأكبر مما جرى كان الجيش الإسرائيلي ليس لأنه تعرض لهزيمة في غزة بقدر إخفاقه (عسكرياً وسياسياً) ولم يستطع أخيراً أن يغير الوضع القائم في غزة..

طه عودة أوغلو

باحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية حاصل على درجة البكالوريوس بامتياز من جامعة يلدز في إسطنبول كلية الهندسة الكيمائية. -أكملت دراساتي في مجال الإعلام من خلال الدورات المكثفة في وكالة الإسوشيتدبرس الأمريكية في لندن خلال أعوام 1999 و2002 و2006. أعمل في المجال الصحفي منذ عام 1998 وشاركت في إصدار وتحرير نشرة إخبارية باللغة العربية في وكالة إخلاص للأنباء التركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى