هموم اللبنانيين أولوية .. جدّية حكومية توحي بالثقة
كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”
يحفر الرئيس نجيب ميقاتي في الصخر لاحداث “ثغرة أمل” يمكن أن يعمل على توسيعها تدريجيا عبر حكومته التي تسير بخطى سريعة وثابتة نحو إتمام بيانها الوزاري الذي سيناقشه مجلس الوزراء اليوم تمهيدا لاقراره ومن ثم عرضه على مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه، لتبدأ الحكومة بتنفيذ خطة وقف الانهيار الذي بدأت بوادره تظهر مع التراجع الملحوظ في سعر صرف الدولار على وقع الايجابيات السياسية والجدية الحكومية التي بالرغم من الهفوات الشخصية لبعض الوزراء، إلا أنها بدأت توحي بالثقة وتبعث على الاطمئنان لدى اللبنانيين.
ركيزتان أساسيتان يضعهما الرئيس ميقاتي في أولوياته هما إستعادة ثقة الناس وثقة المجتمع الدولي، لذلك فإن البيان الوزاري بحسب المعلومات لن يترك همّا من هموم اللبنانيين من دون أن يتطرق إليه، ولن يتوانى عن الالتزام بالاصلاحات المطلوبة التي من شأنها أن تفتح أبواب صندوق النقد الدولي الذي بدأت الاتصالات معه فور تشكيل الحكومة، بهدف التوافق على الآليات التي سيصار الى تنفيذها.
لا أحد في لبنان يمتلك ترف الوقت، فالفترة المتبقية للانتخابات النيابية المقبلة قصيرة، والمهمات المطلوبة كثيرة وكبيرة جدا، لذلك فإن الرئيس ميقاتي شدد على ضرورة إنهاء مسودة البيان الوزاري في جلستين، قبل مناقشته على طاولة مجلس الوزراء، علما أن لا شيء اليوم يبرر حصول أي خلاف حول هذا البيان أو إدخاله ضمن الحسابات السياسية والانتخابية، كونه بيان إنقاذي صرف هدفه إخراج لبنان من قعر الهاوية أو تأمين الهبوط الاضطراري الآمن للطائرة التي تتأرجح في الأجواء والمعرضة للانفجار في أي وقت.
لذلك، يرى مطلعون أن المهمة الانقاذية التي يقودها الرئيس ميقاتي لا تعنيه بمفرده أو تعني حكومته، بل هي تدخل ضمن الواجب الوطني لكل التيارات السياسية والكتل النيابية والقوى الشعبية التي عليها أن تضع كتفا للتعاون على إتمام هذه المهمة التي سينعكس نجاحها على كل اللبنانيين بمختلف توجهاتهم، فيما قد يؤدي فشلها الى سقوط لبنان عن الخارطة كما سبق وحذر وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان.
في غضون ذلك، يحرص الرئيس ميقاتي على إشاعة الأجواء الايجابية التي تساهم في طمأنة المواطنين والتهيئة لمزيد من الارتياح سواء عبر التصريح أو التلميح أو من خلال بعض المصادر التي وجهت رسالة إيجابية الى صندوق النقد الدولي مفادها أنه “لن يُصرف دولار واحد من الأموال التي رصدت من قبل الصندوق من دون تدقيق ومراقبة”، فضلا عن رسائل تطمينية للبنانيين الذين يعيشون منذ فترة تحت تأثير مطلقي الشائعات والفبركات، ومحترفي التيئيس والاحباط، لجهة “عدم إمكانية رفع الدعم عن الدواء وخصوصا الأدوية المزمنة، والعمل على إستقرار سعر الدولار، وحل بعض الأزمات التي ترخي بثقلها على يوميات اللبنانيين”.
يُدرك الرئيس ميقاتي أن الفراغ يملأه الهواء الأسود، وأن تصريف الأعمال وعدم تحمل المسؤوليات إضافة الى الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي، قد حول الوطن الى مجموعة جزر متناحرة تحكمها شريعة الغاب، لذلك فإن ميقاتي يضع نصب عينيه تنقية الأجواء اللبنانية بالدرجة الأولى، وتأكيد حضور الدولة وإعادة فرض هيبتها وتفعيل مؤسساتها وإداراتها وأجهزتها المختلفة، من خلال عمل حكومي فاعل ومنسجم ومتجانس يساهم في وضع لبنان على سكة التعافي المنشود.
تقول مصادر مواكبة: إن لبنان اليوم أمام فرصة أخيرة وربما تكون ذهبية، فإما أن يشمّر المعنيون عن سواعدهم لمساعدة الرئيس ميقاتي على توسيع ثغرة الأمل وتحويلها الى مساحة مشتركة للانقاذ، أو أن يسارعوا الى قتل هذا الأمل الذي سيؤسس الى قتل شعب بكامله.