مقالات

عون يبتلع الحكومة

كتب منير الربيع في “المدن”:

أما وقد تشكلت الحكومة، وقد تشكِّل فرصةً لتنفيس الاحتقان الاجتماعي القائم، فلا بد من الإشارة إلى جملة مسائل، أبرزها:

عون “رئيس الحكومة”

تشكلت هذه الحكومة على خلفية توفر تفاهمات الحد الأدنى بين القوى السياسية المتصارعة. وهي تفاهمات محدودة فعلاً وفي الواقع. فرئيس الجمهورية ومن خلفه حزب الله، عملا على شطب موقع رئاسة الحكومة، وإلغاء الدستور القديم، وكرسا ممارسة سياسية أبعادها متعددة.

وأصحاب وجهة النظر هذه يعتبرون أن ميقاتي ليس هو الرئيس الفعلي للحكومة، بل إن ميشال عون هو القادر على التأثير الفعلي بمقرراتها ومجرياتها السياسية، من خلال التجاذبات التي يديرها. وقد تعوّد عون على ذلك طوال ولاية حكومة حسان دياب. ثم فرض نفسه مقرراً في عملية التشكيل. وقد سلّم له بذلك ميقاتي وقبله الحريري. وبالتالي، لا ترتبط معضلة الحكومة بالمحاصصة وحدها، بل بتكريس هذا المبدأ، إضافة إلى تهميش دور المجلس النيابي. وهي معركة متعمدة خاضها رئيس الجمهورية ضد رئيس المجلس.

وخاض رؤساء الحكومة السابقون، وبينهم ميقاتي، معركة الحصص وكيفية توزيعها، وليس معركة الاعتراض على مشاركة عون في التشكيل. وعليه خسروا المعركة بشقيها، فثبّت عون قاعدة في الممارسة السياسية والدستورية عنوانها أن رئيس الجمهورية هو الذي يشكل الحكومة. وهو الذي يرأس السلطة التنفيذية كاملة.

مجلس مندوبين

وفي المقابل، هناك من ينفي ذلك، ويعتبر أن السياسة الخارجية للحكومة محكومة بتوازنات حزب الله. أما التفاوض مع صندوق النقد الدولي والجهات الدولية المانحة، فمناط بنجيب ميقاتي ونائبه سعادة الشامي، نظراً لموقعهما وشخصيتهما ودورهما وعلاقاتهما.

ومع تشكيل الحكومة يتلمس كثر عملية الانتقال من النظام اللبناني المعروف إلى نظام رئاسي تشوبه نزعة ديكتاتورية. وسوف يتكرس ذلك في أداء المجلس النيابي أثناء جلسة الثقة. فمن المفترض أن تكون الحكومة واحدة، متناسقة ومنسجمة في مشروعها وفي تكوينها فريق عمل قادر على تنفيذ المشروع العتيد. لكن الصراع الذي حصل على الحصص والحقائب الوزارية المحددة، يشير إلى أن لكل وزارة سياستها الخاصة، ولن يلتزم الجميع بتوجهات رئيس الحكومة الحالي. وعليه يتحول مجلس الوزراء إلى مجلس مندوبي قوى سياسية متعارضة، علماً أن القرار السياسي ليس في يد أولئك المندوبين.

معضلات وضغوط

وهناك ملفات محددة مسبقاً مفروضة على الحكومة للعمل عليها: أولها رفع الدعم، والسعي في توحيد سعر الصرف، وضبط تعدد الأسعار، في ظل عدم توفر سياسة حمائية اجتماعية. وهناك معضلات التعليم والتربية والنقل العام والعمل، إضافة إلى إيجاد إجراءات مالية تشرع اقتصاد السوق، في مقابل هامش إقرار البطاقة التمويلية. ويشكل مشروع الكهرباء وإنجاز خطتها بنداً أساسياً من أولويات الحكومة، نظراً إلى الاهتمام الدولي بهذا الشأن. أما المشاريع الأخرى الأساسية فتبدو مؤجلة، لا سيما ما يتعلق بدعم القطاعات الاقتصادية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

وللحكومة وظيفة أخرى: تأجيل الانفجار الكبير بين القوى السياسية المتعارضة، على الرغم من استمرار الملفات الخلافية على حالها. وهناك المزيد من الضغوط لتحقيق قدر أكبر من التطبيع مع النظام السوري، بعدما كسرت التابو تلك الزيارة الأولى إلى دمشق، والتي قام بها وفد وزاري من حكومة تصريف الأعمال السابقة.

وسيستكمل ميقاتي هذا المسار، من دون تحمّله مسؤولية الشروع فيه. ولكن النتيجة السياسية التي تكرسها الممارسات والمسارات المتناقضة، لا تزال مجهولة.

ولا بد من عدم إغفال ملفين متفجرين: الانتخابات النيابية وكيفية التحضير لها. والحكومة أمام خيار من اثنين في هذا المجال: إجراء انتخابات مضبوطة تكرس التوازن الحالي وتجدده مع هيمنة حزب الله على السلطة. أو الإطاحة بها في حال عدم ضمان نتائجها المرجوة.

وهناك ملف التحقيقات في تفجير المرفأ. وهذا موضوع خلافي كبير، خصوصاً إذا استمر التعقيد في مسألة الحصانة.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى