مقالات خاصة

مع المسجد الأقصى….

الدكتور وسيم بكراكي

سئلت في أحد الليالي الرمضانية الأخيرة سؤالا بريئا عن السر الذي جعل الله فيه قبلة المسلمين الأولى في المسجد الاقصى ولماذا خص الله تعالى المسجد الأقصى بجعله قبلة المسلمين الاولى ومن ثم تم تحويلها إلى الكعبة المشرفة. لم أجب وقتها إلا بالشق الثاني مذكرا بالآية الكريمة التي يقول تعالى فيها : “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام…” ورويت للسائل قصة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يتوجه الى السماء بعد صلاته وينظر الى اتجاه الكعبة وكانه يرجو الله تعالى بذلك وهو المشار اليه في تتمة الآية الكريمة حيث جاء فيها: “فلنولينك قبلة ترضاها…”

فلماذا كان المسجد الأقصى أولى القبلتين…

برغم أنني لا أسمح لنفسي بأن تفتي بصحة الجواب القاطع المؤكد ولكن الإجابة الأصح ما أفهمه من سياق الآيات القرآنية: “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه”.

إن علاقة الأمة الإسلامية بالمسجد الأقصى علاقة متينة متعددة الجوانب لا ترتبط بأمر واحد فقط بل هي سلسلة من المعتقدات الخالصة التي تجعله في مكانة لا يمكن التفريط بها أو جعلها محل تفاوض أو تنازلات.

إن اختيار المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى هو حكمة ربانية تؤكد لنا على مكانته وقيمته وما يحمله من معنويات إيمانية ضخمة وأحداث تاريخية عظيمة.

فالمسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني في الأرض بعد المسجد الحرام بدليل الحديث النبوي الشريف الذي رواه البخاري عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: “المسجد الحرام”. قال: قلت ثم أي؟ قال: “المسجد الأقصى”. قلت: كم كان بينهما؟ قال: “أربعون سنة، ثم أين أدركتك الصلاة فصل والأرض لك مسجد”…

والمسجد الاقصى هو المسجد المبارك الذي أسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إليه ومنه تحديدا عرج به عليه الصلاة والسلام الى السماء في الليلة المباركة التي فرضت فيها الصلاة على المسلمين أجمعين، وكان هذا المعراج تحديدا من الموقع الذي نجد فيه اليوم مسجد قبة الصخرة الذي بناه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في 72 للهجرة(691 للميلاد).

والمسجد الأقصى هو أحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليه وتضاعف الصلاة فيه. فهو ثالث الحرمين وملتقى الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم سيدنا إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام أجمعين. كما أنه المسجد الذي صلى فيه النبي عليه أفضل السلام والتسليم بالأنبياء أجمعين.
فكم من عظمة ورفعة شأن كرم الله بها هذا المسجد والبقعة المباركة من حوله كما ورد في الآية الكريمة: “سبحان الذي أسرى بعيده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”.

هذا هو مسجدنا الأقصى وهذه هي قبلنا الأولى ومسرى نبينا الذي تفرح قلوبنا لرؤيته وتتمنى الأفئدة زيارته والصلاة فيه. ولن يتغير ذلك ما دامت السماوات والأرض إلا أن يشاء الله رب العالمين.

الدكتور وسيم بكراكي

إختصاصي طب أطفال طبيب تركي لبناني رئيس جمعية الثقافة والصداقة اللبنانية ( توليب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى