تتمدّد وتتجذّر الأزمة الاقتصادية يومياً في مختلف القطاعات مع بقاء المسؤولين على حال المماطلة في إيجاد الحلول. وبعد مشاهد الذّل اليومية للمواطنين في محال السلع والمواد الأساسية لا سيّما في الصيدليات، يبدو أن هذه الصور ستنتهي بعد شهر، لأن لن يبقى من صيدليات أصلاً!
في الواقع، يعيش قطاع الصيدلة في أزمة بسبب إهمال المسؤولين، “وإذا لم يتم إيجاد حلّ لها سيصل عدد كبير من الصيدليات بعد شهر إلى مكان يجد فيه نفسه مجبرا على الإقفال قسراً وستكبر كرة الثلج”، يحذّر نقيب الصيادلة غسّان الأمين عبر “المركزية”، سائلاً “لماذا تفتح إذا كانت خالية من الدواء؟”.
وأوضح أن “في البداية كانت الصيدليات تسلّم على قدر حاجتها وبالكاد كانت تتمكّن من تأمين حاجة مرضاها (زبائنها)، واليوم باتت تسلّم علبة واحدة من كل صنف ما يعني أن حتّى مرضى الصيدلية لا يجدون حاجاتهم لديها، ما يخلق مشاكل عديدة بين أصحاب الصيدليات والموظفين من جهة والمواطنين من جهة أخرى. حتّى أن فتح أبواب الصيدليات بات غير مجدٍ، إذ بالكاد يباع دواء أو إثنان في جوّ من التوتر طيلة النهار”.
وفي ظلّ الدعوة إلى إضراب الصيدليات في مناطق معيّنة، أكّد الأمين أن “النقابة لم تدع إلى إضراب ولا إلى إقفال الصيدليات، لأن قانوناً ممنوع وقف تسليم الأدوية للمرضى من دون الحصول على إذن من وزارة الصحة العامة. وبعض الصيدليات تعاني كثيراً فتغلق أحياناً، كذلك نرى بعض التحركات الاحتجاجية إذ تتّفق صيدليات في مناطق ما على تنفيذها وتدعو إلى إقفال جماعي لأنها متضايقة”.
وأسف إلى أن “حتّى الساعة أي من المسؤولين لم يدع إلى اجتماع لإيجاد حلّ، لأن ذلك يعني اتّخاذ قرار بالتقشّف وارتفاع أسعار مع المحافظة على أسعار أدوية ضرورية أخرى مثل الأمراض المزمنة”، مضيفاً “الواقع أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب يرفض رفضاً قاطعاً رفع الدعم ما لم يرفق مع البطاقة التمويلية، في حين أن ما من مال متبقٍّ لمواصلة الدعم أو تمويل البطاقة. بديهياً، الدّعم يتطلّب مالا وإن لم يوجد المطلوب حلّ”، داعياً “دياب والوزارات المعنية كلّها إلى الاجتماع بمصرف لبنان ليكونوا على قدر مسؤولياتهم لأن الدواء “ليس لعبة”، وللاتفاق على سياسة لمواجهة الأزمة الراهنة لحين الوصول إلى حلّ سياسي، واستشارة الاختصاصيين، لأن عدا ذلك سيوصلنا إلى كارثة كبيرة تفقد فيها الأدوية وتتفلّت الأمور في الشارع”.
وفي ما خصّ التصويب على التجار والمستوردين على أنهم سبب الأزمة لأنهم يخزّنون الأدوية لحين رفع الدعم، اعتبر الأمين “هذه المعطيات غير صحيحة”، واصفاً هذا الكلام بـ “الاستهلاك الإعلامي والعاطفي وبنظرية المؤامرة التي تلهينا عن لبّ المشكلة الفعلية”، مشيراً إلى أن “التاريخ المتوسّطي لانتهاء صلاحية الأدوية سنتان، بالتالي لو كان التخزين فعليا لانتهت الصلاحية وتم تلف الأدوية المخزّنة لأن الأزمة عمرها سنتان”.