مقالات خاصة

رؤساء الحكومات: كاتم صوت سياسي تجاه الحزب .. ولا حكومة

كتب أحمد الأيوبي في موقع “قلم سياسي”

هل على اللبنانيين انتظار ولادة الحكومة بعد دفعات التفاؤل المفتعلة التي ضخّتها أوساط رئيس الجمهورية ميشال عون بشكل غير منطقي، وبعد اندلاع الاشتباكات الكلامية بين القصر الجهوري وبين نادي الرؤساء السابقين، ثم ما قيل عن تراجع القصر عن اتهام الرئيس ميقاتي مباشرة، وتصويب السهام على بقية أعضاء النادي، وخاصة الرئيس سعد الحريري، وعلى الرئيس نبيه بري.. سؤال يوشك أن يصبح الجواب عليه نهائياً رغم أنّ ميقاتي يستبعد فكرة الاعتذار حالياً ويوشك أن يصبح نموذجاً مستنسخاً للرئيس سعد الحريري.
 
تعدّدت الأساليب والتعطيل واحد
من خلال متابعة الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة يتضح الآتي:
ــ أنّ مطلب الثلث المعطل والاستئثار بوزارات القرار، الداخلية والعدل والدفاع وتلك المتعلقة بالتفاوض مع الخارج، وخاصة مع صندوق النقد الدولي (الطاقة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية)، هو من ثوابت التفاوضية التي يتبعها الرئيس ميشال عون، للالتفاف على رفض طرح الثلث المعطل.
ــ أنّ هناك مستجداً شكلياً طرأ من خلال إدخال اللواء عباس إبراهيم على خط المساعدة في التشكيل وهنا تبرز ملاحظات عدة، أهمها:
ــ ظهر تدخّل إبراهيم على أنه تكليف من أمين عام حزب الله حسن الله، وقد اعتبره الفريق المعارض لهذا النوع من التدخلات، تكليفاً فوق دستوري، لا أصل له ولا مكان، وأنّه جزء من البدع الدستورية التي يُراد منها أن تراكم في إطار كسر اتفاق الطائف على طريقة الأمر الواقع، رغم أنّ فريقاً آخر يعتبر أنّ أي تحرّك يؤدي إلى توليد الحكومة، هو تحرّك جيد ومطلوب، بغض النظر عن المخرجات الدستورية، التي تكاثر خرقها في كلّ اتجاه.
 
اللواء إبراهيم: انتهاء المهمة
يأتي دور اللواء عباس ابراهيم بمثابة تجميل لهذا التخبّط السياسي، ورغم أنّ العناوين التي طرحها هي عناوين عامة، لكنّ المطلوب من وراء هذا التدخل أن لا تظهر مسؤولية التعطيل على عون وفريقه وحده، بل ينتج عن هذه المناورة الخروج بتوازن جديد في تحميل مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة على الجميع، وعدم حصرها برئيس الجمهورية، وتالياً “حزب الله” بعد إغراق الرأي العام بتسريبات حول تفاصيل توزيع الوزارات والمقاعد والمناقشات حولها، والإمعان في التنازع حولها.
 
عون: الحكم والحكومة لي
من الواضح أنّ عون يريد الاستئثار بجميع وزارات القرارات والتفاوض مع الخارج، لذلك، اندلع النزاع حول وزارة الاقتصاد التي يصرّ ميقاتي على أن تكون من حصته لتؤمِّن له نافذة على المشاركة في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتي تشمل وزارات: الطاقة والشؤون الاجتماعية والاقتصاد، وهذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على أنّ عون لا يريد تشيل حكومة، بل يريد المضيّ في مسار إفراغ المؤسسات الدستورية وتكرار الاستيلاء على القصر الجمهوري وعلى السلطة من خلال هرطقات دستورية تصدر عن الجريصاتيين وتمهّد للانقلاب على الدستور، وتغيير النظام السياسي بالقوة والإكراه.
ــ بهذا المسار، يكون حزب الله قد أبعد نفسه عن المشهد التعطيلي وأبرز أن المشكلة قائمة بين السنة والموارنة.
جسّد هذا التوجه ما بدأ المحللون التابعون لـ”حزب الله”، الذين بدأوا يروّجون للمسؤولية المشتركة لعون وميقاتي معاً، باعتبارهما مسؤولَين عن توقيع مراسيم الحكومة.
ــ لا يوجد اليوم على أجندة اللواء عباس إبراهيم لقاءات مع عون وميقاتي، وهذا يعني أنّ وساطته دخلت مرحلة الجمود، خاصة أن إبراهيم وضع مدة زمنية لوساطته في إطار 48 ساعة.
 
مسار إعلان الفشل: “حزب الله”: ما دخلني!
ــ سيجري تظهير أنّ “حزب الله” قام من خلال مبعوثين إلى عون وميقاتي، ومن خلال مبادرة عباس إبراهيم، بكلّ ما يستطيع عمله، ليقول إنّه بذكل كامل جهوده من دون أن يُفلح في إحداث اختراق سياسي، وبالتالي، فإنه يخلي مسؤوليته من ملف التعطيل الحكومي.
ــ لا تزال إرادة التعطيل هي الثابتة لدى تحالف عون – “حزب الله” في إطار التحولات القسرية التي يجرّان إليها البلد بهدف تغيير المعادلات السياسية والانقلاب على اتفاق الطائف.
 
رؤساء الحكومات: “كاتم صوت سياسي”
ــ رؤساء الحكومات السابقون ركبّوا “كاتم صوت سياسي”، وهم يتلهّون بصياح البيانات مع عون ويتجاهلون أصل العلّة: سلاح “حزب الله” الذي ينأى بنفسه ليتحوّل الصراع سنياً مارونياً حول الصلاحيات، وهي معركة وهمية يتخادم فيها الجميع: فيأخذ الحزب دور المحايد الحريص على الجميع والعاجز عن الحسم نتيجة التركيبة المعقدة، بينما يستقوي عون وباسيل طائفياً على سعد الحريري ونجيب ميقاتي، لشدّ العصب المسيحي، ويستخدم الحريري كلام عون للتحريض الطائفي على المستولا السني.
كلّ هذه الأساليب الواهية ليست سوى عدّة تمهيد الطريق إلى جهنم التي تستهوي أنظمة وأحزاب الحديد والنار، ويكون لهيبها على الطريقة اللبنانية قتلاً بالتفجير كما في مرفأ بيروت والتليل – عكار، أو بإخفاء الأدوية وضرب القطاع الصحي، أو تهجيراً لتعميق البعد الديمغرافي في الصراع.
لن تكون هناك حكومة، واستمرار اللعب ضمن قواعد الاستهتار الحاصل استنزاف في غير مكانه وتأخير في طرح السؤال الأساس: ماذا على السنة أن يفعلوا بعد انهيار الدولة؟
 
 

أحمد الأيوبي

إعلامي لبناني وكاتب سياسي في عدة مواقع مختص بشؤون الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى