مقالات

إنتخابات المغتربين في خطر… فمن يحاول إلغاءها؟

كتبت صفاء درويش في موقع mtv:

قد تكون انتخابات المغتربين واحدة من أهم النقاط التي تشكّل هاجسًا لدى البعض يدفعه لمعارضة تعديل القانون الإنتخابي الحالي. لا شك أن الكتل التي ترفض التعديل تعلم جيّدًا أنّ مشاركة المغتربين بطريقة منظّمة وفعّالة قد تُدخل على مشهد خارطة المجلس النيابي بعض التغيير، حيث أن حساباتها في هذا الإطار لا بدّ أن تكون خاسرة.

المطلوب اليوم اقرار المراسيم التطبيقية التي تخوّل المغتربين انتخاب ٦ نواب (نائب عن كل قارة) بشكل يراعي التوازن الإسلامي المسيحي. 
الحملة الاعتراضية الكبيرة داخل المجلس، والتي يقودها نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي، تنطلق من عدة اعتبارات لرفض التعديل، أبرزها الوضع الاقتصادي الصعب وكلفة انتخابات المغتربين على الخزينة اللبنانية. 
يأتي هذا إضافةً لتذرّع الرافضين بما وصفوه نسبة الإقبال الضعيفة في انتخابات عام ٢٠١٨، عوضًا عن أن منح ٦ نواب لحوالي ٥٠ ألف مقترع هو أمر غير منطقي بحسب هؤلاء. نقطة اضافية يحمّلونها في طرحهم الغاء انتخابات المغتربين وهي الوقت الضيّق الذي لا يسمح بتسجيل الاسماء والتدقيق بها! 

الغوص في تفاصيل انتخابات ٢٠١٨ يُظهر زيف ما يدّعيه هؤلاء، حيث أن تفنيد النقاط بوضوح كفيل باتهامهم بمحاولة اقصاء الحالة الاغترابية عن القرار الوطني الشعبي اللبناني. 
فوفق مستشارة وزير الخارجية والمغتربين في عام ٢٠١٨ السيدة باسكال دحروج، والتي أوكلت إليها مهام التنسيق حول كافة عملية الإقتراع من الخارج، رُصدت لانتخابات ٢٠١٨ اعتمادات بمليارين وثلاثمئة مليون ليرة تقريبًا، من دون أن تُصرف بكاملها، مع العلم ان الانتخابات بشقّها المحلي تكلّف الخزينة أكثر بكثير.
أمّا لجهة نسبة الإقبال، فتشير مصادر اغترابية الى أن اللبنانيين في عدد كبير من دول الإغتراب باتوا يعدّون العدّة للمشاركة الكثيفة في الإنتخابات، حيث أن قسماً كبيراً من هؤلاء بات يجد صعوبة في المجيء إلى لبنان نتيجة المعوقات الاقتصادية التي تركتها جائحة كورونا في العالم أجمع، وبالتالي بات مصرًّا على المشاركة من بلد اقامته. 

علاوةً على ذلك، بات رقم الذين غادروا لبنان منذ سنتين وحتى اليوم مرتفعًا بعض الشيء، ومن حق هؤلاء التعبير في صناديق الإقتراع عن قرارهم في محاسبة من هجّرهم من وطنهم. 
أمّا لجهة الأرقام، فيكاد يكون التذرّع بالمشاركة المنخفضة أمرًا غير مقنعٍ، كون احدى الدوائر الانتخابية المحلية شهدت اقتراع حوالي ٣٥ الف ناخب يمثّلهم ٣ نواب، فلماذا لا يحق لمن قد يزيدون هذه المرة عن ٩٢ الف ناخب بكثير (تسجّلوا في المرة السابقة) بـ٦ نواب؟ 
أما بالنسبة الى الوقت المتاح للتحضير لانتخابات المغتربين والذي يشكّل ذريعةً اضافية، فتشرح دحروج أن انتخابات ٢٠١٨ جرى التحضير لها خلال ٨ اشهر، مع العلم انّها كانت المرة الاولى التي تقام فيها انتخابات اغترابية، ما يعني أن كل الآليات أنشئت في حينها. كما أنّ تلك الفترة شهدت عملية استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري من الخارج، الأمر الذي أوحى وكأن الانتخابات لن تحصل. هذا يعني اليوم أن الوقت منطقيًا بات متاحًا بكامله للتنفيذ. 

قد تكون عملية تهميش المغتربين اقصاءً حقيقيًا لشريحة دفعت من عمرها ومستقبلها ثمن سياسات السلطة الفاشلة طوال أعوام طويلة، فيما يكون منحها حق التصويت بتنظيم وادارة جيدين ردًّا لبعض جميلها على بلدها في ظلّ أزمة اقتصادية كبيرة تكاد أن تكون هي وحدها مصدر العملة الاجنبية التي تشدّ من أوزار صمود جميع اللبنانيين.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى