مقالات خاصة

قمة بغداد .. ما خفي كان أعظم

كتب الصحفي و الكاتب السياسي و عضو اتحاد الصحفيين و الكتاب العرب في أوروبا و محرر أخبار في وكالة أنباء كل العرب بهاء خليل:

انتهت قمة بغداد او كما اطلق عليها مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة وخرجت ببيان انشائي يدعو الى دعم العراق والحفاظ على وحدته وسلامة اراضيه ..!
الاخوة الاعداء كانوا حاضرين واقصد هنا دول الخليج التي دعيت للمؤتمر وهي المملكة العربية السعودية والامارات وقطر والكويت . وحصلت بينهم لقاءات ثنائية على هامش المؤتمر شاهدنا من خلاله اجتماع محمد بن راشد مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد وهو اول لقاء بعد المصالحة .
تصرفات الوزير الايراني المستفزة هي ما لاقت تفاعل واستنكارا شعبيا كبيرا من العراقيين والعرب على مواقع التواصل الاجتماعي , حاول فيها الوزير الايراني ان يظهر سيطرة ايران على العراق , كلمته في المؤتمر لم تخلوا من الاتهامات التي وجهها لأمريكا والتوبيخ للعرب لأنهم لم يساعدوا العراق في حربه ضد داعش كما يقول , بالغ في حجم التبادل التجاري مع العراق وذكر رقم فلكي استدعى من رئيس الوزراء العراقي ان يصحح له المعلومة , كل ذلك كان متوقع بالنظر لخلفية ايران المتغطرسة والعدوانية , حتى تجاوزه على البروتوكول الرسمي للمؤتمر و وقوفه في الصف الاول مع الرؤساء و الملوك لم يكن مستغربا .
لكن لنعد الى صلب الموضوع , ما هو الهدف من عقد هذه القمة ؟
بالطبع الهدف المعلن هو امني واقتصادي لكن في الحقيقة الموضوع بعيد تماما عن ما اعلن عنه , فهذا المؤتمر لم يكن سوى مباحثات تحضيرية للانسحاب الامريكي من العراق والذي اعلن عنه بايدن خلال لقاءه مع الكاظمي في واشنطن , فدول المنطقة وخصوصا الخليجية قلقة من الانسحاب الامريكي خصوصا مع سيطرة ايران على العراق والذي سبق ان استخدمت اراضيه في ضرب منشأة ارامكو النفطية السعودية وهو ما اكدته المعلومات الاستخبارية الامريكية ولجان التحقيق بعد الحادث .
ان دعوة فرنسا حليفة ايران لهذا المؤتمر كان الهدف منه هو تقديم الضمانات الكافية لدول الخليج والاردن بعدم المساس بأمنها من قبل ايران بعد انسحاب القوات الامريكية , وان على ايران كبح جماح المليشيات العراقية والتي تشكل الخطر الاكبر على امن الخليج والمنطقة بصورة عامة .
هذا التحليل البسيط لما جرى في قمة بغداد له اوليات ومعطيات على الارض قد لا يلتفت اليها المتابع البسيط واولها هو حتمية الانسحاب الامريكي من العراق نهاية العام الجاري لكن ليس على الطريقة الافغانية لأن امريكا لا تريد اشتعال المنطقة بعد انسحابها لذلك عملت الى جمع الاطراف الاقليمية وذات الشأن على طاولة مفاوضات ليتم الاتفاق مسبقا على جميع الامور والمتعلقات الامنية قبل الانسحاب وهذا مشابه لما قامت به امريكا مع الحكومة الافغانية وطالبان في الدوحة في شهر نوفمبر من العام الماضي ,
اولى المؤشرات التي تؤكد الانسحاب الامريكي من العراق هو سحب بطاريات الباتريوت من السعودية والعراق قبل شهرين واعادتها الى الولايات المتحدة وهذا يؤكد النية الامريكية بالانسحاب من العراق لذلك جاء المؤتمر لتقديم الضمانات الفرنسية لدول المنطقة
الامر الاخر هو قيام المملكة العربية السعودية بتوقيع اتفاقية عسكرية مهمة لم يتم الاعلان عن بنودها بين المملكة وروسيا على الرغم من وجود اتفاقيات عسكرية بين امريكا والسعودية منذ عام 1990 , السعودية وقعت الاتفاقية قبل حضورها المؤتمر بأيام قليلة قابلها رفض شديد اللهجة من الولايات المتحدة لهذه الاتفاقية , هذه الخطوة الاستباقية التي قامت بها السعودية وجهت من خلالها رسالة الى امريكا بان انسحابها لن يؤثر على امن المملكة , وقد تحذوا دول الخليج الاخرى حذو المملكة وتحاول ايجاد البديل القوي الذي يحفظ امنها من الخطر الايراني .
الشواهد الاخرى كثيرة لا مجال لذكرها هنا لكن ما هو اكيد ان المنطقة مقبلة على تغيرات كثيرة وخطيرة على المنطقة في ظل تنامي التهديد الايراني وهذا ما يتطلب الوقوف بوجهها بكل الطرق الممكنة
اما العراق فلا اعلم ما ذا سيكون مصيره في ظل معركة المصالح وفرض القوة وهو يعيش اسوأ فتراته على مر التاريخ .

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى