الدكتور محمد النُقَري : نظرة الإسلام للمسيحية و تقصير لرجال الدين في تحمل المسؤولية
كتب الشيخ الدكتور محمد النُقَري على صفحته “فيسبوك”:
حدثتها ووالدها حتى ساعة متأخرة من الليل أو ان شئت فقل ساعة متقدمة من الصباح عن نظرة القرآن إلى المسيحية وكيف تربينا على احترام وحب السيد المسيح وأمه الطاهرة التي لم يدخل القرآن في طياته اي اسم انثوي آخر إلى جانب اسمها المبارك، وكرّس سورة كاملة باسمها، والتي رفعها القرآن إلى أعلى المراتب، إضافة إلى أن القرآن وصف الإنجيل بأن فيه هدى ونور، ووصف القسيسين والرهبان بأنهم أقرب مودة للمؤمنين وأنهم لا يستكبرون، فقالت لي ولكني لا أعرف نبيّكم محمد ولم يحدثني عنه أحد، بل سمعت كلاماً سيئاً عنه من بعض رجال الدين، وان قرآنكم عندما تكلم عن المسيح سمّاه عيسى، وعندما تكلم عن مريم قال عنها بأنها ابنة عمران وأخت هرون….
فأجبتها بأن لفظ عيسى هو من الآرامية العراقية القديمة “عيشو” وهي قريبة إلى اللفظ اوسوس أو jésus باعتبار ما هو شائع في اللغات السامية من قلب حرف الشين إلى سين او بالعكس ( فيقال شمش ومشتشفى) او قلب حروف أخرى مثل الفاء والباء ( مثل باران وفاران)، وأن القرآن ذكر الاسمين معا “المسيح عيسى..”
وأما إن مريم فهي ابنة “عمرام” كما يذكر الإنجيل وهي من اللاويين، ويقال في العربية “عمران”، وأما أن القرآن ذكر بأنها أخت هرون فهو من قبيل ما قاله الأعمى بارتيماوس في ناحية قرب نيحا عندما نادى السيد المسيح “يا ابن داوود ارحمني” ولو كان الأمر كذلك بتسمية مريم بأخت هرون لكان حريٌّ بالقرآن أن يذكر بأنها أخت موسى لأنه أحق بالاشارة من أخيه هرون، وبالمحصلة فإن اللغات السامية تستخدم هذا الأسلوب في تعلق النسب بالأقدم مثل قول النبي محمد عن الإمام الحسين عندما يراه يضحك : “ورثها عن عمه موسى” باعتبار أن الأنبياء جميعهم أخوة. إضافة إلى أن هرون وأتباعه اللاويين كانوا مكلفين بخدمة الهيكل كما هي مريم..
وتبقى لها سؤال : كيف تتعرف وهي المسيحية على النبي محمد؟ هل هو خطأ المسلمين الذين لم يحسنوا تقديم نبيهم إلى غير المسلمين؟ أم إلى بعض المسيحيين الذين نفّروا من التعرف على الصورة الحقيقية لنبي الإسلام؟ رغم ان المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني فتح باباً واسعا للتعرف على الإسلام حين قال :” تعلن الكنيسة الكاثوليكية عن موقفها إزاء المبادئ الإسلامية الأساسية، في وضوح ودقة، فهي تبدي احترامها للمسلمين، إذ تعترف أن إله القرآن هو حقا الإله الواحد الأحد القيوم الرحمن القدير فاطر السماء والأرض.. وليس هو إله الفلاسفة بل إله إبراهيم، وإله الوحي الذي كلم البشر.
ويشير النص إلى تسليم المسلمين لأحكام الله الخفية وقضائه وإن كان المسلمون لا يقرون «إلوهية» المسيح، إلا أنهم يجلونه نبيا ويكرمون أمه مريم العذراء، ويعترفون بالبعث ويوم الحساب والآخرة وفي سلوكهم العملي يجتهدون لاكتساب مكارم الأخلاق.”
إنها مسؤولية مزدوجة تقع على رجال الدين من كلا الطرفين في بلاد نتقاسم فيه عيشنا المشترك، أفلا نتقاسم فيه أيضا معارفنا الدينية من مصادرها الموثوقة كما يحب كل فريق ان يعرف الآخر عن دينه ومعتقده.