مقالات

فتنة جديدة بين المصارف والمودعين صناعة لجنة المال والموازنة

كتب د. محمد فحيلي خبير المخاطر المصرفية :

ليس سراً أنّ إجتماعات لجنة المال والموازنة إنطلقت بحماس وكثافة أواخر العام ٢٠١٩، لإبرام قانون الكابيتال كونترول (Capital Control Law) وحتى يومنا هذا مازال القطاع المصرفي اللبناني بإنتظار هذا القانون. اليوم تُطل علينا اللجنة ذاتها، ومن دون سابق إنذار، بمشروع فتنة آخر بين المصارف والمودعين بكشف برنامج عمل وزرع أرقام من خارج صلاحياتها ومن دون دراسة علمية أو موضوعية، ومن دون تنسيق مع الجهات المختصة مثل مصرف لبنان وجمعية المصارف اللبنانية.

وبحسب ما صرح به رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان، فإنّ اللجنة سوف تطلق الأسبوع المقبل إجتماعات مكثفة تركّز على مناقشة ومعالجة ثلاث ملفات:

١. رفع سعر صرف الدولار لدى المصارف للسحوبات الشهرية من ٣٩٠٠ ل.ل. إلى ١٠٠٠٠ ل.ل. وذلك نظراً إلى إرتفاع دولار السوق السوداء إلى ٢٠٠٠٠ ل.ل.

٢. تقديم مساعدة إجتماعي شهرية توازي ٤٠% من راتب موظفي القطاع العام والقوى الأمنية، وذلك حتى نهاية العام الجاري.

٣. فتح إعتماد إضافي للخزينة بقيمة ١٢٠٠ مليار ليرة، سيذهب قسم منه إلى تسديد مستحقات القطاع الطبي والإستشفائي.

ويتضح من خلال مراقبة هذه  النقاط أن اللجنة سوف:

  • تضاعف حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، وهذا الأمر ستكون تداعياته مدمرة للقدرة الشرائية على المواطن اللبناني وخصوصاً ذوي الدخل المحدود.
  • تفتح أبواب جديدة للمضاربة بالدولار وللإستغلال المؤذي.
  • تدفع بإتجاه بناء توقعات وآمال قد تكون أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، ولكن أهمها من هذا كله، هو البند الأول على جدول الأعمال، أي “رفع سعر صرف الدولار لدى المصارف للسحوبات الشهرية من ٣٩٠٠ ل.ل. إلى ١٠٠٠٠ ل.ل.”

وهنا تُطرح أسئلة وتساؤلات عدة:

  • لماذا ١٠٠٠٠ ل.ل؟ أليس من الأفضل الإعلان عن “ضرورة مراجعة سعر صرف الدولار لدى المصارف للسحوبات الشهرية في ظل الضغوطات التضخمية، لكن من الواضح أن زرع هذا الرقم كان حصرياً للإستهلاك السياسي وتلميع صورة الطبقة السياسية.
  • مع تمديد فترة الإستفادة من التعميم ١٥٨ إلى نهاية شهر أيلول، سوف يؤسس هذا البند لكثير من الإرباك لدى المودع لجهة حسم خياره بالإستفادة من  عدمها من أحكام هذا التعميم.
  • سيخلق هذا التصريح الإعلامي مبارزة بين التعميم ١٥١ والتعميم ١٥٨ لجهة الإستفادة من السحوبات الشهرية.
  • سيدفع بإتجاه التريث في السحوبات الشهرية من الحسابات بالعملة الأجنبية (ولو ضرورية) ضمن أحكام التعميم ١٥١، بإنتظار رفع سعر الصرف؛ وقد لا يحصل أي تعديل على سعر الصرف كما هو حال قانون الكابيتال كونترول… وهناك العديد من الأمور الأخرى، ولكن أهمها هو أنّه لن يكن بإستطاعة المُودع التوجه إلى لجنة المال والموازنة بأسئلته الشرعية، وسيلجأ بالتأكيد إلى موظف المصرف ليحصل على هذه الإجابات.

وبهذا يمكن لنا أن نتوقّع اشتعال “فتنة” جديدة بين المصارف والعملاء… والشكر يعود طبعاً كالعادة إلى الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة، والفاسدة والفاشلة نتيجة إهمالها وتقاعصها.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى