محليمقالات خاصة

في لبنان… يكفي أن تكون محسوبًا على “دولة النبيه” لتفلت من العقاب وتسقط العدالة

كتبت قمر رشيد لقلم سياسي،

في هذا البلد، لم تعد العدالة ميزانًا، ولا القضاء مؤسسة. أصبحت الأحكام تُفصَّل على قياس النفوذ، ويُقاس الحقّ بميزان الحماية السياسية، لا بميزان القانون. صارت حياة الناس مجرّد هامش أمام سطوة السلطة، وصار الدواء وهو حقٌّ أساسي سلعة تُهرَّب على عين الدولة، ومن دون أن يرفّ لها جفن.

وآخر فصول الفضيحة: إخلاء سبيل النقيب محمد خليل، شقيق النائب علي حسن خليل، بعد ستة أشهر من توقيفه في قضية تهريب أدوية السرطان…
وهي قضية لا تمسّ المال فحسب، بل حياة اللبنانيين أنفسهم، الذين قضوا يوميًا بسبب انقطاع الدواء وغلائه. عشرات المرضى فقدوا حياتهم لمجرد عدم حصولهم على دوائهم في الوقت المناسب.

أما زوجته ماريا فواز، المتهمة الرئيسية في الملف، فقد فرت إلى جورجيا بسهولة مريبة، من دون أن تتمكّن الأجهزة الأمنية من توقيفها أو حتى الاقتراب منها.

لكن… لا عجب في ذلك.
ففي لبنان، إن كنتَ مسنودًا على الحلقة التي تُنسب إلى دولته ومن حوله، فكل الأبواب تُفتح، وكل الملفات تُخفى، وكل الخطايا تُغسل، ولولا “الهاء” لكان مصيرك كمصير غيرك؛ لكنّك في ذمّة حصنٍ سياسيٍّ متين، لا يمسّك سوء ولا يطالُك قانون.

وفي الوقت نفسه، يبقى الشيخ أحمد الأسير وغيره خلف القضبان منذ سنوات طويلة، بلا محاكمات واضحة، وبلا حقوق، وبلا أي مسار قضائي نزيه.
هل كان عليهم أن يكونوا شيعة أو مرتبطين بالغطاء السياسي الصحيح لكي يُفرَج عنهم فورًا ويُحموا من العقاب؟ هنا يُكشف الوجه الحقيقي للعدالة في لبنان: قانون حسب الطائفة، حكم حسب النفوذ، وحياة الناس سلعة تُضحّى بها.

هذه ليست دولة.
هذه منظومة مافيوية محمية بالولاءات، يتحرك فيها القضاء بأمر، ويتجمّد بأمر، وتُقاس فيها الجرائم بحجم الحماية لا بحجم الخطر.

حين يهرب المتهم الأقوى، ويُفرج عن الشريك، ويموت المريض…
حين يصبح الحق امتيازًا، والباطل سلطة…
ندرك أن لبنان اليوم بلد المافيات، لا بلد العدالة.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى