محليمقالات

موفدة ماكرون تدعم الدور التفاوضي للميكانيزم… لا تمديد لتسجيل المغتربين والأزمة إلى انسداد

تجمع المعطيات على التخوف من تصعيد سياسي خطير في ظل اتجاه بري إلى الحاق مشروع الحكومة بمصير سبعة اقتراحات قوانين انتخابية مطروحة لدى اللجنة النيابية المكلفة البحث في هذا الملف

بدأت معالم التسابق بين خطر التهديدات بحرب جديدة وخطر انفجار أزمة سياسية داخلية تأخذ بعداً جدياً للغاية، علماً أن الملف الداخلي المتصل بالنزاع المفتوح حول تعديل قانون الانتخاب لإتاحة المجال أمام المغتربين لانتخاب جميع النواب، يقترب من مهلة أساسية ومفصلية في نهاية الشهر الحالي التي تشكل الموعد النهائي لتسجيل المغتربين ما لم يتم تعديل قانون الانتخاب. وبرزت جوانب من هذا السباق الذي يدهم السلطات اللبنانية من خلال مبادرة وزير الخارجية يوسف رجي أمس، إلى تقديم اقتراح من خارج جدول أعمال الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في السرايا برئاسة رئيس الوزراء نواف سلام، مطالباً بتمديد مهلة تسجيل غير المقيمين إلى نهاية كانون الأول المقبل، في حين تترقب الكتل النيابية والقوى السياسية كما الحكومة ما سيقدم عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى تسلّم الأمانة العامة للمجلس مطلع الأسبوع المقبل مشروع القانون المعجل الذي أقرّه مجلس الوزراء، متضمناً تعديل قانون الانتخاب لجهة انتخاب المغتربين. وتجمع المعطيات على التخوف من تصعيد سياسي خطير في ظل اتجاه بري إلى الحاق مشروع الحكومة بمصير سبعة اقتراحات قوانين انتخابية مطروحة لدى اللجنة النيابية المكلفة البحث في هذا الملف، بما يعني أن المأزق يتجه نحو ذروة انسداده بما سينجم عنه تضخّم الأزمة وتصاعد تداعياتها، ولا سيما لجهة الضياع الذي سيتركه تعليق البت بمشروع الحكومة على استعدادات المغتربين للتسجيل والانتخاب. ومما عزز هذا التخوف أن مجلس الوزراء لم يوافق أمس على طلب وزير الخارجية تمديد مهلة تسجيل المغتربين.

وأما في الجانب المتصل بالوضع المضطرب بين لبنان وإسرائيل، فقد جالت أمس مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط آن كلير لوجاندر، على المسؤولين اللبنانيين على وقع “خميس التصعيد” المعتاد، علماً أن جوهر جولتها وزيارتها لبيروت يتمثل كما سبق لـ”النهار” أن أوردت بالسعي الفرنسي الحثيث لإعادة الاعتبار لتثبيت وقف النار والتخفيف ما أمكن من التوترات، علّ ذلك يساهم في الدفع نحو إطلاق مفاوضات عبر لجنة “الميكانيزم” كما يطالب بذلك الجانب اللبناني.

وأفيد أن لوجاندر نقلت إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون تحيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتأكيده الاستمرار في مساعدة لبنان، والعمل على عقد مؤتمري إعادة الاعمار ودعم الجيش والقوات المسلحة. وأكدت أن فرنسا ستعمل من أجل تثبيت الاستقرار في الجنوب وتفعيل عمل الميكانيزم وفق الرغبة اللبنانية.

وكرّر رئيس الجمهورية أمام موفدة ماكرون، أن “خيار التفاوض الذي أعلنته، كفيل بإعادة الاستقرار إلى الجنوب وكل لبنان، لأن استمرار العدوان لن يؤدي إلى نتيجة”، موضحًا أن “ما يمنع الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية الجنوبية، هو استمرار إسرائيل في أعمالها العدائية وعدم تطبيقها لاتفاق تشرين الثاني 2024”. وأكد أن “الجيش اللبناني يواصل أعماله بدقة خلافاً لما تروّج له إسرائيل، وهو يحظى بدعم جميع اللبنانيين وثقة الجنوبيين، وما يقال عن تقصير هو محض افتراء”. وشدّد على أن “الجيش يحتاج إلى تجهيزات وآليات عسكرية، وهو ما يفترض أن يتوافر من خلال مؤتمر دعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية”. كما رأى أن “إعادة الإعمار هو حجر الأساس لتمكين الجنوبيين من العودة والصمود، لكن ذلك لا يتم في ظل الاعتداءات اليومية ضد المواطنين والمنشآت المدنية والرسمية”. وأكد أن “الحكومة باشرت بالتعاون مع مجلس النواب في إقرار قوانين إصلاحية، والعمل مستمر لإعداد مشاريع قوانين أخرى تأخذ في الاعتبار ظروف لبنان الاقتصادية وتتناغم مع الأنظمة المعمول بها”.

كما زارت لوجاندر عين التينة والتقت رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم زارت رئيس الحكومة نواف سلام، حيث أكدت “دعم فرنسا الصادق لجهود الحكومة اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات والتقدّم في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”، مشدّدة على “أنّ باريس تعتبر الاتفاق مع الصندوق خطوة أساسية لإعادة الاستقرار المالي والاقتصادي إلى لبنان”. وشدّد الرئيس سلام على “أنّ الإصلاح خيار وطني قبل أن يكون التزامًا دوليًا”، وأبلغها أن الحكومة تعمل بجدّية على استكمال البنود الأساسية المطلوبة، ولا سيما مشروع قانون الفجوة المالية الذي قارب نهايته وسيُحال قريبًا إلى مجلس النواب، إلى جانب تعزيز الضوابط المالية. وحول الوضع في الجنوب، شدّد الرئيس سلام على “ضرورة وضع حدّ لهذا التصعيد الذي يهدّد الاستقرار الإقليمي ويعرقل جهود التعافي الوطني”. وفي هذا السياق، أكدت لو جاندر “أنّ فرنسا تقف إلى جانب لبنان وتعمل مع الشركاء الدوليين للعمل على تثبيت الاستقرار جنوبًا”.

وسط هذه الاجواء، بدا لافتاً تصعيد “القوات اللبنانية” لنبرتها الانتقادية للسلطة، وهو ما ترجمه رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، معتبراً أن “الحكومة اللبنانية لم تُظهر أي مثابرة ولا أي تصميم على نزع سلاح حزب الله”. وقال في مقابلة مع صحيفة “ذا ناشيونال”، “أنّ مستقبل لبنان القريب يجب ألّا يكون محصورًا بين خيارَي الحرب الأهلية أو حرب إسرائيلية جديدة على البلاد”. وحذّر من “أنّ يتخلّف لبنان عن ركب منطقةٍ تتغيّر بسرعة بسبب حالة الجمود السائدة فيه”. ورأى “أن معظم أعضاء الحكومة غير جديين في مسألة سلاح حزب الله ويفتقرون إلى الإرادة السياسية. إنهم لا يريدون اتخاذ قرارات كبيرة وواضحة”. واعتبر “أن الدولة كان يجب أن تكون أكثر حزمًا عندما أعلنت وجوب حصر السلاح بيدها”.

تزامن ذلك مع تقدم نواب من تكتل الجمهورية القوية بسؤال إلى الحكومة حول تطبيق قرار الحكومة بشأن تكليف الجيش اللبناني تنفيذ قرار سحب السلاح غير الشرعي من كل التنظيمات والفصائل الفلسطينية الموجودة على الأراضي اللبنانية.

كما بدا لافتاً ما كتبه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، في منشورٍ على منصة “إكس”، قائلاً: “قبل أن نطالب بالحياد أو ندعو إلى تعديل الدستور، فلنطرح السؤال أولاً: هل انسحبت إسرائيل من الأراضي المحتلة؟ وهل من الحكمة الانعزال عن المحيط العربي والتخلي عن مبدأ الأرض مقابل السلام؟ إن الدخول في نقاش حول تعديل الدستور اليوم قد يفتح دوامة سجالات داخلية نحن في غنى عنها في لبنان”.

على الصعيد الميداني، اتّسم يوم أمس بتصعيد إسرائيلي، إذ استهدفت مسيّرة إسرائيلية بعد الظهر سيارة في تول – النبطية متسببة بسقوط جريح. وأغار الطيران الحربي فجرًا على منطقة الخانوق في بلدة عيترون ملقياً صاروخين جو – أرض  في محيط التفجير الذي حدث منذ يومين. وبعد أقل من نصف ساعة، أغار على الأطراف الغربية لبلدة طيرفلسيه، وجدّد غاراته على دفعتين مستهدفا المنطقة نفسها. وألقت محلّقة إسرائيلية قنبلة صوتية على رأس الناقورة. وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أن الجيش أغار على مستودع أسلحة وبنية تحتية تحت الارض لحزب الله في جنوب لبنان. وقال إن الجيش الإسرائيلي أغار في وقت سابق صباح أمس وبتوجيه استخباري على مستودع أسلحة وبنية تحتية تقع تحت الأرض استخدمهما حزب الله”. وأضاف: “لقد وضعت البنى التحتية التي تم استهدافها بالقرب من السكان المدنيين بما يشكل دليلاً إضافياً على استخدام حزب الله السخيف سكان لبنان دروعًا بشرية لأنشطة التنظيم داخل مرافق مدنية”.

في موازاة ذلك، أفادت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية بأنّ “سلاح الجو الإسرائيلي يعمل على تقليص زمن استجابة المروحيات القتالية المنتشرة في الشمال إثر مخاوف من هجوم محتمل لحزب الله”. وأضافت: “إجراءات الجيش تهدف لتأمين ردّ فوري على أي تسلل أو محاولة اعتداء على المستوطنات الحدودية ومنع تكرار سيناريو مشابه لما حدث في محيط غزة”.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى