عون لا خيار أمامنا إلا التفاوض

نقل رئيس الجمهورية جوزيف عون خلال أيام الاهتمام من ضفة “دعوة الجيش إلى التصدي للتوغل الإسرائيلي” كما طلب من قيادة المؤسسة العسكرية الأسبوع الماضي، إلى ضفة “خيار التفاوض مع العدو” كما اقترح أمس. وشكل هذا الانتقال نقلة حمالة أوجه في ظل الضغوط التي يتعرض لها الحكم في لبنان بلغت ذروتها سياسيًا على لسان المبعوث الرئاسي الأميركي توم برّاك السبت الماضي حيث وصف لبنان بـ “دولة فاشلة”. كما بلغت ذروتها ميدانيًا بتصعيد إسرائيل تهديداتها بالعودة إلى الحرب ضد “حزب الله”. ومثلما أثار موقف الرئيس عون الأول المتصل بالجيش انتقادًا من الجانب الأميركي، كذلك أثار موقف رئيس الجمهورية التفاوضي حفيظة “حزب الله” الذي رد عبر مقدمة النشرة المسائية أمس لقناة “المنار” قائلًا: “في بلدِنا لم يعد يَرى رئيسُ الجمهوريةِ أمامَ لبنانَ إلا خيارَ التفاوض، مبررًا أن لغةَ التفاوضِ أهمُّ من لغةِ الحرب، وأن الأمور ليست صعبة كما قال…”.
وما قاله الرئيس عون أمس: “ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، الذي لا يكون مع صديق أو حليف بل مع عدو”، مشددًا على “أن لغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسية التي نعتمدها جميعًا، من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نواف سلام”.
وأبلغت مصادر سياسية “نداء الوطن” أن موقف رئيس الجمهورية من التفاوض ينطوي على احتمال “شراء الوقت تجنبًا للضربة الحتمية”. أضافت: “أن الذهاب إلى التفاوض يدخل إلى الاهتمامات والمصالح والأولويات الأميركية، علمًا أن ذلك لا يطوي مطلب تنفيذ الدستور بنزع سلاح “حزب الله” بالرغم من أن الأخير لا يريد نزع سلاحه”. ورأت أن مصير التفاوض من دون نزع سلاح “الحزب” هو “الحوار للحوار”. وقالت: “تم الاتفاق على أن كلمة السر هي التفاوض الذي من خلاله يمكن شراء الوقت حتى إشعار آخر . ويدرك “حزب الله” أن الضربة حتمية، ويمثل التفاوض الوسيلة الوحيدة لتأخير وترحيل هذه الضربة حتى إشعار آخر”. ولفتت المصادر أخيرًا إلى “تزامن طرح التفاوض مع تحركات خارجية يبدو أنها أسدت النصيحة بالتفاوض كي نرى إلى أين ستذهب الأمور”.
فرنسا تدعو إلى نزع سلاح “الحزب”
في سياق متصل، قال وزير الخارجية الفرنسيّة جان نويل بارو “ندعم رئيس لبنان والحكومة لتحقيق كل أهداف وقف النار مع إسرائيل”. ودعا بارو عبر قناة “العربية” إلى نزع سلاح “حزب الله” وانسحاب إسرائيل من النقاط الـ 5″.
وتابع: “مستعدّون لاستضافة مؤتمر إعادة إعمار لبنان وعلى لبنان مواصلة الإصلاحات الاقتصادية لتشجيع المانحين الدوليين”.
هوكستين ينتصر لـ “دولة لبنان”
في موازاة ذلك، أطل أمس المبعوث الأميركي السابق إلى لبنان آموس هوكستين معلقًا على ما قاله المبعوث الأميركي توم برّاك حول كون لبنان “دولة فاشلة”، قائلًا: “إن لبنان يعاني بالفعل من مشاكل وتحديات اقتصادية ضخمة… عوضًا عن التفكير في أخطائهم، علينا نحن، المجتمع الدولي، أن نقول إنه بعد حرب 2006، كان “حزب الله” وإيران من قاما بإعادة الإعمار، وإن كنا لا نريد لهما أن يفعلا ذلك، فعلينا نحن أن نتقدّم بأموال ومقاربة حقيقية لإعادة الإعمار. نولي أهمية كبيرة لإعادة الإعمار في غزة وننظم مؤتمرات ويجب أن نفعل الأمر عينه للبنان”. وتابع: “يجب أن نبرهن للناس في جنوب لبنان أن المجتمع الدولي لا يظهر فقط عندما يكون هناك قصف، بل أيضًا لإعادة إعمار الطرقات والمزارع وإعادة الكهرباء. فعندما يكون هناك فراغ ما، غالبًا ما يملأه أناس خيّرون”.
الانتخابات بين الحكومة وبري
سياسيًا، وعشية اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة قانون الانتخابات النيابية اليوم، كشفت معلومات mtv أن وزير العدل عادل نصار سيطرح مسوّدتين في اجتماع اللجنة الوزارية تدمجان موضوع المغتربين والـ Qr code وتمدّدان مهلة تسجيل المغتربين حتى آخر كانون الأول كي يتسنى للداخلية تنقيح لوائح الشطب ونشرها.
أضافت: “وزير العدل سيقترح في مسوّدته الأولى إلغاء المادة المتعلّقة بالمقاعد الستة نهائيًا وفي المسوّدة الثانية تعليق العمل بهذه المادة في حال عدم حصول توافق على الصيغة الأولى”.
أما مشروع قانون وزير الخارجية يوسف رجي فيسمح للمغتربين بالاقتراع في مراكز السفارات ويمدّد مهلة التسجيل حتى أواخر كانون الثاني. وأشارت المعلومات إلى أن وزير الخارجية دمج مشروع القانون الذي تقدّم به مع صيغة وزير الداخلية لاستبدال البطاقة الممغنطة بـ QR CODE.
وفي السياق، وفي إطار متابعة التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، أعلنت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، أنه ولغاية تاريخ 3/11/2025 تم تسجيل 33390 طلبًا عبر منصة وزارة الخارجية والمغتربين، وقد تسلمت وزارة الداخلية والبلديات منها 24822 طلبًا حيث يجري العمل على تدقيقها ومطابقتها مع قوائم الناخبين. هذا وتُذكّر وزارتا الداخلية والخارجية، اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية بأن مهلة التسجيل للاقتراع في الانتخابات النيابية تنتهي بتاريخ 20 تشرين الثاني الجاري”.
وأبلغت مصادر نيابية “نداء الوطن” أن الرئيس بري “مصمم على عدم إعطاء المغتربين حق الاقتراع لـ 128 نائبًا وهو يبلغ ذلك إلى كل من يلتقي به قائلًا: “المغتربين ما بتقطع”. فهو يعتبر أن المغتربين كتلة ناخبة تؤدي حتمًا وحكمًا إلى اختراق في بنية الـ 27 نائبًا لـ “الثنائي” حاليًا. ومن دون تصويت المغتربين يصبح الاختراق أصعب”. وقالت: “على الحكومة أن تقوم بعملها فإذا كان الرئيس بري يريد أن يخالف الدستور فيجب على الحكومة ألّا تخالف الدستور”.
غارات إسرائيل وتحضيراتها لجبهة لبنان
ميدانيًا، شنت مسيرة إسرائيلية بعد ظهر أمس غارة بـ 3 صواريخ موجهة مستهدفة سيارة على مفترق الشرقية وسط بلدة الدوير قضاء النبطية، ما أدى إلى مقتل محمد علي حديد، وإصابة 7 مواطنين بجروح وأضرار كبيرة بالممتلكات.
ولاحقًا استهدفت غارة من مسيرة دراجة نارية في حي أبو لبن في بلدة عيتا الشعب الحدودية وأعلنت وزارة الصحة عن سقوط ضحية.
وكشفت قناة عبرية عن إجراءات إسرائيل العسكرية على خط التماس مع لبنان، تأهبًا لخوض حرب وشيكة أمام ميليشيات “حزب الله”. وذكرت قناة “آي 24” أن “إسرائيل افتتحت مجمعًا قتاليًا بالذخيرة الحية، يحاكي بدقة ساحة المعركة في لبنان”.
قضية الصدر بين عون ووفد ليبي رسمي
من جهة ثانية، وفي تطور هو الأول من نوعه، استقبل رئيس الجمهورية بعد ظهر أمس في قصر بعبدا، وفدًا حكوميًا يمثل حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة مستشار الأمن القومي والمستشار السياسي لرئيس الوزراء إبرهيم علي إبرهيم الدبيبة. وخلال الاجتماع، نقل المستشار الدبيبة إلى الرئيس عون، تحيات رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية السيد عبد الحميد الدبيبة، ورغبته في إعادة تفعيل العلاقات اللبنانية – الليبية، وفتح أبواب جديدة من التواصل بين البلدين، وإيجاد الحلول للملفات العالقة من خلال فتح صفحة جديدة، لا سيما وأن لبنان دولة شقيقة ومهمة وتلعب دورًا أساسيًا في المنطقة. وأشار إلى أن الحكومة الليبية ترغب في تجديد العلاقات الاقتصادية والتنموية والتجارية مع لبنان، نظرًا لما يجمع البلدين من أواصر الأخوة والتعاون.
ولفت الوزير اللافي من جهته، إلى أن الوفد سلّم قاضي التحقيق اللبناني في قضية تغييب الإمام السيد موسى الصدر، ملف التحقيق الكامل الذي أجرته السلطات الليبية، مبديًا الاستعداد للتعاون في سبيل توفير كل المعطيات المتصلة بهذه القضية.
ورد الرئيس عون مشيرًا إلى “ضرورة إزالة كل العوائق القانونية والقضائية، وذلك بهدف إعادة العلاقات اللبنانية – الليبية إلى طبيعتها، وتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات كافة”.
ورحب الرئيس عون بـ “أي خطوة من شأنها المساعدة في التحقيقات الجارية في ملف تغييب الإمام الصدر ورفيقيه السيد محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين”.
وأعلنت لجنة المتابعة الرسمية لقضية إخفاء الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه في بيان، أن “الوفد الرسمي الليبي الموجود في لبنان، والذي يُمثل الحكومة والقضاء الليبيين، التقى مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه القاضي حسن الشامي والمحقق العدلي في القضية القاضي زاهر حمادة. وقد سلم ممثل النائب العام الليبي نسخة عن الأوراق التي قال إنها تشكل تحقيقات أجروها بشأن قضية إخفاء الإمام ورفيقيه. وتخضع هذه الأوراق للتدقيق والتقييم ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولاتخاذ الموقف المناسب”.
				
					

