القضاء في حضرة الزعيم… يُصاغ الحكم وتُدفن العدالة!

كتب المدير التنفيذي لشركة SPI ورئيس تحرير موقع ” قلم سياسي” محمد صابونجي،
القضاء في حضرة الزعيم… يُصاغ الحكم وتُدفن العدالة!
من قلب بلدٍ صغير كان يُسمّى بلد الشرائع… بلد القانون والعدالة!
نقف اليوم على أنقاض قضاءٍ ممسوخ ومُسيّس، يبيع ضميره في مزاد الولاءات.
قضاءٌ بات فيه الحُكْم يُكتَب في مكاتب الزعماء، لا في قاعات المحاكم!
قضاءٌ يخضع، يُساوم، ويُنفِّذ التعليمات…
في لبنان، العدالة لم تعد عمياء، بل صارت تبصر فقط لون الراية الحزبية والانتماء السياسي.
لكن أيٌ عدالةٍ هذه التي نتحدّث عنها؟
بينما هناك قاضٍ يُحاسب مواطنًا بسيطًا، ويُصافح فاسدًا من الصفّ الأول بل وينصاع لأوامره .
أي ميزانٍ هذا الذي يُرجّح كفّة الطائفية على كفّة القانون؟
لبنان الذي صَدَّر القوانين للعالم العربي، أصبح اليوم يُدار بمنطق الزواريب، حيث كلّ ملفٍّ يُفتح أو يُغلق بحسب مزاج مرجعية أو هاتف سياسي.
لقد سقط القضاء… وسقطت معه هيبة الدولة!
والسؤال الأهم من يُحاكم القضاة إذا كانوا هم شركاء في الجريمة
ومن يُعيد للعدالة وجهها الحقيقي إن كانت نفسها قد أصبحت رهينة ؟
المطلوب اليوم خطوات عملية ،تجاهٌلٌ لأوامِرِ وإملائات الأجهزة المُخزية الأمنية ،تحقيقات مستقلة، إقرار آليات لتحقيقٍ قضائي شفاف، والأهم حماية القاضي النزيه والضامن لحقوق الرعية .
آن الأوان لأن يواجه القضاء نفسه فتُطَبَق المحاسبة الصارمة بشفافية كاملة فتُستولَدُ إصلاحات قانونية تُعيد للمحاكم استقلالها ، ليجلس على القوسِ قاضٍ متجرِدٌ مِن كل شيى إلا العدل والإنسانية حُرُ الضمير لا مُقعد الولاءات.
من دون ذلك، ستظلّ المؤسسات منهارة وسيُسَجلُ في التاريخ بحِبرٍ أسود أن وطناً نُكِسَ عَلَمُه بمنظارِ الأُمَم لأنه جعل مِن أبنائِهِ قرابينَ للزعامات على قوس الحرية دافعينَ لثمن غياب العدالة .

