مقالات

حركة ديبلوماسية استثنائية تسابق خطر التدهور… كتل الأكثرية تضغط بقوة لإسقاط الجلسة اليوم

لن تكون الحركة المحمومة للموفدين بين لبنان وإسرائيل، والتي تظهّرت في الساعات الاخيرة وستتظهر تباعاً في الساعات والأيام المقبلة، سوى ترجمة للمآل الدقيق والحساس بل والخطير الذي رسمته التطورات الميدانية في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يعني بوضوح أن الحركة الديبلوماسية الساخنة تندرج في إطار استدراك وتجنّب تدهور ميداني واسع، سواء اقتصر على تكثيف متدحرج للعمليات الإسرائيلية في لبنان أم تجاوزتها إلى عملية واسعة النطاق. والحال أن ما بين وصول المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس أمس إلى بيروت آتية من إسرائيل وتوقّع وصول رئيس الاستخبارات المصرية اللواء حسن رشاد اليوم إلى بيروت أيضاً، وبدء المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس- بلاسخارت زيارة أمس لإسرائيل، ارتسمت لوحة المكوكية الساخنة “الطارئة” التي توزعت في اتجاهات عدة تلتقي عند محاولات كثيفة ومركزة على منع تدهور ميداني كبير في لبنان، باتت التحذيرات منه أشبه بنمط يومي يواكب الغارات وعمليات الاغتيال الإسرائيلية في صفوف “حزب الله”. وتقول الأوساط الرسمية المعنية التي تترقب جولات الموفدين على الرؤساء الثلاثة وما يحملونه من رسائل ومواقف ومعلومات، أن التقاطع بين زيارتي أورتاغوس والمسؤول الأمني المصري الأرفع ليس أمراً عابراً وعادياً، إذ أن كلا منهما يأتي إلى بيروت بعد لقاءات أجرياها تباعاً في إسرائيل ولن يكون مفاجئاً أن تتضمن محادثاتهما نقل رسائل تحذير مما تعد له إسرائيل حيال “حزب الله”، ولو أن واشنطن والقاهرة تبذلان جهوداً لمنع تدهور يتجاوز إطار العمليات الميدانية السائدة على الأقل.

ولكن ما يطمئن بعض الأوساط الرسمية والسياسية المعنية إلى استبعاد تدهور كبير كما تعكسه المناخات الضاغطة، هو أن الاجواء الأمنية لم تؤثر على قرار البابا لاوون الرابع عشر زيارة لبنان، حيث جاء إعلان مكتب الصحافة التابع للكرسي الرسولي ظهر أمس البرنامج الرسمي للزيارة الرسولية التي سيقوم البابا إلى لبنان بين 30 تشرين الثاني و2 كانون الأول 2025، لمدة ثلاثة أيام، بمثابة وضع حد حاسم للمخاوف على الزيارة.

أما المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي وصلت بعد ظهر أمس إلى بيروت، فستجول اليوم على رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، على أن تشارك غداً الأربعاء في اجتماع لجنة الميكانيزم في الناقورة.

ومهّد السفير المصري علاء موسى لزيارة رئيس الاستخبارات المصرية اللواء حسن رشاد إلى بيروت، فزار قصر بعبدا والسرايا الحكومية، وأكد “أن ما أخذه شكل الخروقات الإسرائيلية ضد لبنان والمدى الذي وصلت إليه، يستدعي أن يكون هناك تحرك من أصدقاء لبنان ومن لهم علاقات مع مختلف الأطراف لوقف هذا الأمر، والتوصل لحل جذور المشكلة من أساسها”. واعتبر أن “كل المؤشرات التي تأتي من رئيس الجمهورية جوزف عون، تشير إلى أنه يسعى إلى تحقيق مصلحة لبنان ولديه مقاربة موضوعية ونحن ندعمها بالكامل”، مشدداً على وقوف مصر إلى جانب لبنان. وعما إذا كان من مبادرة مصرية، أوضح أن “لدينا تنسيقاً، وتواصلاً مستمراً مع الدولة اللبنانية على مختلف المستويات، ونقول، دعونا نستغل حالة الزخم المصاحب لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ونتائج اتفاق شرم الشيخ والالتزام الدولي لإنهاء كل الصراعات والنزاعات في المنطقة والعالم، ولنبن على هذا الزخم من أجل أيضاً إنهاء النزاع في لبنان. وأتصور أن ما حدث من نجاحات مصرية في ما يخص الوصول الى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة طبعاً بالاشتراك مع شركائنا في الإقليم وفي العالم، سنستغله أيضاً في محاولة حلحلة الملف اللبناني، لأن ما يجب التأكيد عليه أن ما يتعرض له لبنان من اعتداء، لا يجب أن يستمر، لأنه يمكن أن يؤدي إلى اشياء أسوأ، وبالتالي ما نحمله من رسائل إلى لبنان هو ضرورة التحوّط مما يحدث. نحن لا نحمل لا رسائل تهديد ولا تحذير، إنما رسالة تحوّط مما يمكن أن يحدث في المستقبل”.

في غضون ذلك، بدأت المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس- بلاسخارت، زيارة إلى إسرائيل في إطار مشاوراتها الدورية مع الجهات المعنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ومن المقرر أن تلتقي هينيس- بلاسخارت بكبار المسؤولين الإسرائيليين لمناقشة آخر التطورات، ولا سيما تلك المتعلقة بتنفيذ القرار 1701 وتفاهم وقف الأعمال العدائية.

أما في المشهد السياسي الداخلي، فبلغت معركة اقتراع المغتربين المتصاعدة بين كتل الاكثرية الضاغطة لتعديل قانون الانتخاب ورئيس مجلس النواب نبيه بري سقفاً غير مسبوق من التحدي و”لي الأذرع “خصوصاً بعد تحولها معركة مكاسرة مباشرة بعنف بين “القوات اللبنانية” وبري خصوصاً. واذ يرجح فشل انعقاد الجلسة التشريعية اليوم بعد إعلان كتل “القوات اللبنانية ” والكتائب والنواب ميشال معوض وفؤاد مخزومي ونعمت افرام ووضاح الصادق، وتوقّع انضمام نواب مستقلين ومن كتل أخرى إلى مقاطعي الجلسة التشريعية.

وتصاعدت حدة المعركة في ظل نبرة سياسية حادة باتت تركّز على مسؤولية بري عن تعطيل الأصول، إذ أصدر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بياناً أمس سأل فيه “كيف يسمح الرئيس بري لنفسه اليوم أن يضرب عرض الحائط باقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي وقّع عليه أكثر من 67 نائباً، أي ما يفوق الأكثرية المطلقة في المجلس النيابي؟ وحتى لو سلّمنا جدلاً بالحجج التي يتذرع بها الرئيس بري، انطلاقاً من تمسّكه بالنظام الداخلي للمجلس النيابي، فإن هذه الحجج تسقط من أساسها، لأن النظام الداخلي نفسه خاضع لإرادة الأكثرية المطلقة التي تصوّت عليه وتعدّله”. واعتبر “أن ما يقوم به الرئيس بري يشكّل مخالفة صريحة لأحكام الدستور والنظام الداخلي واعتداء على حقّ الأكثرية النيابية، وهو أمر لم يعد مقبولاً، لأن أكثرية اللبنانيين تتطلّع إلى قيام دولة فعلية، لا يعيق قيامها وجود سلاح خارجها فحسب، بل أيضاً مثلُ هذه الممارسات التي تتجاهل الدستور والقوانين والأصول والأعراف وإرادة الأكثرية النيابية، وتضرب عمل المؤسسات وفي طليعتها المجلس النيابي. من هنا، أدعو جميع النواب، من مختلف الانتماءات السياسية، إلى عدم حضور الجلسة التي دعا إليها الرئيس بري يوم غد (اليوم) تعبيراً عن الاستياء العام من الطريقة التي يدير بها شؤون المجلس. وننتظر منه خطوة إيجابية أولى، ولو يتيمة، توحي بأنه بصدد تغيير نهجه في إدارة مجلس النواب، وتتمثّل هذه الخطوة بوضع اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة لتكون مناسبة لتصويب المسار، وبتّ اقتراح القانون، والتصويت على سائر القوانين”.

كما اعتبر المكتب السياسي لحزب الكتائب أن “إصرار رئيس المجلس على عدم إدراج مشروع قانون اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على جدول أعمال الجلسة التشريعية يوم الثلاثاء في محاولة مكشوفة لمصادرة اصوات 67 نائباً يطالبون بإدراجه على الهيئة العامة للمناقشة يعد تعديًا على الدستور وإرادة اللبنانيين داخل الوطن وخارجه. وعليه، يعلن المكتب السياسي مقاطعة نواب الحزب للجلسة التشريعية. ويرفض المكتب السياسي التصريحات الصادرة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري التي اعتبر فيها أن إعادة طرح قانون الانتخاب تهدف إلى “عزل طائفة”، معتبرًا أن هذا الكلام خطير ومرفوض شكلًا ومضمونًا”.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى