عون يجرّد بري من ورقة التفاوض

تسارعت التطوّرات السياسية والميدانية في الساعات الماضية والمتصلة بتطبيق قرار حصرية السلاح بيد الدولة. وتصدّر هذه التطوّرات ما أشارت إليه مصادر رسمية لـ “نداء الوطن” إلى أن تكثيف الضربات والغارات الإسرائيلية يأتي ضمن سياق تكثيف الضغط على لبنان. وفي الوقت نفسه، لفتت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية جوزاف عون ماضٍ في التفاوض بعد إجراء مشاورات داخلية ونيله الضوء الأخضر لأنه يريد تجنيب لبنان الحرب، ويرى أن لا حلّ إلّا بالأطر الدبلوماسية الكفيلة باستعادة الأرض وتأمين سلام دائم على الحدود، خصوصًا أن لبنان لن يتنازل عن حقوقه والمبادئ الأساسية التي يضعها.
وعن موقف “حزب اللّه” وحركة “أمل”، أكّدت المصادر أنهما لن يقفا عائقًا أمام هذا الموضوع خصوصًا أن التفاوض هو لاسترجاع الحقوق وليس للتطبيع، والرئيس يعرف جيدًا الطبيعة اللبنانية والحساسيات وهو مؤتمن على الحفاظ على الأرض والشعب، وبالتالي يتصرّف بما تمليه المصلحة الوطنية.
وأتت هذه المعطيات لتزيل التباسًا أثاره سابقًا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ذهب في اتجاه إسقاط توجّه الرئيس عون إلى المفاوضات وقال إنه لم يبق أمام لبنان سوى اعتماد “الميكانيزم” الذي تترأسه الولايات المتحدة الأميركية للإشراف التقني على وقف إطلاق النار في الجنوب.
بري واقتراع المغتربين
سياسيًا، لم يمرّ مرور الكرام موقف الرئيس برّي الذي اعتبر فيه إعطاء الحق للمغتربين بالتصويت للنواب الـ 128 بمثابة “حرب أهلية وعزل للشيعة”. فقد اعتبرت أوساط سياسية عبر “نداء الوطن” موقف بري هذا، رسالة إلى رئيسي الجمهورية والحكومة لأن رئيس الحكومة يعدّ جدول أعمال مجلس الوزراء ويطلع عليه رئيس الجمهورية، وبالتالي فقد رأى بري ولمس أن الأمور ذاهبة باتجاه وضع مشروع القانون المتعلّق بإلغاء المادة 112 على جدول أعمال مجلس الوزراء، وفي حال تمّ وضعه سيتمّ إقراره والتصويت عليه، ثم يحال إلى مجلس النواب حيث الرئيس بري ملزم بطرحه على الهيئة العامة. وإذا ما طرح المشروع على الهيئة العامة ستصوّت الأكثرية في البرلمان على هذا المشروع لجهة إلغاء المادة 112 وتمكين المغتربين من التصويت للنواب الـ 128 وهذا ما لا يريده. وقالت هذه الأوساط: “لم يكن بري ليتخذ هذا الموقف لو لم يشعر بالخطر من تصويت المغتربين الذي سيقلب النتائج ولدى “الثنائي” مخاوف كبرى من تصويت المغتربين ويريد إلغاءه بأي ثمن. وفي المقابل، فإن القوى النيابية التي تريد إلغاء المادة 112 تذهب إلى مزيد من الضغط فتدعم الحكومة في مشروع القانون وفي اتجاه الضغط على بري من أجل أن يضع اقتراح القانون المعجل المكرّر على جدول أعمال أول جلسة تشريعية”.
غارات إسرائيل وتهديداتها
في سياق منفصل، تصاعد التوتر الميداني أمس جنوبًا بعد أن شنت إسرائيل سلسلة عمليات جوية ما أسفر عن سقوط 3 قتلى وعدد من الجرحى.
وكانت مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة تول، مفترق حاروف قرب النبطية، بغارة أدّت إلى مقتل عنصر في “حزب اللّه”، هو حسين العبد حمدان من ميس الجبل وكان أصيب بانفجار أجهزة “البيجر” العام الماضي.
كما أدّت إلى مقتل عباس حسن كركي بصاروخ موجّه عندما كان بسيارته وهو شقيق رضوان كركي والذي قضى في مثل هذه الأيام في حرب الـ 66 يومًا.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن “الجيش هاجم في منطقة النبطية في جنوب لبنان وقضى على عباس حسن كركي مسؤول الشؤون اللوجستية في قيادة جبهة الجنوب في حزب اللّه”.
وتابع “لقد قاد عباس كركي وأشرف على عمليات إعادة إعمار قدرات القتال في “حزب اللّه” وساهم في المحاولات لإعادة إعمار بنى تحتية جنوب نهر الليطاني. كما شغل منصب مسؤول إعمار بناء القوة في “حزب اللّه” وأدار عمليات لنقل وتخزين وسائل قتالية في جنوب لبنان”.
ومساء أمس، أدّت غارة إسرائيلية على سيارة على طريق قعقعية الجسر – زوطر الغربية في منطقة النبطية إلى مقتل أحد الأشخاص.
وفي السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي اختتام قواته، مساء أول من أمس الخميس، “تمرينًا فرقيًا، استمرّ خمسة أيام، بقيادة الفرقة 91، وبقيادة المركز الوطنيّ للتدريب البريّ، في منطقة الحدود اللبنانية”. وذكر الجيش الإسرائيلي أنه تمّ تكييف سيناريوات التمرين مع الوضع العملياتيّ بعد القتال في جنوب لبنان، والذي تضرّرت خلاله القدرات العملياتية لـ “حزب الله”.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لـ “سكاي نيوز عربية”، أمس، إن إسرائيل ترصد محاولات من “حزب اللّه” لترميم كلّ قدراته بما فيها قدراته الاستراتيجية.
وأضاف المصدر: “إما تنزع الدولة اللبنانية سلاح “الحزب” أو نقوم نحن بذلك، نحن نرسل مواقع سلاح ونشاط “الحزب” للجنة التنسيق، وإذا لم تتصرّف نتصرف نحن، أحيانًا عندما يكون هناك تهديد فوري، نهاجمه من دون إرسال تنبيه مسبق للجنة”.
1734 شكوى إسرائيلية بـ “خروقات حزب اللّه”
وكشف المصدر أن إسرائيل قدّمت ما مجموعه 1734 شكوى إلى لجنة وقف الأعمال العدائية مع لبنان، تتعلّق بما وصفته بـ “خروقات حزب اللّه” على طول الحدود. وأوضح المصدر أن الجيش اللبناني طُلب منه التعامل مع 840 شكوى من أصل تلك الشكاوى، مضيفًا أن 452 نشاطًا نفذه “حزب اللهّ” جرى التعامل معها بمبادرة من الجيش اللبناني.
وأشار المصدر إلى أنه في 812 حالة، تمّ رفع الشكاوى للجنة وقف الأعمال العدائية بعد أن تعاملت إسرائيل معها فعليًا ميدانيًا.
كما نقل المصدر عن الجيش اللبناني قوله إنه تمّ التعامل مع 528 شكوى قدّمتها إسرائيل عبر اللجنة المذكورة، في إطار آلية المتابعة الأمنية بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة.
رجي في الناقورة: مصمّمون على حصر السلاح
في سياق متصل، قام أمس وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، يرافقه مدير مكتبه السفير ألبير سماحة ومدير المنظمات الدولية في وزارة الخارجية السفير سليم بدّورة صباح أمس، بجولة تفقدية على متن طوّافة تابعة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، اطّلع خلالها على حجم الدمار الذي خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية في القرى الحدودية، وتفقد الخط الأزرق والنقاط الخمس التي تحتلّها إسرائيل.
وعند وصوله إلى مقرّ القوات الدولية في الناقورة استقبله قائد “اليونيفيل” اللواء ديوداتو أبانيارا ورافقه في جولة ميدانية. وقال رجي: “ما شاهدته يزيدنا تصميمًا على ضرورة تحرير الأراضي اللبنانية ودعم الجيش اللبناني في جهوده لبسط سيادة الدولة وتطبيق القرار 1701، وتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة واستعادة قرار الحرب والسلم”.
واختُتمت الزيارة بمشاركة الوزير رجي في احتفالٍ أقيم في مقرّ القوات الدولية بمناسبة مرور ثمانين عامًا على توقيع ميثاق الأمم المتحدة، حيث وضع إكليلًا من الزهر باسم الشعب اللبناني على ضريح الجنود الذين استشهدوا أثناء أداء مهامهم في لبنان.
بدوره قال قائد “اليونيفيل”: “نواصل العمل إلى جانب الجيش اللبناني من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، ولخلق مساحة يمكن للسلام أن ينمو فيها”.



