فضيحة المياه النظيفة هل تمرّ بلا مساءلة؟ سلام من صيدا: الإعمار والعودة وحصرية السلاح

لم تحجب عودة الاهتمامات الرسمية والسياسية بالملفات “الكبرى”، سواء منها ما يتصل بملف حصرية السلاح في يد الدولة، أو المأزق الآخذ بالتصاعد حيال حسم مصير تصويت المغتربين وتحرير الاستحقاق الانتخابي من حقل الغام يترصده، أو التحفّز للملف المالي المتشعّب الاستحقاقات والموغل بدوره في مستويات من الخطورة، كل هذا لم يحجب ترددات وأصداء وتداعيات “فضيحة” وزارية محققة يتشاطر مسؤوليتها وزيرا الزراعة نزار هاني والصحة العامة ركان ناصر الدين مهما سيقت تبريرات للتخفيف من وطأتها. فأن تأتي النتائج المخبرية أمس كما أعلن وزيرا الزراعة والصناعة كل من جانبه، ومن ثم صدر بيان رسمي مسائي عن وزارة الصحة، أكد سلامة ونظافة “مياه تنورين” و”تبرئتها” من وصمة التلوث بعدما كاد تشهير بها يفضي إلى انهيار وإقفال شركة وطنية تضم مئات العاملين والموظفين، فهو أمر من غير الجائز التسامح بمروره من دون مساءلة في الحدود الدنيا للمساءلة الشفافة إذا أتيح لمعايير الشفافية التي تعلن الحكومة التزامها أن تنفذ. هذه الفضيحة أخذت جانباً غير مسبوق من انشغالات الرأي العام في ظل الخوف البديهي من شبهة التلوث أولاً، وتالياً فتحت ملف إدارة قضايا الرقابة الصحية على كل المنتجات، ولكن الحسم الإيجابي للفحوص المخبرية أعاد فتح ملف آخر هو”الإخفاق الوزاري” في إدارة مسالة تتصل بالصحة العامة كما ينبغي إدارتها بما لا يمكن معه السكوت عن المساءلة.
أما بالعودة إلى المشهد السياسي، ومع أن المواقف الرئاسية والسياسية يغلب عليها التأثر بتطورات “الحل الغزاوي” والتعامل مع يوميات الغارات الإسرائيلية على الجنوب والحدود الشرقية للبنان مع سوريا والبقاع الشمالي، فإن التوترات المتصلة بمأزق قانون الانتخاب تبدو مرشحة للتصاعد الحاد تباعاً. وسيتجه الكباش حول موضوع اقتراع المغتربين إلى مزيد من الاستقطابات بعدما وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى أولى جلسات العقد الثاني العادي للمجلس في 21 من الجاري لانتخاب هيئاته ولجانه، إذ يتوقع احتدام الصراع حول عقد جلسة لحسم الخلاف، فيما يتسرب اتجاه إلى التهرب من عقد جلسة مماثلة والتذرع بإلزامية مناقشة الموازنة قبل أي أمر آخر مما يرحل الخلاف إلى وقت يستحيل معه أي إلغاء للبند الوارد في القانون، والذي ينص على اعتماد ستة نواب لتمثيل المغتربين في أنحاء القارّات الست.
الجديد في هذا السياق أعلنه النائب غسان سكاف أمس بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة، حيث قال: “بالنسبة للانتخابات النيابية كان هناك تشديد من الرئيس بري على إجراء الانتخابات النيابية في أيار المقبل، ولكن يبدو أنه سيكون هناك اتجاه إلى إلغاء اقتراع المغتربين للنواب الـ6 وللنواب الـ128، وإذا كان هذا ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، طلبت من الرئيس بري أن نرجئ الانتخابات النيابية لبضعة أسابيع ليتسنى للمغتربين الاقتراع والمجيء إلى لبنان من أجل الاقتراع وقضاء فرصة الصيف”. وسيجتمع سكاف اليوم مع قائد الجيش للبحث في تحويل مطار رياق إلى مطار تجاري بعدما أنجز ملف هذا المسعى ويعرضه على الرؤساء الثلاثة.
وفي السياق الانتخابي، أوضح وزير الخارجية يوسف رجي أنه أحال إلى الحكومة مشروع قانون إلغاء المادتين المتعلقتين باقتراع المغتربين بعدما وصل النقاش إلى طريق مسدود، معتبراً أن خطوته جاءت انطلاقاً من واجبه القانوني والدستوري بعيداً من أي اعتبار سياسي، ونفى أن يكون نسّق مسبقاً مع رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة في هذا الأمر. وطمأن المغتربين بأنهم سيتمكنون من الاقتراع في لبنان في حال إلغاء اقتراعهم بصيغتي المقاعد الستة وعدم السير بخيار الـ128 نائباً.
في غضون ذلك، يتوجه رئيس الجمهورية جوزف عون الأحد المقبل إلى روما التي توجّه إليها أمس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للمشاركة في احتفال تقديس المطران اغناطيوس مالويان. وغداة إعلانه موقفاً لافتاً من الاستعداد للتفاوض مع إسرائيل، قال رئيس الجمهورية خلال استقباله أمس وفدًا من الحزب الشيوعي اللبناني: “أنا مؤتمن على هذا البلد، وأيّ وسيلة تُساهم في راحته، وتُبعد عنه شبح الحرب، وتُؤمّن تحرير الجنوب وإعادة الإعمار، فأنا مستعدّ للقيام بها”. وفي السياق، أبلغ عون إلى قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” الجنرال ديوداتو ابانيارا أن “عديد الجيش الموجود جنوب الليطاني سوف يزداد تباعاً حتى يصل إلى نحو 10 آلاف عسكري مع نهاية السنة لتحقيق الأمن والاستقرار على طول الحدود الجنوبية بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي تحتلها، وسيعمل الجيش مع “اليونيفيل” على تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، إضافة إلى تسلمه كل المواقع التي تشغلها القوات الدولية عند بدء انسحابها التدريجي من الجنوب حتى نهاية العام 2027″.
الملفات الإعمارية والإنمائية والسياسية حضرت في مواقف رئيس الحكومة نواف سلام التي أطلقها خلال جولة واسعة قام بها أمس في صيدا للمرة الاولى منذ تشكيله الحكومة، وكانت لافتة الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها في كل محطات جولته. وأكد سلام الذي استذكر كبار رجالات الدولة والسياسة من أبناء صيدا أنه “في ضوء هذه التطوّرات الإقليمية والدولية، ولا سيّما ما عبّرت عنه اللقاءات الأخيرة، ومنها مؤتمر شرم الشيخ من مؤشراتٍ على مرحلةٍ جديدة، يؤكد لبنان تمسّكه بموقعه ودوره الطبيعي في محيطه العربي والدولي، على قاعدة المصلحة الوطنية التي يجب أن تبقى البوصلة والميزان لكل السياسات والمقاربات”. وقال: “ما أظهرته هذه المرحلة يؤكّد أنّ الدول التي تُحسن قراءة التحوّلات التي تشهدها منطقتنا هي وحدها القادرة على حماية مصالحها وصون أمنها”. وشدّد على أن “بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية حصراً، كما نص عليه اتفاق الطائف، ليس مطلبًا سياسيًا فحسب، بل هو شرط وجودها كدولة. وكما نحن ملتزمون حصر السلاح بيد الدولة كما جاء في خطاب القسم لفخامة الرئيس وفي البيان الوزاري لحكومتنا، فنحن ملتزمون أيضاً بمسيرة الإصلاح في كل مجالاتها: المالية، والإدارية، والقضائية. فالدولة لا تُصلَح بالشعارات، بل بإرادة واضحة ومؤسسات فاعلة وقوانين تطبّق على الجميع دون تمييز. فلا أحد يجب ان يبقى فوق القانون، والدستور”. وتابع “فلنكمل مسيرة الإصلاح معاً، ولنعمل أيضاً على التمسك بديموقراطيتنا وتجديد حياتنا السياسية، فنجري الانتخابات النيابية في موعدها ولا نقبل بأي تأجيل لها”.
وكرّر متوجهاً “من صيدا إلى كل أهلنا في الجنوب، إنّ العودة والإعمار توأمان لا يفترقان. وهذا التزام ثابت مني ومن الحكومة. لكن الصراحة تقتضي الاعتراف أن ما كنا ننتظره من مساعدات لإعادة الإعمار قد تأخر لأسباب لم تعد تخفى على القاصي والداني. ولكن هذا لن يثنينا عن الاستمرار في السعي الدؤوب مع أشقائنا وأصدقائنا لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى تأمين التمويل اللازم لإعادة الإعمار والعودة الآمنة والمستدامة لأهلنا إلى قراهم وبلداتهم الجنوبية المدمّرة”. واضاف: “كونوا على ثقة أن حكومتنا مصرة على التمسّك بحق كل اللبنانيين، ولا سيما أبناء الجنوب والبقاع والضاحية، بالعودة الكريمة إلى بيوتهم ومنازلهم وإعادة إعمارها، وهي تعتبر أنّ حق العودة والإعمار هذا ليس منّة من أحد، بل هو التزام وطني”.
على الصعيد الميداني، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي أمس سلسلة غارات واسعة بدأها على منطقة بين بلدتي رومين وحومين وخربة دوير بين الصرفند والبيسارية.
كما أغار على وادي كفروة زفتا وعلى منطقة بين النميرية وكوثرية السياد واستهدف في بنعفول منزلين تم استهدافهما سابقًا.
ومساء شنّ غارة على بلدة شمسطار غرب بعلبك لم تؤد إلى إصابات. ثم أغار على منطقتي علي الطاهر والكوثرية.