
في تجاهل مثير «للغضب»، غاب اي تعليق في جلسة الحكومة على جريمة «اسرائيل» الموصوفة ضد جريح «بايجر» وزوجته في بلدة زبدين الجنوبية، وما تلاها من غارات عنيفة بقاعا، فيما حضر تعليق العمل «بالعلم والخبر» لجمعية «رسالات» كمخرج يحفظ «ماء» رئيس الحكومة نواف سلام، ولا «يكسر الجرة» مع حزب الله، في تسوية سعى اليها رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي سعى الى «فض الاشتباك» بقرار الاحتواء، مستغلا الاجواء السعودية الراغبة بعدم حصول تصادم بينه وبين الرئاسة الثالثة. فكانت صيغة الحل التي «تبرّد الاجواء»، وتساهم في ترميم العلاقة التي اهتزت على خلفية التعيينات، وتعرضت لازمة ثقة متبادلة على خلفية فعالية «الروشة»، وما تلاها من تشكيك في المؤسسات الامنية التي رسم من حولها الرئيس «خطا أحمر».
تقرير ممتاز
في هذا الوقت، حضر تقرير الجيش الاول حول «حصرية السلاح» على طاولة مجلس الوزراء، وقدم قائد الجيش العماد رودولف هيكل تقريرا مفصلا «وممتازا»، باجماع غالبية الوزراء، شارحا العملية السلسلة لتنفذ مهام القوى العسكرية في جنوب الليطاني، مشيدا بتعاون اهالي الجنوب مع خطة الجيش الميدانية، التي تعهد بان تنتهي في وقتها المحدد، الا ان الثغرة الوحيدة تبقى قوات الاحتلال الاسرائيلي، واحتلالها للاراضي اللبنانية، والاعتداءات المستمرة التي تعيق استكمال الجيش لمهامه.
ووفق مصادر متابعة، لم يتطرق قائد الجيش إلى أي عمليات للقوات العسكرية شمال الليطاني، لكنه تحدث عن الاجراءات المتخذة في المخيمات الفلسطينية، بعد قيام بعض الفصائل بتسليم بعض اسلحتها، وكذلك السيطرة العملانية للجيش على مداخل تلك المخيمات، كما شرح آليات عمل الجيش في مسألة احتواء السلاح في الاراضي اللبنانية.
وقد اكدت مصادر عسكرية ان العائق الوحيد جنوب الليطاني، هو الاحتلال وعدم التزام «اسرائيل» بتنفيذ 1701، في ظل تعاون واضح من قبل المقاومة.
هيكل يثير «حفيظة» سلام!
وفي موقف لافت اثار «حفيظة» رئيس الحكومة نواف سلام، اكدت مصادر وزارية انه في ضوء شرح قائد الجيش للتفاعل بين عناصر وضباط الجيش والاهالي في الجنوب، توسع هيكل بالشرح، ودعا الدولة بأجهزتها الحكومية الى تفعيل وجودها وحضورها جنوبا.
ووفق المعلومات، فان قائد الجيش من خلال زيارته المتكررة الى الجنوب، وبعد سلسلة من التقارير الاستخباراتية، تكوّن لديه انطباع بوجود غياب شبه تام للدولة في المناطق الجنوبية، وهو امر يهز الثقة بين الناس والحكومة، ويترك هوة كبيرة لا تساعد في احتضان البيئة الجنوبية، التي ترى انها متروكة في لحظات عصيبة، وهو يعتقد انه لا يكفي البناء فقط على ان العلاقة بين الجيش والاهالي جيدة، بل يجب ان تكون الدولة بخدماتها حاضرة كي تستقر الاوضاع.
لماذا حضر وزراء «الثنائي»؟
وفيما وصف وزير الثقافة غسان سلامة تقرير الجيش «بالممتاز»، عللت مصادر وزارية حضور الوزراء المحسوبين على «الثنائي»، وعدم الانسحاب من الجلسة اثناء عرض قائد الجيش للخطة، باقتصارالعرض على منطقة جنوب الليطاني، وهو امر لا خلاف عليه مع باقي اعضاء الحكومة، والمقاطعة في المرات السابقة كانت اعتراضا على طرح ملف «حصرية السلاح» على كامل الاراضي اللبنانية، وهو ما يجب ان يبحث ضمن استراتيجية الدفاع الوطني.
خلاف بين سلام و«القوات» و«الكتائب»
وفي ملف الانتخابات، بات واضحا ان رئيس الحكومة نواف سلام غير راغب في الدخول في صراعات داخلية حول القانون، وعلى الرغم من ضغوطات وزراء «القوات» و «الكتائب»، تمسك بموقفه الرافض التدخل في التشريع، ورمى «الكرة» مجددا في «ملعب» مجلس النواب.
وقد عبرت مصادر مقربة من «الثنائي المسيحي» عن خيبة املها، وعدم فهمها لحقيقة موقف سلام الذي لا يريد ان يحرج رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومنحه القدرة على الامساك بمفاتيح «الحل والربط» في الملف الانتخابي. وتوقعت المصادر ان تكون الايام المقبلة حافلة بالاتصالات على اعلى المستويات مع رئيس الحكومة لمحاولة ثنيه عن قراره، وعندئذ «يبنى على الشيء مقتضاه».
«تربيح جميلة»؟!
ففي موقف يرقى الى «مستوى»تربيح الجميلة» بعدم حل جمعية «رسالات»، اعلن وزير الاعلام بول مرقص بعد جلسة الحكومة، ان الاكثرية الوزارية كانت متوافرة لحل الجمعية، لكن رئيس الحكومة ارتأى تعليق عملها ريثما تنتهي التحقيقات. بينما تشير الوقائع ان ما حصل جزء من مخرج عمل عليه رئيس الجمهورية، لعدم كسر هيبة سلام، وعدم تفجير الموقف مع «الثنائي»، فكان هذا الحل على طريقة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، علما انه لو تم سحب الرخصة، لكان الطعن امام مجلس شورى الدولة مضمون النجاح ، لعدم توافر المعطيات القانونية التي تجيز ذلك.
اين المعيار القانوني؟
لكن الحل جاء بالسياسة وبالقانون. وقد سجل وزير الصحة تحفظه عن القرار وتساءل «كيف يمكن تعليق عمل جمعية قبل صدور نتائج التحقيق؟ واذا كنا دولة مؤسسسات، يجب صدور نتائج التحقيق، وبعدها نتخذ القرار؟!.. بدوره، لفت وزير الداخلية أحمد الحجار الى «اننا أجرينا تحقيقًا عدليا بما حصل أمام صخرة الروشة، وكنا قادرين على سحب الترخيص، لكن رئيس الحكومة رأى تعليق عملها مؤقتا إلى حين انتهاء التحقيقات». واكد ان رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء «حريصون على وحدة الحكومة ووحدة السلطة السياسية ووحدة اللبنانيين».
وفي هذا السياق، لفت مصدر حكومي الى ان ملف مطمر الجديدة الذي طرحته وزيرة البيئة تمارا الزين من خارج جدول الاعمال، قد اخذ نقاشا اكثر حدية من نقاش ملف «رسالات»، ولهذا سحب من الجلسة بعدما بلغت الانقسامات ذروتها.
«رسالات»: لا نريد استفزاز أحد
وبالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، أعلنت الجمعية اللبنانية للفنون «رسالات» أنّها لا تسعى «إلى استفزاز أو تحدّي أحد في أيّ نشاط أو مشروع»، وقالت: «لسنا من أخذ نشاط الروشة إلى منحى سياسي»، مؤكدة أنّ نشاطها مستمر، و«نحن بصدد الإعلان عن عدد من الفعاليات المهمة بأسرع وقتٍ ممكن».
وأضافت خلال فعالية تضامنية معها أقيمت في قاعتها بالغبيري: «سنتابع الموضوع القانوني حتى النهاية، ونعول على حرص الوزارة المختصة على حماية حق التعبير وبخاصة وزارة الثقافة». وأكدت أنّ «كل ما يحدث لا يزيدنا إلا إصراراً وسعياً، فمن يحمل قضية مقدسة كالتي نحمل لا يتعب».
الانتخابات في موعدها
واعلن وزير الإعلام بول مرقص اثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء، ان «مجلس الوزراء قرر تعليق العمل بالعلم والخبر الذي منح لجمعية «رسالات»، ولفت الى ان «الرئيسان عون وسلام متمسكان بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، لكن على المجلس النيابي اختيار القانون الانتخابي المناسب، وكل ما يشاع عن تأجيل الانتخابات غير صحيح».
الخطة سرية
وقال: إن مجلس الوزراء قرر الإبقاء على مضمون خطة الجيش وبقاء المداولات سرّية، على أن يستمر الجيش في رفع تقريره الشهري إلى الحكومة. واشار الى ان «مجلس الوزراء اطلع على التقرير الشهري للجيش بشأن حصرية السلاح في البلاد. ولفت الى ان «الرئيس عون تطرق في مستهل الجلسة إلى الملفات الحياتية، وتمنى على وزارة الأشغال أن تبذل جهدها لتجنب ما يحصل كل عام في الشتوة الأولى، وتمنى على وزارة السياحة البدء بالتحضير لموسم الاعياد»، وقال «إننا مقبلون على عدد من الاستحقاقات، منها المؤتمر الاقتصادي وزيارات مهمة لمسؤولين عرب وأجانب».
جريمة اسرائيلية جديدة
وفي جريمة موصوفة، استهدفت مسيّرة لقوات الاحتلال، سيارة على طريق زبدين في منطقة النبطية، وأدت إلى سقوط شهيدين وإصابة 4 آخرين بجروح، والغارة تسببت باستشهاد حسن عطوي وهو مصاب «بايجر» وفاقد النظر، مع زوجته زينب رسلان التي كانت تقود السيارة، وهما فقدا ولديهما مع بداية «حرب الاسناد»، بينما تيتم 3 آخرون كانوا في المدرسة لحظة استشهاد ذويهم.
علما ان صور الكاميرات الموجودة في المكان، اظهرت ان المسيرة تقصدت استهداف السيارة لدى عودة زينب من احد المتاجر، وسط حشد من المواطنين. وادعى جيش الاحتلال ان عطوي الذي كان يشكل عنصرا مركزيا في وحدة الدفاع الجوي لحزب الله، أشرف على عمليات إعادة الإعمار وجهود التسليح في وحدة الدفاع الجوي لحزب الله، وكان مركز خبرة مهم فيه، بالإضافة إلى تورطه في علاقات مع قادة الوحدة في ايران.
اما بقاعا، فاستهدفت سلسلة غارات معادية بعد الظهر، زغرين وجرود حربتا ومرتفعات بين جرود حربتا وشعت وجرود الهرمل. وزعم جيش العدو ان هدف الضربة على لبنان هو معسكرات تدريب لقوة الرضوان.
حزب الله يلوم الحكومة
واكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» علي فياض أن اغتيال العدو الإسرائيلي لمواطنٍ لبنانيٍّ كفيفٍ من مصابي مجزرة البايجر، عبر استهدافه المتعمّد برفقة زوجته أثناء وصولها إلى سيارتها، هو إمعانٌ في ممارسات التوحّش التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، دون أي اكتراثٍ لأدنى مستوى من المعايير والضوابط الإنسانية».
أضاف «يجب أن تشكل أولوية للسلطة والمسؤولين جميعا، بدل لجوء بعض أهل السلطة إلى التلهي بافتعال مشكلات جانبية وإثارة قضايا هامشية، والإصرار على سياسة تفجير التناقضات الداخلية وتعميق الخلافات وإثارة مناخات التوتير، التي لا تخدم سوى الخارج الذي يتربص شرّا بلبنان». وتابع :»إن الحكومة مطالبة بالقيام بواجبها تجاه المواطنين ديبلوماسيا على الأقل، في سبيل ردع العدو»؟ وختم: «المطلوب أن تُترجم هذه الأقوال إلى أفعال، وأن تبادر الحكومة إلى اتخاذ كل الخطوات المطلوبة لحماية المواطنين، إذ لا يجوز أن يستمر العدوّ في قتل المدنيين اللبنانيين دون حسيب أو رقيب».
«القوات» والخديعة؟
في المقابل، أوضح عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص أنّ «استراتيجية الامن الوطني يتمّ وضعها بعد عملية تسليم السلاح، وفرض الدولة سيادتها على كامل الاراضي اللبنانية وليس قبلها، لمناقشة كيف يجب أن نتعايش مع السلاح غير الشرعي، فهذه خدعة ومناورة كبيرة، لن تمرّ على أحد ولن نقبلها إطلاقاً». وقال «هناك اليوم تناقض بين خطابَين: الخطاب الرسمي للدولة، والذي تمثّل بالقرارات التي اتخذتها الحكومة في 5 و 7 آب بنزع الصفة القانونية عن السلاح غير الشرعي، والبدء بجمعه وحصره بيدها، والخطاب الآخر الذي يصدر مؤخراً عن حزب الله والثنائي الشيعي ومفاده أننا أعدنا بناء قدراتنا واستعدنا قوّتنا وعافيتنا، فمن نصدّق في هذا الوضع»؟