مقالات خاصة

ترامب بين حماس وتل أبيب: هل يقترب حلم نوبل؟

كتب عمر بلح لقلم سياسي،

منذ أن خرج دونالد ترامب من البيت الأبيض، لم يتوقف عن التذكير بما يعتبره “إنجازات تاريخية” في مسار السلام العالمي. أبرزها “اتفاقيات أبراهام” التي فتحت الباب أمام تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. بالنسبة له، كان ذلك كافيًا ليضع اسمه على لائحة الحائزين على جائزة نوبل للسلام. لكنه، حتى اللحظة، ما زال يطارد هذا الحلم دون أن يلمسه.

ومع الإعلان عن اتفاق – ولو شفويًا – بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، يعود السؤال إلى الواجهة: هل يقترب ترامب خطوة إضافية نحو الجائزة التي لطالما اعتبرها “مستحقة” له؟

الواقع أن أي تسوية، ولو مؤقتة، في واحدة من أعقد بؤر الصراع في العالم، تُعطي دفعة معنوية لكل من ساهم أو ادّعى أنه ساهم فيها. لكن، هنا تكمن المفارقة: ترامب لم يكن لاعبًا مباشرًا في التفاهم الأخير. غير أن صورته الذهنية في الوعي الأميركي، وحتى في جزء من الرأي العام العالمي، لا تزال مرتبطة بمحاولة تقديم “صفقة القرن” كحل نهائي للنزاع الفلسطيني–الإسرائيلي. هذه المحاولة، رغم فشلها الميداني، صنعت لدى أنصاره قناعة بأن الرجل قادر على ما لم يقدر عليه أسلافه.

إن عودة الحديث عن تهدئة بين حماس وإسرائيل، في ظل أجواء إقليمية مضطربة، تُعيد فتح الباب أمام سردية “ترامب صانع السلام”. حتى لو لم يكن حاضرًا على الطاولة، فإن ماكينة دعايته ستجد في أي هدنة فرصة لتجديد الخطاب: “انظروا، كل ما يجري اليوم هو نتيجة المسار الذي بدأتُه أنا”.

لكن السؤال الأعمق: هل جائزة نوبل تُمنح لمن “يصنع صورة” أم لمن “يصنع واقعًا”؟ تجربة التاريخ تقول إن لجنة نوبل لا تكافئ الخطابات ولا الصور الإعلامية بقدر ما تكافئ التحولات البنيوية في مسار الصراع. وفي الحالة الفلسطينية–الإسرائيلية، ما زال الاحتلال قائمًا، والاستيطان يتوسع، وغزة تنزف. فكيف يمكن الحديث عن سلام، فضلاً عن مكافأته بجائزة عالمية؟

مع ذلك، لا ينبغي الاستهانة بقوة الرمزية في السياسة الأميركية. ترامب يعرف أن كل اتفاق، حتى لو كان هشًا أو شفويًا، يمكن توظيفه لصالحه في معركته الانتخابية المقبلة. وإذا تمكن من إقناع قاعدته أن “العالم يتجه نحو رؤية ترامب”، فإن حلم نوبل سيتحول من مجرد جائزة دولية إلى ورقة ضغط داخلية على خصومه في واشنطن.

خلاصة القول: الاتفاق بين حماس وإسرائيل، إن كتب له الاستمرار، لن يقرب المنطقة من سلام عادل، لكنه قد يقرب ترامب من حلمه الشخصي. والفرق كبير بين الاثنين.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى