محليمقالات

تعطيل التشريع ضربة أولى للعهد … وغراهام: لتطّبعوا انزعوا سلاح الحزب

فيما لبنان والمنطقة والعالم يترقّب ما سيكون عليه ردّ حركة «حماس» على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة، بعدما وافقت إسرائيل عليها، وإمهال الحركة 4 أيام للردّ تحت طائلة أنّ «إسرائيل ستفعل ما يلزم»، بدأت بعض الجهات حملة تهويل في لبنان، من أنّ إسرائيل في صدد التحضير لعدوان واسع عليه. فيما أكّد مصدر سياسي بارز لـ»الجمهورية»، انّ «هذه التهديدات دائماً في الحسبان، لكن لا مؤشرات جدّية إلى عدوان واسع على شاكلة حرب العام الماضي، إنما احتمال التصعيد وارد عبر تكثيف الضربات والاستهدافات». مستبعداً «أن يدعم الأميركي- ضابط الإيقاع حالياً- حرباً شاملة في لبنان، لا مصلحة له فيها بعدما أصبح تحت وصايته».

لم تكن مقاطعة الجلسة النيابية مفاجئة في ساحة النجمة. إذ علمت «الجمهورية» انّ معلومات تواترت منذ أيام إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عن وجود نية لدى قوى سياسية وعلى رأسها «القوات اللبنانية» لمقاطعة الجلسات. وهذا ما أكّده مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية»، كاشفاً أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اتصل منذ أيام برئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، طالباً منه الاتفاق مع «القوات» وحزب «الكتائب» وكتل أخرى على مقاطعة جلسات الهيئة العامة، للضغط في اتجاه تعديل قانون الانتخاب وفرض الأمر على رئيس المجلس نبيه بري، لكن جنبلاط رفض وأكّد له انّه ضدّ المقاطعة وتعطيل المجلس.

وسأل المصدر: «لماذا «القوات اللبنانية» بالتحديد تقاطع، وقد سبق وكان رأيها على لسان رئيس كتلتها «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان خلال اجتماعات اللجنة الفرعية المختصة وفي المداولات، أن ينتظر مجلس النواب مشروع قانون من الحكومة، «شو عدا ما بدا»، يقول المصدر متسائلاً، «هل أخذ جعجع ومعه «الكتائب قراراً بعرقلة التشريع؟ ولمصلحة من؟». وأضاف: «في مرحلة الفراغ الرئاسي كان التشريع عالقطعة، والحضور وتأمين النصاب حسب الملف وشعبويته، وكان الرئيس بري يراعي الظروف ويتجاوب في بعض شروط الجدول لحساسية الفراغ الرئاسي في سدّة الرئاسة الأولى، أما اليوم فلماذا الاشتراط، بعد انتظام عمل المؤسسات؟ ولماذا أخذ الخلاف إلى مكان آخر؟ فهل ضرب التشريع هو مقدّمة لضرب العهد؟».

وحذّر المصدر من «أنّ شلل التشريع سيصيب البلد ويسيء إلى سمعة لبنان لدى المجتمع الدولي الذي ارتاح إلى إعادة بناء الدولة، وخصوصاً في ما يتعلق بالقوانين الإصلاحية، التي تغنّى العهد والحكومة بإنجازها في أقل من سنة، ولا سيما الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي قبل توقيعها، فقانون هيكلة المصارف يفترض أن يعود إلى المجلس النيابي بعد التعديلات التي أجرتها الحكومة عليه، وكذلك قانون استقلالية القضاء الذي ردّه رئيس الجمهورية، وقانون الفجوة المالية الذي يُحضّر حالياً، وقوانين إصلاحية أخرى واتفاقيات مع البنك الدولي وغيرها، ماذا سيكون مصيرها؟ الواضح أننا دخلنا كباشاً سياسياً حاداً من باب تعطيل المجلس النيابي. ولن تُعالج الأمور إلّا بحل سياسي شامل لا أفق له حالياً».

وإلى ذلك، قالت أوساط سياسية لـ«الجمهورية»، إنّ «قرار عدد من القوى السياسية باعتماد خيار مقاطعة التشريع للضغط في ملف تعديل قانون الانتخاب، إنما هو خلط للحابل بالنابل وتهديد لمصالح الناس والدولة». واستغربت «ضعف الحس بالمسؤولية لدى البعض في هذه المرحلة المفصلية، منبّهة إلى أنّ مقاطعة جلسات التشريع من شأنها ليس فقط أن تفاقم الأزمة الداخلية، بل هي تعطي أيضاً إشارة سلبية إلى الخارج الذي يشدّد في مقاربته للوضع اللبناني على ضرورة انتظام نشاط المؤسسات الدستورية ووجوب إنجاز القوانين الإصلاحية، لإعادة بناء الثقة بينه وبين الدولة اللبنانية». وأشارت الأوساط إلى خطورة اتباع سياسة التعطيل وشل السلطة التشريعية لانتزاع تعديلات على قانون الانتخاب، يُراد لها أن تكون مفصّلة على قياس جهات سياسية محدّدة. ولفتت إلى انّ التعديل المقترح لمادة تصويت المغتربين يتجاهل حقيقة انتفاء تكافؤ الفرص بين المرشحين، وعدم المساواة بين الناخبين في الخارج، نتيجة افتقار «الثنائي الشيعي» وبيئته في دول الإغتراب إلى مساحة الحرية التي يملكها خصومه.

مؤشرات سلبية

وأكثر من ذلك، تقرأ مصادر سياسية مجموعة مؤشرات سلبية تلاحقت على الساحة الداخلية بشكل متزامن، في الفترة الأخيرة، على مستويات مختلفة سياسية واقتصادية وأمنية. ففيما اضطرب بقوة مستوى التضامن بين أركان الحكم، على خلفية ما جرى في الروشة، لوحظت عودة التوتر والتعطيل إلى عمل المؤسسات، وتحديداً المجلس النيابي الذي لم يشهد توترات كالتي شهدها أمس منذ مدة طويلة.

لكن الأسوأ هو اتجاه الجهات والدول المانحة إلى تجميد أي رغبة في تقديم المساعدات إلى لبنان، بما في ذلك الجيش اللبناني. ويتردّد أنّ المؤتمر الذي كان يجري الحديث عن عقده لدعم الجيش، في فرنسا ثم في المملكة العربية السعودية، قد بات غير مؤكّد. وزاد من رمادية المشهد ما أعلنه صندوق النقد الدولي من انتقادات لاذعة للمشاريع التي أقرّها لبنان أخيراً، بما في ذلك مشروع قانون موازنة 2026.

وربطت مصادر سياسية بين هذه السلبيات كلها ومناخ التأزيم السياسي الداخلي. كما أنّ عودة المقاطعة الخارجية للبنان ترتبط بالمراوحة في ملف حصر السلاح بيد الدولة. والأسوأ هو ما يمكن أن ينتظر لبنان من جانب إسرائيل، إذا كان صحيحاً أنّ رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو قد عاد من لقاءاته الأميركية بتغطية للتصعيد على مختلف الجبهات.

غراهام و«الحزب»

ولفت في هذا المجال قول السيناتور الأميركي ليندسي غراهام في منشور له أمس، إنّ التطبيع في الشرق الأوسط لن يكون ممكناً بوجود «حزب الله»، قائلا: «لا يمكن التطبيع في الشرق الأوسط إلّا بإبعاد «حزب الله» عن طاولة المفاوضات». وأضاف: «لا يمكن لشرق أوسط أن يكون طبيعياً بوجود «حزب الله»، لأنّ هذا الحزب هو جماعة إرهابية متعصبة دينياً، يدها ملطخة بدماء الأميركيين، وهي ملتزمة بتدمير إسرائيل». وخاطب غراهام دول المنطقة قائلا: «إذا كنتم تريدون التطبيع، فانزعوا سلاح حزب الله بطريقة أو بأخرى».

عون وخطة ترامب

في غضون ذلك، رحّب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، منوّهاً بـ«جهوده المبذولة لإنهاء معاناة المدنيين والأبرياء في القطاع، وحقن الدماء والعمل المشترك من أجل شرق أوسط مستقر ومزدهر، استناداً إلى مبادئ العدالة الإنسانية والكرامة البشرية».

وأجرى عون محادثات مع القائم بالأعمال الأميركي Keith Hanigan تناولت التطورات الأخيرة ومبادرة ترامب في شأن غزة. وأمل في أن تلقى تلك الخطة موافقة المعنيين بها في أسرع وقت ممكن، منوّهاً بـ«المقاربة الواقعية التي اعتمدتها في معالجة المسائل الخلافية والإشكالية».

رسالة قطرية

من جهة أخرى، تلقّى الرئيس عون رسالة من امير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نقلها اليه السفير القطري في بيروت الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، أعرب فيها عن تقديره «للدور الوطني الذي يضطلع به الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار». وقال: «نؤكّد لكم أننا نولي أهمية خاصة لدعم المؤسسات الوطنية اللبنانية، وفي طليعتها الجيش، وإدراكاً منا لحجم المسؤوليات التي يتحمّلها في هذه المرحلة الدقيقة، فإننا ندعم المهام التي يقوم بها، لاسيما تلك التي تساهم في تنفيذ القرار 1701، الذي يشكّل أساساً لحفظ الاستقرار في لبنان والمنطقة. وستظل دولة قطر حريصة على الوقوف إلى جانب الجمهورية اللبنانية وشعبها الشقيق، وستواصل دعمها للمسارات التي تسهم في تعزيز أمنها».

«قطوع» الروشة

من جهة ثانية، سُجّل أمس تطويق رئاسي لذيول واقعة صخرة الروشة، من خلال لقاءات ومشاورات بين الرؤساء الثلاثة، وتمّ الاتفاق على استيعاب ما حصل والعمل بهدوء وعقلانية مع كل القضايا، خصوصاً في ظل الظروف الحساسة التي تمرّ فيها البلاد. واعتبار ما حصل «قطوع ومرق».

وقد زار رئيس الحكومة نواف سلام الرئيس عون، وعرضا للأوضاع العامة في البلاد ونتائج اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية في نيويورك، خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وتطرّق البحث إلى الوضع الداخلي وسبل معالجة ما حصل في منطقة الروشة قبل أيام.

وبعد اللقاء لم يدلِ سلام بأي تصريح، وغادر القصر الجمهوري متوجّهاً الى مقر المجلس النيابي في ساحة النجمة، حيث كان له لقاء مع بري على هامش الجلسة التشريعية التي لم تنعقد لعدم اكتمال نصابها، حيث حضر 48 نائباً دخلوا إلى القاعة العامة، وبعد انتظار أُعلن إرجاء الجلسة إلى موعد لم يحدّد. إذ قاطع الجلسة نواب حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» وكتلة «الاعتدال الوطني» وبعض المستقلّين والتغييريين.

الجيش

وغادر أمس وزير الدفاع ميشال منسى ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي إلى الرياض، للمشاركة في المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2025 الذي يُعقد يومي 1 و2 تشرين الاول 2025، في العاصمة السعودية. وأشارت معلومات، أنّه لم يُعرف ما إذا كان منسى وقهوجي سيتطرقان أثناء وجودهما في الرياض إلى ملف مؤتمر دعم الجيش المزمع عقده قريباً في الرياض.

وفي هذه الأثناء، تفقَّدَ قائد الجيش العماد رودولف هيكل قيادة لواء المشاة السادس في ثكنة محمد مكي – بعلبك، واطّلع على الأوضاع العملانية في قطاع مسؤولية اللواء، واستمع إلى إيجاز عن مهمّاته والصعوبات التي يواجهها، مثنياً على جهود عناصره.

كما زار عدداً من مراكز اللواء، والتقى الضباط والعسكريين، مشيداً بأدائهم لملاحقة المطلوبين والمخلين بالأمن، ومكافحة العصابات الإجرامية على أنواعها، بخاصةٍ التي تعمل على الإتجار بالمخدرات وترويجها.

واعتبر هيكل أنّ نجاح الجيش في مهمّاته يعود إلى تحلّيه بالحكمة والاحتراف، وولائه الثابت للبنان، وثقة اللبنانيين به، لافتاً إلى أنّ المتورطين في الجريمة لا يمثلون إلاّ أنفسهم، وأنّ أفعالهم مرفوضة تمامًا من قبل جميع اللبنانيين». وتوجّه إلى العسكريين قائلاً: «إنني أعتز بمهنيتكم وولائكم الصادق للمؤسسة، واللبنانيون جميعًا يقدّرون عاليًا ما تبذلونه من تضحيات من أجل أمنهم ومستقبل أبنائهم». وأضاف: «أمن الوطن أمانة في أعناقنا، وقيادة الجيش ملتزمة بقدسية مهمتها، وحريصة على المصلحة الوطنية وعلى أمن جميع اللبنانيين، والجيش مستمر في تحمّل مسؤولياته في ظل المرحلة الاستثنائية الراهنة، وسط ما تمرّ فيه البلاد من ظروف، ولا سيما الاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي، والتحدّيات الأمنية الكبيرة». ودعا إلى التحلّي بالمسؤولية والوعي والتنبّه إلى خطورة ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي من شائعات وادعاءات تطال المؤسسة العسكرية.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى