محليمقالات

الجلسة التشريعية تطلق العنان للانقسام الانتخابي عون يكرّم قائد الجيش واللقاء وسلام “يتمهّل”

مع أن انفجار الخلاف الانتخابي الناجم عن انقسام واسع مزمن ومكشوف حول تصويت المغتربين كان تطوراً حتمياً منتظراً في الجلسة التشريعية التي عقدت أمس خالية من أي بند يتصل بهذا الخلاف، فإن الحدة التي طبعت هذا الانفجار وأدت إلى الإطاحة بنصاب الجلسة لم تكن معزولة عن الأجواء الشديدة التوتر التي تسود البلاد منذ واقعة الروشة الخميس الماضي، بل جاءت لترسم مزيداً من الشكوك حيال المرحلة الطالعة، ناهيك عن إثارة جدية لمصير الانتخابات النيابية ما لم يتم التوصل إلى تسوية بين الكتل النيابية والقوى السياسية تخرج الخلاف الحاد على تصويت المغتربين من الأزمة التي يتخبط فيها، على رغم تأكيدات وزارة الداخلية بأن الانتخابات ستجرى في موعدها.
الجانب الآخر من المشهد المشدود والمأزوم لم تحجبه وقائع الجلسة النيابية الصاخبة، ولو أنه ظل مغلفاً بوجه مكتوم صامت ولكن معبر للغاية ومثير للخشية على وحدة الحكم في ظل اشتداد الحاجة إلى تمتينها تحديداً بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. ذلك أنه على رغم رصد الأوساط السياسية للقاء بين الرئيسين أمس أو في الساعات المقبلة، لم يسجل انعقاد هذا اللقاء ولا أعلن عن أي اتصال بين بعبدا والسرايا. ولعل الأمر الذي عزز الانطباعات عن تنامي أزمة صامتة تمثّلَ في كلام لرئيس الجمهورية دافع فيه بقوة عن الجيش والأجهزة الأمنية وتزامن مع استقباله لقائد الجيش وتقليده وساماً رفيعاً، وأوحى كل ذلك بأنه بمثابة رد ضمني على الموقف المنتقد للجيش والأجهزة الأمنية في واقعة الروشة والذي لم يكن الرئيس سلام بعيداً عنه. ومع ذلك، فإن ثمة معطيات تتحدث عن لقاء وشيك سيجمع الرئيسين ويضع حداً لتداعيات الأزمة داخل الحكم لأنهما يدركان خطورة عدم تدارك الأمر بسرعة والانصراف مجدداً إلى التصدي للأولويات الضاغطة على كل الصعد، علماً أن ثمة ترقباً لأول تقرير يفترض أن تقدمه قيادة الجيش إلى مجلس الوزراء بعد الخامس من تشرين الأول المقبل حول ما أنجزه الجيش خلال الشهر الاول منذ جلسة الخامس من أيلول في تنفيذ خطته التدريجية لتنفيذ قرار حصرية السلاح.
إذاً، شهد مجلس النواب أمس انفجار الخلاف الانتخابي بحدة بين الكتل والنواب المطالبين رئيسَ مجلس النواب نبيه بري بمناقشته تحت قبة البرلمان للإفساح في المجال أمام اقتراع المغتربين لـ128 نائباً، وبين فريق الثنائي الشيعي الذي ينادي بحصر تصويتهم بـ6 نواب، علماً أن “التيار الوطني الحر” المؤيد للـ6 نواب، لم يمانع مناقشته في الهيئة العامة.
وتحوّل الملف الانتخابي إلى مادة ملتهبة بعدما طالبت “القوات اللبنانية” بلسان النائب جورج عدوان بوضع قانون الانتخاب المعجل المكرّر على جدول أعمال الهيئة العامة “فلنؤمّن أقله حصول الانتخابات وبعدها ندرس القوانين الأخرى”، ومن ثم أعلن تعليق مشاركة كتلة “القوات” في اجتماعات اللجنة الفرعية التي تبحث قوانين الانتخاب. على الاثر، دار سجال عنيف بين النائب علي حسن خليل ونواب “القوات اللبنانية” على خلفية اتهام خليل للقوات بمحاولة تطيير الانتخابات.
كما أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل طالب بمناقشة انتخاب المغتربين في الجلسة، وأعلن انسحاب كتلته اعتراضاً على عدم طرح اقتراح قانون الانتخابات النيابية. وشدّد الجميّل على أنّ الجلسة “ضربة قاضية وإقصاء مقصود للاغتراب بمجرد أننا لم نبحث الموضوع ولا نحاول إيجاد حل للتصويت سواء للـ6 أو للـ128، وموقفنا واضح أن انتخاب الـ6 عزل للاغتراب، أما إشراكهم، فيؤدي إلى أن يصوّت المغتربون بشكل مؤثر على الحياة السياسية”.
وبعد فقدان نصاب الجلسة عاد عدوان ليحذر من “خطر على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري وسط محاولات لتعطيل هذا الاستحقاق”. وأضاف: “قررنا تعليق مشاركتنا باللجنة كي لا تكون الأخيرة ستاراً لربح الوقت وتأجيل الانتخابات وندعو كلّ الكتل النيابية التي موقفها مشابه التضامن معاً في كلّ خطوة بدءاً من عدم المشاركة في اللجنة”.
وكان الرئيس بري قال رداً على مداخلات بعض النواب في الشأن المتصل بقانون الانتخاب، “كفى محاولات لتجاوز قانون الانتخاب الحالي”، وساد هرج ومرج حول الملف، قبل أن ينهيه بري وينقل النقاش إلى جدول الأعمال حيث تم اقرار عدد من البنود، قبل أن يطير النصاب بعد انسحاب نواب الكتائب والقوات والتغييريين والاعتدال وعدد من المستقلين، على أن تعود الجلسة إلى الانعقاد عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد (اليوم).
أما وزير الداخلية أحمد الحجار، فقال: “أؤكد اليوم بأن الانتخابات النيابية ستكون بوقتها في أيار 2026 والمهلة الأولى هي 20 تشرين الثاني لتسجيل المغتربين”. أضاف: “عرضنا تقريراً تضمن التحديات التي تواجه تطبيق القانون ولم يتم إقرار قانون جديد، وبالتالي على وزير الداخلية تطبيق القانون الموجود والالتزام مع وزارة الخارجية بتاريخ التسجيل”.
وبعد الجلسة زار بري قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية جوزف عون، واكتفى على الاثر بالقول: “‏اللقاء مع فخامة الرئيس كان كالعادة ممتازاً، عرضنا مواضيع الساعة وأطلعني على نتائج اللقاءات التي عقدها في نيويورك، ووضعناه في جو ما حصل في بيروت قبل أيام”. وعلى الاثر، أعلن أن الرئيس عون استقبل قائد الجيش رودولف هيكل “واطلع منه على الأوضاع الأمنية وقلّده وسام الأرز من رتبة الوشاح الأكبر تقديرا لعطاءاته الوطنية ومهامه القيادية”. وكان عون اعتبر أمام زواره “أن لبنان يمر في مرحلة دقيقة تتطلب مقاربات مسؤولة وواقعية للمشاكل التي تعترضه بعيداً عن المزايدات والحسابات الانتخابية لأن مصلحة البلاد العليا تسمو على أي مصالح أخرى”. وقال: “إن السلم الأهلي يبقى أسمى من أي اعتبارات، ومن واجبات الجيش والقوى الأمنية المحافظة عليه وهم يقومون بواجباتهم كاملة تحقيقاً لهذا الهدف الذي بات خطاً أحمر، لأنه لولا سهر الجيش والقوى الأمنية على أمن المواطنين وسلامتهم وحماية المجتمع اللبناني بكل مكوناته لما استعاد لبنان أمانه واستقراره، ولما كنا اليوم معاً ولا كان لبنان موجوداً. الجيش والقوى الأمنية يعملون بتنسيق كامل وتعاون مطلق، ويكافحون الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والمهمات الأمنية الموكلة إليهم بالتزام ومسؤولية. من هنا ليس من المقبول أن يصوّب أحد على الجيش والقوى الأمنية لأنهم خط احمر”.
على الصعيد الميداني، أدت غارات إسرائيلية أمس إلى سقوط قتيلين في سحمر في البقاع الغربي والنبطية الفوقا وجريح في عيترون.
وأعلنت “اليونيفيل” في بيان جديد لها دعمها الجيش اللبناني في تنفيذ مهامه بموجب القرار 1701 وإعادة انتشاره في جنوب لبنان، مؤكدة أنه مع استمرار الوجود الإسرائيلي لا يمكن للجيش اللبناني تحقيق انتشاره الكامل بموجب القرار 1701.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى