فطرة السلاح… وهم الشرف الموروث

كتب عمر بلح لقلم سياسي،
قبل مئات السنين، كان البشر يعتقدون أن العبودية جزء من الطبيعة البشرية.
كانوا يرون أن بعض الناس خُلقوا ليُستَعبدوا، وأن في الرقّ نظامًا إلهيًا لا يجب أن يُمسّ.
لكن الزمان تغيّر، والفطرة تبدّلت.
ما كان يُعدّ يومًا “حقًا مقدّسًا”، صار لاحقًا جريمة ضد الإنسانية.
وهكذا تبيّن أن الفطرة ليست إلا فكرة مشروطة بالزمان والمكان والسلطة.
تُصاغ في سياق معين، وتُهدم في سياق آخر.
وفي لبنان اليوم، هناك من يقول: “لا شيعة بلا سلاح”، “السلاح هو الكرامة”، “السلاح هو الشرف”، “السلاح هو العرض”.
وكأن الكرامة لا تُبنى إلا فوق فوهة بندقية، وكأن الشرف يُخزن في مخازن الصواريخ، لا في صدور الأحرار.
هذا ليس وعيًا… هذا خوف متوارث.
خوف من أن الدولة لا تحمي، أن الشريك لا يؤتمن، أن المجتمع لا يُنصف.
وهذا الخوف، تحوّل بفعل الزمن والدعاية والدم إلى ما يشبه “الفطرة”، تمامًا كما كانت العبودية يومًا ما تبدو فطرة.
لكن كما تغيّرت الشعوب وكسرت سلاسلها، يمكن للطائفة الشيعية ـ وكل من يربط كرامته بالسلاح ـ أن يُعيد التفكير.
السلاح ليس قدرًا، بل خيار.
والفطرة ليست أبدية، بل قابلة للتحوّل متى توفّرت دولة قوية، عادلة، حاضنة، تحفظ الكرامة لا تصادرها.
السؤال ليس: هل يستطيع الشيعي أن يعيش بلا سلاح؟
السؤال الحقيقي هو: هل يستطيع أن يعيش بكرامة داخل دولة، لا داخل دويلة؟
السلاح الذي يُحمى باسم “المقاومة” اليوم، يُستخدم لترهيب الخصم، وتثبيت النفوذ، وتطويع الشارع، لا لتحرير الأرض.
وكل تأخير في تسليم هذا السلاح للدولة، هو تأخير في بناء وطن يستحق أن يُحمى.