كتب جواد مختار لقلم سياسي،
يبدو أن التيار الوطني الحرّ، بقيادة النائب جبران باسيل، يحاول اليوم إعادة ترميم وضعيّته الشعبية المتراجعة، في ظل التراجع الكبير الذي كشفته الانتخابات البلدية الأخيرة. هذا السعي جاء من خلال سلسلة من التحركات والأنشطة الإعلامية التي تحمل طابعًا استعراضيًا، يسعى من خلالها باسيل إلى التأكيد أنه لا يزال حاضرًا في المشهد السياسي، رغم كل التحديات والانتقادات.
وبطبيعة الحال، من حق باسيل أن يعمل على استعادة دوره السياسي بعد تجربة رئاسية وُصفت بأنها من الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، نتيجة الأداء الذي طبع عهد الرئيس ميشال عون، وسياسات فريقه السياسي بقيادة باسيل نفسه. إذ أظهرت نتائج هذا العهد، بما لا يقبل الشك، فشلًا ذريعًا على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في هذا الإطار، يضاعف باسيل من إطلالاته الإعلامية، وينظّم منابر مناطقية ومركزية يحاول من خلالها مخاطبة الرأي العام، سواء عبر تياره السياسي أو عبر شخصه مباشرة. إلا أن ما يلفت، أن هذه الإطلالات غالبًا ما تعيد إنتاج خطاب تقليدي متشنج، بعيد عن أولويات اللبنانيين وتحديات المرحلة، في محاولة للعودة إلى خطاب المواجهة والانقسام.
آخر هذه الإطلالات كانت في حفل عشاء لهيئة بعبدا في التيار الوطني الحرّ، حيث ألقى باسيل كلمة بدت وكأنها محاولة لإحياء تضليل قديم لا يلامس الواقع. فهاجم خصومه السياسيين، وفي مقدّمهم حزب “القوات اللبنانية”، دون أن يسميه رغم أن الأخير يبدو اليوم منشغلاً بمقاربات سياسية أبعد بكثير من الدخول في سجالات مع باسيل، وينتهج خطًا وطنيًا واضحًا بعيدًا عن المناكفات.
وبدلًا من أن يعترف بحجم التراجع الذي يعيشه تياره السياسي، ويحاول تصويب مساره بما يتناسب مع متغيرات المرحلة، يتمسّك باسيل بخطاب الحقد وتحوير الوقائع، وهو نهج طالما طبع أداء التيار، منذ نشأته وحتى اليوم.
واقع الحال يشير إلى أن التيار الوطني الحرّ يمرّ بواحدة من أصعب مراحله السياسية، على مستوى التنظيم الداخلي والشعبية الجماهيرية. ومع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تشير المعطيات إلى أن هذا التراجع قد يتكرّس في صناديق الاقتراع.
في السياسة، لا يكفي “الصريخ” للعودة. فالمعادلة تغيّرت، ومن لا يواكب التحوّلات ويتقبل الاحجام السياسية الجديدة ويعترف بالأخطاء، سيبقى بعيدًا عن نبض الناس ومتطلبات المرحلة.
