عودة الخلايا الإرهابية إلى الواجهة في ظل الضغوط الأمريكية على حزب الله: تواطؤ أم مصادفة؟

كتب االصحافي مصطفى عبيد لقلم سياسي،
في الأسابيع الأخيرة، كثُرت البيانات الأمنية الصادرة عن الأجهزة الأمنية معلنةً عن تفكيك خلايا إرهابية نائمة واعتقال أفراد على صلة بتنظيمات متطرفة أحدثها في برج البراجنة التي قيل أنها تخطط لتفجيرات وهجمات مستهدفةً مجالس عاشورائية.
اللافت أن هذه التطورات الأمنية تتزامن مع تصاعد الضغوط الأميركية على الدولة اللبنانية بشأن ضرورة تسليم سلاح حزب الله للدولة، باعتباره أحد أبرز عناوين الأزمة السيادية في لبنان.
فهل من علاقة بين الحدثين؟ وهل عودة الخلايا الإرهابية إلى النشاط في هذا التوقيت هي مجرّد صدفة، أم أن هناك من يسعى لتكريس الحاجة إلى سلاح حزب الله تحت عنوان “الحماية” و”المقاومة”؟
بعيدًا عن نظرية المؤامرة، لا يمكن تجاهل التوقيت الحرج الذي عادت فيه الخلايا الإرهابية إلى الظهور قبيل أشهر من استحقاقات سياسية حاسمة، في ظل ضغط اقتصادي خانق يزيد الصغط على الدولة ومع ارتفاع نبرة المطالبات الدولية، وعلى رأسها الأمريكية، بنزع سلاح حزب الله وحصر القرار العسكري بيد المؤسسة العسكرية.
في هذا السياق، يبدو أن مشهد الخطر الإرهابي المتجدد قد يخدم خطاب الحزب الذي يروّج منذ سنوات بأن سلاحه هو ضمانة بقاء لبنان وصمّام أمانه، لا سيّما في ظل ضعف الأجهزة الأمنية التقليدية.
وهناك من يذهب أبعد من ذلك، متسائلاً: هل عاد الإرهاب فعلًا، أم أن هناك تضخيماً إعلامياً وأمنياً مقصوداً لإحياء هذا البعبع وتبرير استمرار المعادلة القائمة؟ وهل يمكن أن يكون الحزب نفسه أو بعض أذرعه الحليفة في الأجهزة على اطلاع مُسبق بنشاطات هذه الخلايا بحيث يتم التدخل في الوقت المناسب لإزاحة الضغوط عن الحزب وتعزيز موقعه وتضليل البوصلة تحت عنوان ضرورة وهمية؟
من جهة ثانية، لا شك أن الأجهزة الأمنية في لبنان نجحت في السنوات الماضية بتفكيك عدد كبير من الشبكات الإرهابية، وهو ما لا يمكن إنكاره أو التقليل من شأنه، لكن يبقى السؤال حول مستوى الشفافية في الإعلان عن هذه العمليات، ودقة الرواية الرسمية، ومدى استقلالية القرار الأمني عن التأثيرات السياسية والطائفية.
ففي بلد تحكمه التوازنات الدقيقة، لا يمكن فصل أي حدث أمني عن سياقه السياسي، ولا يمكن استبعاد احتمال التوظيف، خاصة في ملفات من هذا النوع.
ما نشهده اليوم هو دخول لبنان في مرحلة رمادية جديدة تتمحور حول عودة الإرهاب إلى الواجهة، لكن على طريقة “الوجبات السريعة” الإعلامية، وسط خشية من استعماله كمبرر جديد للسلاح غير الشرعي كضرورة وطنية.
فهل نعيش بداية مرحلة جديدة من شدّ الحبال بين الحزب والدولة، تحت عباءة “الخطر الأمني”؟
أم أننا فعلاً أمام تهديد حقيقي يستوجب التكاتف حول الدولة والسعي إلى استراتيجية وطنية موحّدة للسلاح والسيادة؟
وفي النهاية يبقى الشيء المؤكد الوحيد هو ضرورة تفكيك الخلايا غير الشرعية والإرهابية التي تهدد أمن لبنان ومستقبله بدايةً من تنظيم حزب الله.