محليمقالات خاصة

لا تصفقوا للجلاد .. حتى لو رفع راية القدس

كتب محمد علوان لقلم سياسي،

أي حماقة هذه حين يُطلب من الشعوب أن تناصر قاتلها، فقط لأنه دخل في صراع مع عدو آخر؟
أي صفاقة أن يُعاد تدوير الجلاد وتقديمه على أنه منقذ، لمجرد أن بندقيته وُجهت مؤقتًا لغير صدورنا؟

أن تشتعل الحرب بين إيران وإسرائيل لا يجعل من إيران طرفًا نبيلاً، ولا يعيد طلاء مشروعها الطائفي بألوان البطولة.
الصراع لا يطهر الجرائم، ولا يمحو ما ارتُكب من مذابح وتشريد بحق الأبرياء، ولا يزيل رائحة الدم التي سفكته في كل بلد عربي عبثت به.

من ينسى ما فعلته طهران في سوريا والعراق واليمن ولبنان، إما غبي، أو خائن، أو ميت الضمير.
أن تطلبوا من الشعوب النسيان، فأنتم تطلبون منها دفن ذاكرتها، وشطب معاناتها، وتقبل قاتلها السابق بحفاوة الضحية التي لا تملك الكرامة.

تطالبون الناس بالتعاطف؟ مع من؟
مع من صفّق للبراميل وقدسها فوق حلب؟
مع من بارك خنق الغوطة بالكيماوي؟
مع من برر سقوط الموصل، وانهيار صنعاء، ودمار بيروت؟
مع من استخدم فلسطين واجهة لابتلاع المنطقة، لا لتحريرها؟

وأين كانت المقاومة الإيرانية خلال سنتين من الحصار والقصف في غزة؟
لماذا لم تُفتح جبهاتها إلا بعد أن فُرضت عليها المواجهة، وبعد أن هزت هيبة قادتها بالاغتيال؟
هل هذه مقاومة، أم إدارة أزمات لحفظ ماء الوجه؟

حتى حزب الله، الذي زمجر باسمها لعقود، لم يفتح له جبهة حقيقية حين قُتل قادته واحدًا تلو الآخر.
فهل هذا خوف؟ أم تواطؤ؟ أم مجرد شعارات موجهة للاستهلاك الداخلي؟

وحين تضيق الحجة، يبدأ الهجوم على أهل السنة، على تاريخهم، على رموزهم.
يشتمون بني أمية، يطعنون بالصحابة، يسخرون من كل ما لا يشبههم، لا لأنهم أصحاب مشروع، بل لأنهم مأزومون، مفلسون، لا يملكون سوى الحقد وسوء النية.

صفقوا لبوتين حين قصف أطفال سوريا، وباركوا المجازر، واعتبروا سقوط الأسد هزيمة للمقاومة، رغم أنه لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل.
ثم عادوا ليسخروا من الثورة السورية، ومن كل من قاوم مشروعهم، فقط لأنه حرمهم من زرع طائفيتهم في أرض الشام.

لكن الطامة أن بعض المدلسين من أبناء جلدتنا باتوا يروجون لهذه الأكاذيب، يدعون إلى النسيان، بحجة “عدو عدوي هو حليفي”، كأن قضايا الأمة لا تُحسم إلا بالتنازلات عن الدم، والكرامة، والحقائق.

هل يُعقل أن ننسى كل ما فعلته إيران؟
هل نغض الطرف عن براميل الأسد، وعن مجازر الميليشيات الطائفية، عن مئات الآلاف من الضحايا، فقط لأن طهران في معركة مؤقتة مع عدو آخر؟
من قتلنا لا يدافع عنا، من دمر حلب لا يحرر القدس، ومن ساند الأسد لا يؤتمن على شبر من فلسطين.
والذاكرة لا تُمحى.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى