حين تَظهر لعنة الأطفال في وجه الطغاة: من بيروت ودمشق إلى بغداد وصنعاء… زمن الحساب قد بدأ

كتبت “قمر رشيد” لقلم سياسي:
منذ أربعة عقود وإيران تُتقن فنّ التسلّل تحت شعارات براقة: “نصرة المظلومين”، “دعم المقاومة”، “وحدة المسلمين”… لكن خلف هذه الكلمات، كانت هناك خناجر تُشحذ، ودماء تُهدر، وأطفال تُذبح.
الفرس لم ينسوا ثأرهم التاريخي مع العرب، فحوّلوه إلى مشروع ثأري مذهبي مُسلّح، اجتاح أربع عواصم عربية، وقالها مستشار مرشدهم علي أكبر ولايتي بكل وقاحة ذات يوم: “لقد أصبحت أربع عواصم عربية في قبضتنا”.
لكن بأي وسيلة؟ بالمحبّة؟ بالديمقراطية؟ لا… بل بالدم، بالميليشيات، بالاغتيالات، وبنشر الخراب.
في لبنان، اختُطفت الدولة على يد “حزب الله”، الذراع الإيرانية المدججة بالكراهية. سُرِق القرار الوطني، وفرض السلاح منطقه على كل من يخالف. عشرات الاغتيالات من رفيق الحريري إلى لقمان سليم، ومئات الأطفال ممن ماتوا في الحرب أو انفجار المرفأ، الذي كان تحت أعين الميليشيا، كلهم شهداء على مشروع لم يعرف من الوطن سوى اسمه.
وفي سوريا، دعمت إيران نظامًا قتل شعبه بالكيماوي والبراميل. لم تكتفِ بالدعم السياسي، بل دفعت بميليشياتها الطائفية، من “فاطميون” إلى “زينبيون”، ليقاتلوا بالنيابة عنها، ويحوّلوا البلد إلى مسرح دموي لطموحاتها الإمبراطورية. ملايين المهجّرين، وأطفال قُتلوا أمام أعين العالم، كلّهم في رقبة إيران، وفي رقبة من تواطأ بصمته معها.
وفي العراق، تسلّلت إيران إلى كل مفصل من مفاصل الدولة. ميليشيات “الحشد الشعبي” صارت أقوى من الجيش، وأوامرها تأتي من طهران لا من بغداد. كم من دم عراقي نقي سُفك لأنّه قال “نريد وطنًا”؟ كم من أم ثكلى لُفّت جثة ابنها بعلم لا يمثّلها؟ كم من حلم أُجهض باسم “الولاية”؟
وفي اليمن، لم تسعَ إيران لإنقاذ أحد، بل سلّحت الحوثيين، وأغرقت البلد في حرب لا نهاية لها. أطفال جُنّدوا قسرًا، مدارس دُمّرت، شعب جائع وأطفال تموت كل يوم. وسُئلت إيران: “لماذا؟” فأجابت: “لنحرج السعودية!”… كأن دم اليمنيين مجرّد ورقة ضغط على طاولة المقامرة الإقليمية.
واليوم، تدخل إيران في صدامٍ مفتوح مع إسرائيل، حليفة الأمس في الصمت، وعدوة اليوم في صراع النفوذ. فمشروعان وُلِدا من رحم الدم والدمار، لا بدّ أن يتقابلا في بحرٍ من الدماء.
وهكذا، حين تتكشّف الأقنعة، ويبدأ الوحوش بافتراس بعضهم، لا نملك سوى أن نقول: اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين
فلن ننسى وجه الطفل السوري المحروق، ولا جسد اللبناني تحت أنقاض المرفأ، ولا العراقي الذي خُطف لمجرد أنّه طالب بحياة كريمة، ولا اليمني الذي مات جوعًا وهو يحمل كتاب مدرسته.
إيران لم تنشر الإسلام، بل زرعت الخراب في جسد الأمة. لم تنصر مظلومًا يومًا، بل صارت عرّابة للدم، ووكيلة للجريمة باسم العقيدة. لكنها اليوم تُحاصر بلعنات الأبرياء من بيروت إلى صنعاء، وتتهاوى أمام دعوات الأمهات اللواتي بكين أبناءهن على مذابح “الولاية”. ستلاحقها لعنة كل طفل حُرم من حضن أمه، وكل وطن سُرقت هويته، وكل شهيد غُدر في ليل الطائفية.
إنها نهاية الطغاة، حين ينقلب السحر على الساحر، وتُكسر السيوف التي كانت تُشهر على الأبرياء. سيُهزم مشروعهم، لا لأننا أقوى، بل لأن دعوة المظلوم لا تخيب، ولأن الله لا يُمهل الظالمين إلى الأبد.