كتب حميد خالد رمضان لقلم سياسي،
في أي لقاء يجمعني مع الرئيس نجيب ميقاتي أخرج بإنطباع مضمونه إعجاب بشخصه كرجل سياسة وأعمال برغم ما بيننا من خلافات طوال مسيرته السياسية سواء كان وزيرا ونائبا ورئيس حكومة..
جرت الإنتخابات البلدية وفاز من فاز وخسر من خسر لكن في مكان آخر مُنيّ الحلف السياسي الممثل بالنواب الأربعة بخسارة أمام رأي مجتمعي-مدني-إسلامي (معتدل)، وهذه الخسارة سيكون لها تداعيات نتلمس تأثير نتائجها ولو بنسبة معينة على الإنتخابات النيابية 2026..
النواب الأربعة (اشرف ريفي-كريم كبارة-فيصل كرامي-طه ناجي) صاغوا توافقا كان موضع إنتقاد موضوعي في مكان وكيدي في مكان آخر، وكل منهم إعتبر نفسه رابحا مع أن هذا الإعتبار يجافي حقيقة ما أفرزته الصناديق، وبالتالي يمكننا القول إستنادا على معطيات بان مرجها لاحقا بأن التوافق الرباعي (خسر البيع) لكن في المقابل هناك رابح
اسمه نجيب ميقاتي الذي بقي (بدهاءه) المعهود على مسافة واحدة من اللوائح كافة فربح الكل بل وأكل من صحون الجميع، وهذا يذكرنا بقصة شعبية توارثناها كابرا عن كابر لأب مع اولاده (في أحد الأيام
سلق الأب عشرة بيضات لإطعام اولاده العشرة وبعد أن نضج البيض اعطى لكل ولد بيضة فقالوا له اولاده يا ابانا انت طلعت بلا بيض، نظر إليهم بعيون دامعة انا اشبع عندما تشبعون ولكن بما أنكم بارين بأبيكم سأخذ من كل واحد منكم (نصف بيضة) فكانت حصته5 (بيضات) والخمس البيضات الباقية حصة اولاده العشرة، وهذا ما حصل بين نجيب ميقاتي آكل البيضات الخمسة، والنواب الأربعة واللوائح الأخرى توزعوا البيضات الخمسة الباقية ،واللبيب من الإشارة يفهم وبالتالي يمكننا أن نقول (ربح البيع يا نجيب) وخسر البيع يا زيد ويا عَمر..
نجيب ميقاتي مع حفظ الألقاب يُشهد له بأنه قناص فرص ولاعب محترف ومتمكن يجيد فن التلاعب بالخصم والصديق معا،والمفارقة في أن حتى الخصم عندما يلتقيه يخرج من عنده صديق ، بل ويلوم نفسه أنه كان ظالما له، والميزة فيه أنه لا يُشعر المتعامل معه بأنه مهزوم، بل يدعه يظن أنه إنتصر عليه، وهذا الدهاء او المِيز الميقاتية إذا جاز التعبير يفتقدها الكثير من رجال السياسة..
مقالي هذا صغته بسردية مبسطة يفهمه الجميع إنما العبرة من وراءه هو بأن السياسة اوالعمل بالشأن العام يتطلب حنكة في التواصل المجتمعي، والدهاء في التعامل مع العدو والصديق، وإشعار الطرف الآخر بأنه مهم، والتعاطي بمرونة ثعلبية مع الطريدة، وفهم خلفية المضاد لك بحيث تأمن شره، وبهذه الأبجديات يمكنك الإستمرار بكل الأحوال المناخية الباردة والحارة والمعتدلة، والحقيقة تقال وإن كانت مرة بحلق الآخرين أن نجيب ميقاتي لوحة فسيفسائية يصعب تحديد ملامحها، بينما الآخرين
منهم من له صورة واضحة ومنهم من له صورة مشوهة ومنهم من يفتقد لتلك الصورتين معا…
