تعليق الاستقالة… وتفعيل الإحباط!

كتب عمر بلح لموقع “قلم سياسي”،
لم تكن خطوة “نسيج” بتعليق استقالتها قرارًا ناضجًا بقدر ما كانت تراجعًا مؤلمًا عن لحظة مفصلية انتظرها الطرابلسيون طويلًا. لحظة كان يمكن فيها كسر الحلقة الجهنمية التي تربط العمل البلدي بإرادة السلطة، وتفتح بابًا جديدًا نحو انتخابات تُنتج مجلسًا منسجمًا مع نبض الناس، لا مع حسابات السياسيين.
البيان الأخير للائحة بدا كأنه محاولة لتبرير خطوة لا تشبه البدايات. الحديث عن مهلة 100 يوم ومسار إصلاحي بإشراف مفتي المدينة، يعكس النية الطيبة لا شك، لكنه يراهن على بنية فقدت أهليتها للإصلاح منذ سنوات، وباتت عاجزة عن إنتاج أي تغيير حقيقي.
أسوأ ما في المشهد أن من يفترض أنهم يحملون مشروعًا مدنيًا تغييريًا، ارتضوا التفاوض على “نصف مشاركة”، وركنوا إلى ضمانات معنوية، في حين أن المدينة دفعت – ولا تزال – كلفة باهظة من عمرها، بسبب المجالس المهترئة والمشلولة.
ثمّة من يقول إن الانسحاب كان سيؤدي إلى فراغ. لكن الحقيقة أن فراغًا لشهرين يُمهّد لانتخابات، أهون بكثير من ست سنوات قادمة تحت سلطة الأمر الواقع، والشلل المقونن، والمجالس التي تُدار بالريموت.
التسوية هذه المرة لم تكن طائفية، بل سياسية بامتياز. تسوية تُبقي القديم حيًّا ولكن بأسماء مختلفة. تسوية تمنح السلطة فرصة جديدة لترتيب أوراقها، بعد أن فاجأها قرار “نسيج” الأصلي.
أما المفارقة الأكبر، فهي أن الجمهور – الذي نادراً ما يهتم بالشأن البلدي – شعر للحظة أن شيئًا ما يتغير. أن ثمة من تجرّأ على قول “لا”، وعلى تعطيل اللعبة من داخلها. لكن التراجع، ولو بحسن نية، أعاد خلط الأوراق، وأعطى خصوم المدينة متنفسًا كانوا ينتظرونه.
طرابلس، التي لفظت رمزي نهرا من موقعه، وأسقطت كريمة قبل أن يسلم عليه أحد، كانت تستعد لفتح صفحة جديدة. لكن يبدو أن من يُفترض أن يكونوا محرّكي التغيير، خافوا من حجم المسؤولية، فاختاروا العودة إلى المجهول… بانتظار “مهلة المئة يوم”.
لكن طرابلس لا تملك ترف المهل. هي تحتاج إلى قطيعة، لا إلى إعادة تدوير الفشل.