محليمقالات خاصة

رأي شخصي في الزيارة الرسمية للرئيس أحمد الشرع إلى فرنسا..

كتب الدكتور طالب الدّغيم لقلم سياسي،

… رغم أن فرنسا لا تُعد من القوى الدولية ذات التأثير البنيوي المباشر في المشهد السوري، إلا أن علاقتها مع سوريا تظل ذات أهمية استراتيجية في عدد من الملفات المرتبطة بالشرعية الدولية والانفتاح السياسي والاقتصادي والأمني. فالدور الفرنسي، وإن كان محدوداً من حيث القدرة على إحداث تحولات ميدانية، يُعدّ مدخلاً ضرورياً لإعادة وصل سوريا بالمجال الأوروبي، لا سيما فيما يتعلق بتخفيف أو رفع العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي، وتهيئة الظروف الدبلوماسية لمرحلة إعادة الإعمار والاستقرار.

ومن بين أبرز الملفات التي يمكن لفرنسا أن تلعب فيها دوراً وظيفياً مؤثراً: تطبيق اتفاق 10 آذار/مارس 2025 القاضي بنزع سلاح الميليشيات غير الشرعية في منطقة الجزيرة السورية “قسد”، بما يضمن عودة مؤسسات الدولة، وبسط سيادتها.

لكن على مستوى التأثير الجيوسياسي الحقيقي، تظل مراكز الثقل الفاعلة في الملف السوري متمثلة في كلّ من: الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، والجمهورية التركية، والمملكة المتحدة، والمملكة الأردنية، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي. هذه الأطراف مجتمعة تملك أدوات التأثير الاقتصادي والأمني والسياسي المباشر.

إن فرنسا تُدرك محدودية دورها في التوازنات، ولذلك فهي تسعى لتعويض هذا الضعف عبر لعب أدوار وسيطة ودبلوماسية تمنحها فرصة ذهبية في الإخراج النهائي للحل مع قسد ونيل بعض العقود التجارية النفطية عبر حكومة دمشق، أكثر من سعيها للتأثير في جوهر تلك التوازنات.

وإن التحدي الأكبر اليوم أمام القيادة السورية يتمثل في صياغة رؤية استراتيجية شاملة تُعيد بناء الدولة وفق أسس موحدة، وتُرسّخ الاستقرار، وتعيد هيكلة المؤسسات السيادية، وتطبق العدالة الانتقالية؛ محاسبة المجرمين، والحوار الوطني السوري، وتُطلق مشاريع الإنعاش الاقتصادي. وتشمل هذه الرؤية إعادة تأهيل البنى التحتية الأساسية من كهرباء ومياه ونقل واتصالات وصرف صحي، وكذلك معالجة أزمة العملة المحلية، وضبط الأسواق وسعر الصرف، بما يعيد لكل المواطنين السوريين الثقة بالدولة، ومؤسساتها.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى