رياح الفدرالية وهمٌ ومرحلة متقدمة نحو التشتت

كتب رئيس الهيئة الإدارية للمؤسسة العالية للبحث العلمي الدكتور علي لاغا:
إن الفدرالية تصلح لمكونات إجتماعية ذات خصوصيا ت مختلفة ، كلُّ مكون منها يشكل مجتمعاً متجانساً ، مثال ذلك الفدرالية في سويسرا ، أو مناطق مستقلة عن بعضها ( الولايات المتحدة الأميركية) لكن الجميع لديهم الرغبة الصادقة والحرص على تكوين دولة قوية ، مثل هؤلاء ليست الفدرالية عملية مرحلية لانقضاض القوي على الضعيف في مرحلة ثانية.
إن من مستلزمات الإستعارة من مجتمعات ناجحة ، لمن يريد النجاح ، دراسة الطبيعة الجغرافية وتوزيع السكان من حيث الفوارق بينهم ، إن اللغة ،القومية ، الدين ، المذهب …كل هذه المستخدمة في مجتمعاتنا ألغام للتفجير .
إن المجتمع العربي بكامله ، واللبناني والسوري حيث هبات الفدرالية ، بعد كل ماسبق من قومية ، اشتراكية وتقدمية ، وثورات على الثورات ، يتم وقودها كلما خبا لهيب فتنها بشعارات وتعييش تاريخ نظم سرديته من يبدعون في كتابة الروايات الملحمية ، والأن ، بعد سايكس – بيكو ( الذي فكك وركب المنطقة تشرين الثاني ١٩١٣ إلى الثالث من كانون الثاني ١٩١٦ ) كانت المرحلة الأولى ثم تم استكمال أجواء التفكيك حتى هبت رياح الفدرالية .
إن اختلاط شعبنا وانتماؤهم إلى حضارة واحدة من غير الممكن تطبيق فدرالية مناطقية ، فالمسلم والمسيحي يعيشون معاً في كل مدينة وقرية والشيعي والسني والعلوي حالهم كذلك والكردي والعربي والشركسي ، هم بالحال نفسه ، ولو قال البعض تُعتمد المناطق كوحدات للنظام الفدرالي ( اللامركزية الساسية ) فلا شيء يتغير فهم عاشوا عبر التاريخ معاً .
قد يقول آخر : يمكن الفدرالية الطوائفية كما هو حاصل في لبنان ، توزيع المراكز على الطوائف ، هذا ممكن إذا كانت الرغبة صادقة والذين يقودون الحياة السياسية صادقين ويعملون لصالح أهلهم وليسوا أداة يحركها من قسم أولاً ( سايكس- بيكو) والعدد زاد ، ولعل النباش الأول كان أرحم ،
في هذه يمكن الإفادة من دستور الولايات المتحدة الأميركية ، التي لا يخجل شعبها من أن نظام السلطة عندهم مقتبس من نظام الدولة العثمانية ، إضافة إلى مجلس الشيوخ والمحكمة العليا يضبطان أي تباين يحصل بين الولايات المتحدة ، ولم أذكر النظام البريطاني لأن مجلس اللوردات ينتقل بالوراثة .
ومع ذلك فالفدرالية الطائفية فشلت في لبنان ، لأن السبب واحد لاغير ، الذين يتم تصعيدهم بأيادٍ لبست خفية يتم تحريكهم من حيث لا مصلحة لمن يُفترض فيهم أنهم يمثلون .
وأخيراً ، إن مضطرب التناحر الذي تعيشه منطقتنا لا علاقة له بالدين ولا بالمذهب ولا بالعرق وباللون والشكل واللغة وطريقة الجلوس على الكرسي ، إن شعوبنا تعبت ، تريد الحياة الكريمة
إن البؤس يحل بهم بينما شعوب أخرى كانت في وضع سيء للغاية أضحت في المقدمة ، ونحن كنا في المقدمة وحالنا اليوم نظلم كلمة المؤخرة أو التخلف إذا وصفناه بأحدها.
إن الذي كتب مسلسل الضيعة ضايعة ، الذي نشر عام ٢٠٠٨ والجزء الثاني ٢٠١٠ كان يرى مستقبل المنطقة لعقود قادمة ، صور ذلك في الحلقة الأخيرة عندما ماتوا جميعاً بالكيماوي .