محليمقالات خاصة

هل نفرح حقاً لتحرير سوريا؟

كتب الصحافي مصطفى عبيد لقلم سياسي،

وتظن أنها الحرية، وتظن أنه يوم فرح وسعادة وغبطة لشعب شقيق عانى على مدار سنين وعقود من الزمن كل أنواع التعذيب، والقتل، والإذلال، والاغتصاب لعقولهم، وأجسادهم، وأحلامهم، وحتى ذكرياتهم ومعتقداتهم.

وبينما تحطم باب السجن لتدخل الضوء إلى الداخل لتحيي من بداخل هذا المعتقل الكبير المسمى سوريا، تتسلل إلى الخارج آلاف، لا بل ملايين القصص الحزينة، والنهايات المؤلمة، والأرواح التي لم تعرف سوى ظلام سجون سوريا مسكناً لها، ولا تعرف سوى مفردات الخوف، والظلم، والإذلال في قاموسها.

فكيف ستقنع هؤلاء الضحايا أن هناك كلمة اسمها حياة وهم لم يعرفوا سوى الموت؟ كيف تفهمهم معنى السعادة كما نفهمها نحن وهم كانت سعادتهم في أن يكون التعذيب لساعة واحدة بدل ساعتين.

كيف ستستطيع أن تجعلهم يعيشون الفرح الطبيعي وهم لم يكونوا يفرحون سوى عند سماعهم حكم الإعدام والذي كان يعني لهم نهاية سعيدة لسنوات عديدة من الضرب والألم والإذلال.

كيف ستقنع هؤلاء الآلاف من المعتقلين أن هنالك مفردة اسمها الأمل، وأن هنالك أسباب كثيرة للضحك والفرح لا صلة لها بتلك الضحكات التي كانت ترتسم على وجوه أصحابها وهم يتدلون من حبال المشانق ليعلنوا حريتهم من استبداد النظام.

كيف ستفهم كل هؤلاء المعتقلين عن معاني الحياة والحرية وهم الذين كانوا لا يعلمون للحرية سبيل سوى عبر مكابس الموت، وحبال المشانق.

نعم تحررت سوريا من ظلم الطاغية بشار الأسد، ولكن تحرر معها قصص رعب، وأحداث، وتفاصيل لمجازر يومية كانوا يرتكبونها أتباع النظام بحق الإنسانية، فهل عقولنا مستعدة حقاً لسماع تفاصيل آلام المعتقلين؟

نعم أريد أن أشاركهم فرحهم بالحرية ولكن مشاهد تدمير أبواب السجون والمعتقلات تؤرق فرحتي وتنغصها، وتلوم الإنسان الذي بداخلي عن حزنه لأسباب تافهة كانت بمثابة أسباب حياة لهؤلاء.

وفي النهاية لا بد لنا من استيعاب وفهم فكرة أنه لن تتحرر غزة إن لم نتحرر نحن من الطغاة كما تحررت سوريا، إن لم تتحرر بلادنا العربية من قيودها وأوثانها، إن لم ندمر هياكل الرؤساء والملوك والسلاطين، فكم من قصصٍ مرعبة مخفية مماثلة لقصص السجون السورية في مصر، أو لبنان، أو العراق، والأردن، وكافة الدول العربية.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مصطفى عبيد

كاتب ومحلل سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى