محليمقالات خاصة

تقارير وبيانات بنكهة زر وئام وهاب الضائع

كتب الصحافي مصطفى عبيد لقلم سياسي،

منذ دخول الحزب في حرب إسناده المزعومة لغزة، ونحن نشاهد يومياً تقارير تلو التقارير التي تتحدث عن إنجازات المقاومة الإسلامية ومجاهديها، والتي ربما تجاوز عددها الألف تقرير منذ الثامن من أكتوبر 2023 عندما استهدف الحزب بصواريخ موجهة، وقذائف مدفعية نقاط تابعة لجيش الاحتلال في مزارع شبعا، وتوالت التقارير الرنانة التي قد يتخيل متابعها أنَّ الدولة الصهيونية قد تدمرت كلياً وتكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة لندخل أرض فلسطين التي حررتها المقاومة الإسلامية فنصلي سوياً في القدس التي ذهب على طريقها الكثير من الشهداء المجاهدين الأبرار أصحاب الإسناد، وبالطبع ما سبق هو بناءً على مخيلة القارئ المتابع بإيمان أعمى لتقارير الحزب المصاغة مفرداتها بعناية تلامس مفردات القصص الخيالية.
وإليكم نبذة عن محتوى تقارير ميليشيا الحزب لتلامسوا خيال أتباعهم الشغوفين ببيانات مقاومتهم:
“بنداء (لبيك ‏يا نصر الله)، قصف مجاهدو المقاومة الإسلامية قاعدة رامات ديفيد الجوية بصاروخ نوعي”
“شَنَّ مجاهدو المقاومة الإسلامية هجوماً جوياً بِسربٍ من المسيرات الإنقضاضية على تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في محيط مستوطنة يعرا وأصابت أهدافها بِدقة”
“‏استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي في محيط مستعمرة بيريا بصلية صاروخية”
“استهدف مجاهدو المقاومة تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي عند أطراف بلدة عيترون بصلية صاروخية وقذائف المدفعية”.
“استهدف مجاهدو المقاومة قوة مشاة إسرائيلية في بلدة حولا بصاروخ موجّه وأوقعوهم بين قتيل وجريح”.
وكم هي كثيرة التقارير التي تتحدث عن مسيرات إنقضاضية، وصواريخ نوعية، وأخرى موجهة، والمئات مما يسمى لديهم “صلية صاروخية”، والقذائف المدفعية التي تطال مستعمرات الاحتلال يميناً ويساراً، وفي كل مرة إما أن تحقق أهدافها بدقة دون ذكر هذه الأهداف، أو أن توقع جنود العدو بين قتيل وجريح دون تحديد العدد المتجمع والذي قد يكون ربما عبارة عن جندي خرج لقضاء حاجة، أو اثنين يدخنون سيجارة في الهواء الطلق فرصدهم هدهد المقاومة واستهدفهم مجاهدوها بمسيرة انقضاضية تحمل صلية صاروخية نوعية موجهة مدفعية فأوقعتهم بين قتيل وجريح وحققت أهدافها بدقة.
هذه التقارير التي باتت تعتمد تقنية النسخ واللصق مع تعديل بسيط في التاريخ، والموقع، ونوع الصلية ليست لترهيب العدو بقدر ما هي لتعمية الأتباع الموالين الذين يشبعون أهواءهم وينتشون لقراءة مفردات البيان الدينية البلاغية الجهادية التي تظهر عظمة المقاومة، وقوة المقاومة، وقدرة المقاومة التي تضرب بيد خامنئي إيران.
ولكن ولسخرية القدر فالواقع ليس كبيانات الميليشيا، فالجنوب اللبناني هو الخالي من السكان، المدمر، الذي يتصاعد منه دخان القصف والخراب، وعاصمة لبنان هي المدمرة التي محيت من ذاكرتها أبنية بكاملها بينما شوارعها باتت تعبق بروائح الدمار، والموت، والخوف، وفي قلب العاصمة بيروت بضع خنادق عميقة حفرتها صواريخ العدو المضادة للتحصينات لتستهدف قادة الميليشيا الإيرانية، واللافت في الأمر أنَّ العدو الصهيوني الغاصب قادر على تحديد شخصيات المستهدفين وأعدادهم، ومحتويات الأماكن المستهدفة بدقة، بينما مقاومتنا الباسلة تترك لنا كلبنانيين حرية تخيل أهدافها التي تم تحقيقها والتي ربما قد تكون حجراً تحدى كل من أبو نادر وحسان على إصابته فتم إطلاق الصلية الصاروخية النوعية الموجهة بمسيرة إنقضاضية.
وفي السياق نفسه تتداول الميليشيا مؤخراً نسخة جديدة من بيانات قادرة على خلق أوهام النصر بجرعة مضاعفة، والتي تفيد بأنه “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌والشريفة، ودفاعًا عن لبنان ‏وشعبه، ‌‏تصدى مجاهدو المقاومة الإسلامية في ‏وحدات ‏الدفاع ‏الجوي عند الساعة 04:50 من بعد ظهر يوم الأحد 27-10-2024 للطائرات الحربية الإسرائيلية في أجواء القطاع الغربي ‏بصواريخ أرض – جو ‏وأجبروها على مغادرة ‏الأجواء اللبنانية”، مع التركيز على مصطح أجبروها على المغادرة، وصواريخ الأرض – جو المباركة بدعوات خامنئي، ترى هل غادرت فعلاً بفعل الرعب من الصاروخ؟ أم أنها حققت أهدافها حين أوهمتكم بذلك، فليالي لبنان مؤخراً تشير إلى أن العدو قد تخطى حواجز الخوف من عتادكم وعددكم.
والحقيقة المؤلمة هي أنه وبحسب التقارير من كلا الطرفين تبلغ الخسائر البشرية في لبنان حتى الساعة 2672 شهيد، و12468 جريح، بينما قتلى العدو الصهيوني لا تتجاوز نسبتهم 10 أو 15% من أعداد الشهداء اللبنانيين، هذا دون ذكر حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها لبنان بسبب زر نصرالله الضائع الذي كان من المفترض أن يمحو إسرائيل، وآلاف مراكز الإيواء التي كان من المفترض أنها موجودة لحماية الأتباع المقاومين.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مصطفى عبيد

كاتب ومحلل سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى