بقرارٍ إسرائيلي وصواريخٍ أمريكية ومباركةٍ إيرانية.. هكذا اغتيل نصرالله وظهرت الفضائح

كتب الصحافي مصطفى عبيد لقلم سياسي،
سوف يبقى اغتيال الأمين العام لميليشيا حزب حسن نصر الله أحد أهم الدروس السياسية، والحربية، والاستراتيجية لأعوامٍ بل ربما لعقودٍ من الزمن، حيث أنَّ عملية الاغتيال هذه لم تثبت سوى أن هنالك غباء كبير، أو استغباء على مستوى القيادات والكوادر والأتباع في حزب الله، فقد سمح العدو الصهيوني للحزب منذ حرب ٢٠٠٦ بأن يظهر على الشاشات، ويرفع الشعارات، ويصرخ عبر المنابر بأن صواريخهم ستصل إلى حيفا وما بعد حيفا ولكن كل ذلك بقي كلاماً فارغاً من المصداقية حتى اغتيال حسن نصر الله ب80 قنبلة أميركية الصنع سقطت لتمحو تاريخ حزب الله وخطاباته خلال العقدين الماضيين.
ومن أكبر أخطاء حسن نصرالله التي سمحت باغتياله هو أنه قد وضع لنفسه حدوداً، وقيَّد نفسه بقواعد وهمية، أو ربما قيَّدته إيران بحبال قواعد الاشتباك الوهمية هذه فما تركت له مجالاً سوى من أحل التدرب على عواميد الإرسال الصهيونية، ورغم توالي الاغتيالات على مستوى الصفوف الأولى في الحزب، وسقوط قادة رقعة الشطرنج الجنوبية، بقي نصرالله متشبثاً بقناعاته حول حدود كذبة الإسناد التي مثلها على الغزاويين مقتنعاً ومؤمناً بالروايات والمخططات الأيرانية، وأعطى الثقة لأهل الغدر بني يهود بأنهم هم أيضاً سيستمرون باللعب ضمن قواعد اشتباك مماثلة وإن كانت على أوسع مدىً ولكنها لن تطال رأسه تحت الأرض.
لكن ما حصل يوم الجمعة كان درساً قوياً لنصرالله، وحزبه وأتباعه ككل بأن قواعد الاشتباك هي ملجأ الضعفاء، ومخبأ الجبناء، فالحرب لا تمشي بقواعد تضعها إسرائيل وتباركها أمريكا، ومن يؤمن بهذه القواعد والأحكام فهو يسير بخطوات ثابتة نحو الهلاك، كما سار نصرالله وحزبه.
وللأسف يا سيد حسن، نادتك الشوارع العربية كافةً في بداية الحرب على غزة يوم خذلتهم قادتهم، فصرخوا بأعلى أصواتهم يطالبونك بالوفاء بعهودك، ووعودك، وإطلاق صواريخك التي لطالما صرعت رؤوسهم ببعد مداها وقوتها، ولكنك أبيت إلّا أن تبقى في الكهوف تسير وفق الأوامر الإيرانية، وتؤمن بقواعد اشتباك إسرائيلية خذلت بها آمال غزة وأطفالها، وبقيت بعيداً كل البعد عن الجهاد والإسناد، فخذلك أسيادك الإيرانيون، وغدر بك الإسرائيليون وما خرجت من كهفك بطلاً منتصراً، وإنما جسداً ميتاً يتم نعيه بأنبل المفردات وأشد الاستنكارات والإدانات التي ما نفعت أطفال غزة يوم نطقتها أنت من على منبرك، ولن تنفعك اليوم بينما العالم ينعيك، ثم يدين ويستنكر.
والفضيحة الكبرى يا سيد حسن، هي أن صواريخك لم تعرف الطريق نحو حيفا وما بعدها إلّا بعد اغتيالك، فثَبُتَ للناس وجودها، والسؤال هنا لم أخفيتموها عن أطفال ونساء وشيوخ غزة يوم احتاجوها لإسنادهم ونصرتهم؟ أم أن هذه الصواريخ لا تُطلق سوى للثأر لأتباع أهل البيت؟ ودم أهل غزة أرخص من أن تخرج هذه الصواريخ لأجلهم.
الواضح فعلاً أن اللعبة أصبحت أكبر منك ومن عصابتك الخارجة عن القانون، وإيران لم تعد تحتاجك في المرحلة القادمة فقامت بتنحيتك وتحويلك من قائد حي إلى رمز ميت، وبزشكيان يريد لإيران أن تصبح دولة لا مجموعة ميلشيات وعصابات، والواضح أكثر أن سجاد إيران الذي تعمل عليه لسنوات طوال من التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ قد تبيعه في لحظات عندما يتم دفع السعر المناسب، وسوف يظهر المستقبل السعر الذي قبلت به إيران لتسليم رأسك ورؤوس قياداتك وأتباعك الذين سقطوا في شباك قواعد الاشتباك.
ومن المؤسف حقاً أنَّ هنالك بين المواطنين اللبنانيين، وفي الطائفة السنية، والنسيج الفلسطيني من يراك شهيداً، ويرى في حزبك الأمل بالوصول إلى القدس، فلا يتذكرون كمية الدماء التي أراقها حزبك على امتداد لبنان، والعراق، واليمن، وسوريا والتي ربما كان آخرها ضحايا انفجار المرفأ، وبعض الاغتيالات الجانبية، وباتت دماء مرتزقتك المجرمة مقدسة أكثر من دماء أطفال سوريا، وبات أمر الانتقام لأجل مقتلك أكثر قدسيةً وشرفاً من مسألة إسناد الغزاويين، والثأر لقائدهم اسماعيل هنية، ولكن لهؤلاء أقول لن تطأ أقدامكم فلسطين والقدس طالما أنكم تسيرون وراء ميليشيا حزب الله الإيرانية.