توقفت عن الكتابة بأمر من يراعي

كتب حميد خالد رمضان لقلم سياسي،
قال لي قلمي:سئمت من أصابعك القابضة دائما على عنقي،ومللت من معارضتك الوقحة بصراحتها، وغلاظة أسلوبك، وفظاظة تعابيرك وقساوة لسانك، فأنا لم اعد أتحملك، وفي المقابل لم اعد أتحمل عدواة أقراني من الأقلام حتى ولو يُكتب بمدادها شتى أنواع التضليل والخداع والنفاق..
قلت له:أتهون عليك العشرة ؟
قال: عن أي عشرة تتحدث وانت لم تترك لك صاحبا، وبالتالي رحمة بك وبي أوقف خطاك فنهايتها التهلكة..
قلت:مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها ..
قال: هذا زمن سيء لا مكان لأمثالك فيه..
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لهجانا..
قال: كلام حق، والحق لم يترك لي ولك صاحب..
قلت:بالله عليك هل أنا كذاب؟
قال:والله وبالله وتالله لست كذابا ولكن (حامل السُلّم بالعرض) بزمن إنقلبت فيه المقاييس في زمن أصبح الكذب فيه قاعدة والصدق شواذ القاعدة..
قلت:إذا لماذا تريد فراقي؟
قال:كَبُر سني،ومَصُل مدادي-دمي، وترقق عظمي (البلاستيكي) لذا أريد أن أختم حياتي في خزانتك المملوءة بأقلام فارقتك لنفس الأسباب ..
قلت:يعز عليّ فراقك،ولكن كما يقال في أمثالنا الشعبية الموروثة (قصوا للدجاجة منقارا وما بطلت كارا) لذا سأشتري قلم جديد أكمل به مسيرة كتاباتي..
قال:إياك ان تظلم القلم الجديد كما ظلمتني وظلمت أقلام قبلي..
قلت:لا أقدر أن أعدك بذلك لأنني تعودت على ذلك..
قال:أستودعك الله، قتيلا أم سجينا،أم فقيرا..
قلت: أما قتيلا فهذا قدري، وأما سجينا فهذا تعودت عليه، وأما فقيرا فهذا مصير كل من يأبى الذل ويرفض نصر الباطل على الحق..
قال:إذا هذا فراق بيني وبينك لا لقاء بعده..
*قلت:ألا تريد أن تضمني الى صدرك يا صديقي كما ضممتك بين أصابعي؟
قال:لا لا لا ..
*قلت:ولما؟
قال:أخاف أن أتراجع عن قراري القاسي تجاهك، ولكنني مُصّر على ذلك ليس لأنك ظلمتني بكذبك، بل لأنك ظلمتني بصدقك..
قلت: يا رفيق الدرب أعذرني لأنني لن أتوقف عن الكتابة طالما أنا حيّ،ولو لم يعد هناك أقلاما ومدادا،سأصنع من جوارحي قلما،ومن دمي مدادا..
أيها القراء الأعزاء لقد بلغت من الكبر عتيا،وناهز عمري السبعين سنة ونيف،وانا حامل السُلّم بالعرض، وبالتالي (ما عاد تستاهل) أن أغير ثوابتي وقناعاتي التي سكنتني مذ أن ولدتني(فاطمة) وبالتالي سأستمر الى أن ألقى الله عز وجل،



