مقالات

لماذا يتنافسون على الوزارات الخدماتية في زمن الإنهيار؟

كتبت صفاء درويش في موقع mtv:

تاريخيًا، يجري التنافس بين المكوّنات السياسية اللبنانية على الوزارات الخدماتية، لا سيما في الحكومات التي تشكّل قبل الإنتخابات النيابية. هذه المرّة يُطبخ التشكيل في زمن انهيار اقتصادي مالي يطال معظم قطاعات الدولة واداراتها، فهل ما زالت الوزارات الخدماتية تشكّل جاذبًا للمتصارعين عليها؟

في التصنيف يمكن القول إنّ هناك وزارات من الدرجة الأولى وأخرى من الدرجة الثانية، حيث أن الفرق يتجسّد بحاجة المواطن واحتكاكه المباشر معها. تظهر هنا وزارة الأشغال، التي كانت تتصدّر القائمة طوال سنوات. شكّلت الأشغال رافعةً سياسية انتخابية كبيرة في زمن البحبوحة، حيث كان “التزفيت” أداة “تبييض” وجه الأحزاب والمرشّحين في أحياء المدن والبلدات. هذه المرّة، تراجعت أسهمها لدى الأحزاب، والسبب هو ضعف الميزانية العامة التي لا تسمح بفلش “الزفت الإنتخابي” كما درجت العادة، إلّا أنّ هذا لا يمنع من بقاء تصنيفها في مصاف وزارات الدرجة الأولى. بعد الأشغال تأتي وزارة الصحة، لا بل تتفوّق على الأشغال نسبةً لما تمر به البلاد منذ ظهور جائحة كورونا. فالصحة، التي تمسّ المواطنين مباشرةً خصوصًا أولئك الذين لا يملكون أي نوع من الضمان الصحي، يشهد الوصول إليها قتالًا شديدًا نتيجة تمكّن أي وزير يدخلها من توزيع الخدمات في ما خص المستشفيات والدواء بشكل كبير.في الدرجة نفسها تأتي وزارة الداخلية التي تحافظ على جودة الخدمة التي تقدّمها القوى السياسية لناسها حين تستلم الوزارة، من رخص الآبار (المتنازع على أحقيّة منحها) إلى رخص “الفوميه” وصولًا إلى كل ما يتعلّق بإدارة شؤون البلديات وبعدها إلى مديرية السير في قوى الأمن الداخلي. هذا خدماتيًا، أمّا سياسيًا فتشكّل الوزارة نقطة اغراء لأي مرشّح للإنتخابات، كون التلاعب كان سمة العمليات الانتخابية بعد الطائف. أمّا حال وزارتي الطاقة والإتصالات في زمن الإنهيار فيشبه حال الأشغال، لا بل أكثر. فالطاقة تشهد صراعًا للهروب منها لا لاستلامها، نظرًا لكونها حقيبة مفخخة بشتّى أنواع العقد، والأنظار شاخصة نحوها بشكل كبير. يُعد الداخل إليها متّهمًا بالفساد حتى يتم تغذية المناطق بالتيار الكهربائي لـ24 ساعة من 24، وما غير ذلك لن يخرج منها الوزير سالمًا. ورغم الضغط السياسي الإعلامي الشعبي عليها كانت تشكّل بابًا خدماتيًا جيّدًا تراجع مع الجفاف الذي يبدو أنه سيضرب الموازنة العامة. الإتصالات هي الأخرى شهدت طوال سنوات عمليات توظيف كبيرة، قد لا يكون بوسع أي وزير مقبل الإستفادة منها لا سيما بعد فضيحة أوجيرو الأخيرة!الوزارة الأخيرة في الدرجة الأولى، والتي بات بوسعها المنافسة على صدارة الترتيب هي وزارة الشؤون الإجتماعية، والتي كانت طوال سنوات تموّل جمعيات “زوجات السياسيين” التي تبيّن أن جزءاً كبيراً منها وهمي! هذه الوزارة باتت الحاجة إليها اليوم أكبر، نتيجة ارتباطها كثيرًا بالبطاقة التمويلية، فيما على أي وزير يدخل إليها تجفيف منابع الهدر حمايةً له ولمسيرته.في الدرجة الثانية تأتي التربية والصناعة والزراعة والسياحة، وهي وزارات قد تكون قبل هذه الإنتخابات تحديدًا مشلولة نوعًا ما. فمسألة منح الرخص للمؤسسات في زمن الإنهيار هو شبه معدوم، حيث يشهد لبنان هروباً لرؤوس الأموال وشركاتهم لا العكس، في مختلف القطاعات وأبرزها السياحة والصناعة.

وكي تكون الأمور جليّة، الخدمات الحزبية في الوزارات لا يمكن أن ندرجها سوى بإطار الفساد والتحاصص والمحسوبيات. الخدمة الفعلية هي التي تُقدّم لجميع المواطنين بشكل عادل ومتساوٍ، على أن تبقى العبرة بمن يستلم الوزارة وكيف يكون أداؤه فيها.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى