“ذهب لبنان الأبيض”.. مناجم طبيعية بحرية قد تدر ملايين الدولارات

على حوض البحر الأبيض المتوسط، تقع بلدة أنفه في قضاء الكورة التي اشتهرت بأنها منجم الذهب الأبيض وموطن الملاحات التقليدية التي كانت في ستينيات القرن الماضي تغطي مساحة مليون متر مربع تقريبا على شاطئها قبل أن تنحسر لتصل اليوم إلى أقل من 200 ألف متر إضافة إلى تميزها بطواحين الهواء وكنائسها القديمة، كما تحتضن دير سيدة الناطور الذي يعود تاريخ بنائه الى القرن السادس.
ملاحات أنفه تشكّل عاملا سياحياً جذابا وهي أيضا مصدر رزق للعديد من أهالي البلدة الذين يعيشون من استخراج الملح وبالتالي هي تشكل انتاجا صناعيا مهما يمكن الإستفادة منه.
وعلى الرغم من اجتياح المنتجعات السياحية لشواطئ البلدة وتلوث مياه البحر الناجم عن النشاط الصناعي في المنطقة لا تزال هذه الملاحات صامدة.
ولا بد من الإشارة إلى ان وزير البيئة وليد نصار أعلن في حزيران 2023 مناطق رأس الملاليح ورأس القلعة ومنطقة دير الناطور في بلدة أنفه على خارطة السياحة البيئية والثقافية والتراثية.
الباحث في شؤون البيئة ومؤلف كتاب “ملح لبنان” حافظ جريج اطلعت المصادرعلى تاريخ هذه الملاحات وأهميتها سياحيا وبيئيا وصناعيا.
بداية يُشير جريج إلى ان “الملاحات انتشرت عبر التاريخ على طول الشاطئ اللبناني أي من الفينيقيين وصولا إلى الرومان والعثمانيين والانتداب الفرنسي حتى اليوم، ولكن بعد الحرب اللبنانية عام 1975 بدأت ظاهرة المنتجعات البحرية تغزو الشواطئ وبالتالي أصبحت الملاحات ومرافئ الصيد ضحية انتشار هذه المشاريع التي لوّثت الشاطئ”
ملح لبنان الأفضل
وتابع جريج انه خلال الحرب توقف كل شيء في لبنان ومن ضمن ذلك الملاحات، وأوضح ان “لبنان كان ينتج قبل عام 1975 نحو 50 ألف ألف طن من الملح وكان يتم فرض ضريبة مرتفعة على الملح المستورد ولكن بعد الحرب توقفت الملاحات وبدأنا باستيراد الملح من الخارج”.
وشدد على ان “قضية استخراج الملح اللبناني من القضايا الملحة ومن الموارد الطبيعية الأساسية وهذا المورد لم يأخذ حقه كما يجب”.
وأكد جريج انه “لا يمكن القول بأن كل الشاطئ اللبناني ملوّث فالمركز الوطني للبحوث العلمية بيّن ان مياه البحر في موقع الملاحات في أنفه غير ملوّث كما ان بحر رأس الناطور من أنظف شواطئ لبنان”.
وشدد جريج على ان “ملح لبنان من أفضل أنواع الملح البحري في العالم وفحوص المختبرات تؤكد ذلك”.
وقال: “أكبر مساحة ملاحات تاريخيا وإلى اليوم هي ملاحات أنفه، وفي الوقت الذي كان فيه لبنان ينتج 50 ألف طن من الملح كانت أنفه وحدها تنتج 35 ألف طن أما الباقي فكان يُستخرج من القلمون وسلعاتا وكفرعبيدا والبترون وجزيرة النخل”.
وأشار إلى ان “في دول انتاج الملح تنخفض الملاحات طبيعياً عن مستوى سطح البحر في حين انه في لبنان هي أعلى من مستوى البحر بنحو 5 أمتار والملاحات موجودة على الشواطئ الصخرية، وكانت تتميز هذه الشواطئ على طول الساحل اللبناني بأجران منحوتة وأقنية لانتاج الملح وكانت في البدء ملاحة صغيرة منزلية لحاجات المنزل”.



