عربي ودوليمقالات خاصة

بين طلاب الغرب والعرب..الإختلاف أكبر من نقطة

كتب الصحفي جلال قبطان لموقع “قلم سياسي”:

لماذا هم وليس نحن؟ لماذا حكوماتهم وليس حكوماتنا؟ لماذا طلابهم وليس طلابنا؟ لماذا ولماذا ولماذا…؟ سؤال يؤرق الكثيرين في عالمنا العربي من “المحيط إلى الخليج” دون إجابة واضحة وضوح الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، منذ شرارة طوفان الأقصى نهاية العام 2023.

لست هنا بصدد البحث في سلوك بعض الحكومات بين غربية داعمة للحق الفلسطيني وعربية لاهثة للتطبيع مع مغتصبي الحق الفلسطيني، فهذا باب يحتاج إلى صفحات طويلة وساعات كثيرة من النقاش، كون السياسة منذ نشأة الكون تعمل وفق قانونين اثنين: “المصالح المادية وتعزيز السلطة” ولم تركن الدول يوما إلى مفاهيم الاخلاق والعدل (إلا من رحم ربي)..

إنما السؤال الأكثر إلحاحا الذي يدور في خاطري، ولن أدعي القدرة على التوصل إلى إجابة نهائية عليه، هو لماذا طلبة الغرب أكثر حضورا من طلاب العرب؟

بداية مع طلاب الجامعات الأميركية الذين حضروا في الساحات وشغلوا الإعلام رغم كل التضييق والقمع الذي يتعرضون له، قبل أن تتدحرج كرة الثلج وتشمل عشرات الجامعات الغربية، لا سيما في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، واللافت أنهم ينتمون إلى دول تدعم حكوماتها وإعلامها إسرائيل بشكل مطلق.

بالمقابل الجامعات العربية وعلى الرغم من ارتباط طلابها مع فلسطين باللغة، العرق، الدين، اللون، الحدود وغيرها الكثير الكثير من القواسم المشتركة، إلا أنها تغيب للأسف عن المشهد بشكل كلي.

السؤال كبير لكن الإجابة سهلة، هي بكل بساطة الحرية بمفهومها الحقيقي وقيمتها السلوكية التي يترعرع عليها المواطن الغربي منذ الصغر، ويمارسها باختيار الملابس، الألعاب، الهوايات حتى يكبر  وهو متمرّس بالحفاظ على قدسية حريته الشخصية وأهميتها..

ولأن الحرية كالأفراد أيضا تنضج وتكبر، ويتحول مفهومها من مجرد حرية شخصية إلى الحريات العامة، وهو بكل بساطة ما دفع هؤلاء الشبان للثورة والغضب عند رؤيتهم للحرية التي تربوا عليها تنتهك في فلسطين، حتى وإن كان الفاعل حليف حكوماتهم والمكان بقعة جغرافية تفصلهم عنها جبال وبحار.

أما المواطن العربي، فهو يتعلم منذ صغره كل شيء باستثناء الحرية، يتعلم التبعية للزعيم والقائد، الخوف من الأمن، الركض خلف لقمة العيش، والأهم أنه يربى على مفهوم ان الجامعة هي باب لفرصة عمل بمعاش أعلى لا أكثر.

هذه “التعاليم الذهبية” هي ما يهيئ طالب اليوم ليكون مواطن الغد الصالح، وتمنعه من التفكير خارج صندوق السياسات الحكومية، أو بمعنى أكثر وضوحا تدجينه ليكون تابع مطيع ومصفق حار للحاكم بأمره.

ختاما، إعادة الاعتبار للقيمة الإنسانية وفطرة الحرية هي مطلب حقيقي وملح لإنقاذ هذه الأمة من سباتها العميق، لأن الحرية لن ينصرها سوى المتحررون في نفوسهم والمنتفضون لكرامتهم ضد ثقافة القطيع أو العبيد ولك أن تسمّها ما شئت..


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى