محلي

عودة: بلدنا لن ينهض ما لم ينتظم عمل مؤسساته الدستوريّة

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة خدمة الهجمة وقداس الفصح في كاتدرائية القديس جاورجيوس بحضور حشد من المؤمنين وقال فيها:

بلدنا بحاجةٍ إلى من يحبّه محبّةً صادقةً بعيدةً عن الحقد والشرّ والطمع والفساد. هو بحاجةٍ إلى مسؤولين يعملون من أجله لا من أجل مصالحهم، وإلى نوّابٍ يقومون بواجباتهم بعيداً عن المصالح والغايات، وأولى هذه الواجبات الإجتماع خلال المهلة التي يحدّدها الدستور من أجل انتخاب رئيسٍ للجمهورية يقود البلد بأمانةٍ وحكمة.

وأضاف: لقد مضى ما يقارب العامين على انتهاء هذه المدّة ولم ينجزوا واجبهم، وكأنّ البعض استساغ الفراغ واستغنى عن وجود الرئيس! نراهم يجتمعون عندما تدعوهم المصالح، وتتضافر جهودهم من أجل إتمام المقتضى. فإذا كان بإمكانهم الإجتماع فلم لا ينتخبون رئيساً؟ ولم لا يطبّقون الدستور المفروض أن يكون مرجعهم الوحيد؟ ولم لا يحترمون المواعيد الدستورية كلّها؟ ولم يتخطون المفاهيم الديمقراطية؟ ألسنا في نظامٍ ديمقراطيٍّ مبنيٍّ على مبدأ الفصل بين السلطات وتعاونها، وعلى صون استقلاليّة القضاء من أجل تحقيق العدالة، وعلى ضمان حريّات المواطنين وحقوقهم في تولي المراكز، والمشاركة في السلطة عبر انتخاباتٍ تجرى في مواعيدها؟ الديمقراطيّة لا تستقيم من دون احترام المهل الدستوريّة وتداول السلطة، ومن دون مراقبةٍ جدّيةٍ ومحاسبةٍ عادلة.

وتابع: بلدنا لن ينهض ما لم ينتظم عمل مؤسساته الدستوريّة ويؤمّن حسن أداء الموظفين فيها. لكنّنا نشهد عجز هذه المؤسسات بسبب عدم انتخاب رئيسٍ، ولا انتخاب لرئيسٍ بسبب الصراعات السياسية والمشاحنات والتعطيل وفرض بدعٍ لا ينصّ عليها الدستور. نظامنا الديمقراطيّ يتقهقر بسبب تداخل السلطات وتحكّم السياسة في القضاء، وتعطيل الدستور وإخضاعه للمصالح، وتعطيل انتخاب رئيسٍ وعرقلة تشكيل الحكومات، كما شهدنا في السنوات الأخيرة، بحجة الديمقراطيّة التوافقيّة التي هي نقيض الديمقراطيّة الحقيقيّة التي تقوم على أكثريةٍ برلمانيّةٍ تنبثق منها حكومةٌ تتولّى السلطة، ومعارضةٍ فاعلةٍ تمارس الرقابة الحقيقيّة المنزّهة عن كلّ مصلحة. هذا ما كان عليه لبنان في ماضيه.

وختم: كان العالم يحسدنا على النعمة الكبيرة المسمّاة لبنان، وبعض البلدان المحيطة بنا كانت تطمح إلى الوصول إلى ما كنّا فيه. للأسف، تراجعنا كثيراً فيما هم تطوّروا حتى فاقوا التوقعات. لذا علينا جميعاً، مسؤولين وأحزاباً ومواطنين، والمثقّفين بشكلٍ خاص، العمل معاً من أجل قيامة وطننا. الطريق واضحٌ: تطبيق الدستور. علينا جميعاً، كلٍّ في مجاله، تطبيق دستور بلدنا وقوانينه، والتحرّر من الأفكار الغريبة، والشروط التعجيزيّة، والأنانيّة، والتعصّب، والتفرّد، والحقد، والإنتقام. إنّه لمخجلٌ حقاً أن يشعر اللبنانيون، في هذه المرحلة المصيريّة من تاريخ هذه المنطقة، أنّ نوّابهم وزعماءهم عاجزون وينتظرون معونة الخارج. والخارج ينبّهنا أنّ لبنان لن يدعى إلى مفاوضاتٍ بدون رئيسٍ وحكومةٍ فاعلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى