الصحف

قصة التعويضات لمتضرري الحرب في الجنوب: انقسامات داخلية وتساؤلات

مادة انقسام جديدة اقتحمت أخيراً المشهد السياسي اللبناني لتزيده احتقاناً على خلفية التعويضات المحتملة يوما ما لضحايا المواجهات الدائرة على طول الحدود الجنوبية مع اسرائيل، سواء منهم ذوو الضحايا والشهداء أو أصحاب المنازل والدُّور المهدمة أو المتضررة.

وكتب ابراهيم بيرم في” النهار”: مبتدأ تسعير هذه المادة تجسد قبل ايام في كلام نُسب الى رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر ضمَّنه ارقاماً مخيفة للخسائر الناجمة عن العدوان من جهة، وللتعويضات التي يتوجب على الدولة دفعها ساعة عودة الاستقرار من جهة اخرى، اذ قدَّر حيدر عدد البيوت المهدمة كليا بنحو 700 منزل مضافا اليها نحو 10 آلاف منزل تراوح أضرارها ما بين الدمار الجزئي والكلّي.
لكن عنصر المفاجأة تبدى في ما كشف عنه حيدر استطرادا واستدراكا عندما قال: ان المعلومات التي هي قيد التداول تشير الى ان الدولة تتجه لصرف مبلغ 20 ألف دولار تعويضا لكل عائلة فقدت شهيدا و40 ألف دولار حداً اقصى تعويضا عن كل منزل متهدم كليا.
وفي طيّات تصريحه هذا أشار حيدر الى ان مجلس الجنوب يواصل يوميا احصاء الخسائر والأضرار، وان صرف التعويضات يبدأ بعد انتهاء الحرب واعمال المسح النهائي والدقيق، وان صرف التعويضات هو من صلاحيات المجلس حصراً.

الى ذلك، اكد ان التعويضات عن الاضرار الزراعية ليست ضمن عمليات مسح الاضرار التي تنفذها فرق المجلس.
وعلى الأثر هبّت موجتان من الاعتراض والتساؤل:
الاولى هي عبارة عن رفض كلّي لمنطق التعويض حمل لواءه اكثر ما يكون قوى مسيحية ووجدت سنداً ودعماً من نواب وشخصيات.

الثانية هي عبارة عن تساؤلات موضوعية تركزت حول مصادر تمويل التعويضات وما سترتبه من اعباء اضافية على الخزينة التي تعاني اصلاً عسراً وشحاً.

المعترضون اعتمدوا منطقاً يقوم على الآتي:
لماذا يتعين على الدولة ان تدفع نفقات حرب لم تكن طرفا او شريكا في اعلانها؟ واين دور “حزب الله” نفسه في هذا الوضع، ولماذا لا يكون هو المتكفل الحصري بالدفع والغُرم مادام هو اتخذ حصراً قرار فتح باب المواجهة ومضى الى حرب مستمرة منذ نحو ستة اشهر ألحقت افظع الاذى والضرر بنحو 50 بلدة حدودية كانت عامرة الى الأمس القريب؟

ولاحقاً اضيف الى هذا المنطق إسناد ودعم يتمثل في تساؤل ورد على لسان كثر ومفاده ان الدولة التي تدفع تعويضات باهظة لمتضرري الاعتداءات الاسرائيلية وتخلّفت في السابق عن دفع تعويضات مقرّة لمتضرري انفجار مرفأ بيروت الذي دوّى قبل اعوام هي دولة غير نزيهة وغير عادلة وتفرّق بين مواطنيها.

وحيال ارتفاع منسوب هذه الحملة وتحوّلها الى هجمة ضد حكومة تصريف الاعمال، بادر رئيسها نجيب ميقاتي الى محاولة لاستيعاب مفاعيلها وتداعياتها من خلال كلام اطلقه اخيرا في طرابلس وحاول عبره دحض ما نُسب الى حيدر من ارقام حول تعويضات محتملة، فقال ميقاتي: “ان العدوان الاسرائيلي مستمر، ومن المستحيل في ظل هذه الظروف القيام بأي خطوة لإحصاء الاضرار وتحديد كلفتها. وكل ما يتم اشاعته في هذا الاطار غير صحيح، خصوصا ان الجميع يعلم الامكانات المحدودة للدولة التي بالكاد قادرة على تأمين الحاجات الاساسية وتسعى جاهدة لتأمين الحد الادنى من الدعم المطلوب للنازحين من قرى الجنوب”.

ووفق معلومات، فان الثنائي الشيعي قد اخذ قرارا بعدم الرد والمساجلة لاعتبارين: الأول انه “لا يريد ان تتقدم مناخات الفتنة والانقسام”، والثاني ان “كل الامور مؤجلة الى حين انتهاء العدوان، وبعدها لكل حادث حديث”.

المصدر
النهار


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى