إقتصاد

القطاع الخاصّ… وجه لبنان الحقيقيّ

تعصف الأزمات على مرّ السّنوات بلبنان: انهيارات، وتضخّم ماليّ، وفساد. وعلى ما أظهرت الوقائع، هناك قطاعٌ حيويّ أبقى لبنان صامداً على قيد الحياة، إنّه القطاع الخاصّ. فماذا قدّم هذا القطاع للبنان؟ وما هي تحدّياته؟

بمرادف آخر للمصطلح، القطاع الخاصّ هو المؤسّسات الخاصّة، التي يمكن اعتبارها الوجه الحقيقيّ للّبنانيّ النّاجح والطّموح والمقاوم للتّحدّيات المعيشيّة. حافظ هذا القطاع بالحدٍّ الأدنى، على استمرار الوظائف اللّبنانيّين، كما إنّ ازدهار القطاع في السّنوات الأخيرة خلق فرص عمل جديدة متنوّعة في مختلف المجالات، متحدّياً البطالة المهدِّدة للشّباب والشّابّات. والتّطوّر الإداريّ في المؤسّسات الخاصّة أعطى نموذجًا للحداثة والتّطوّر التّكنولوجيّ والصّناعيّ. وهذا القطاع، حتّى الآن، لا يزال عامل جذب للدّول المحيطة، من أجل المجيء إلى لبنان وضخّ الأموال، لأنّ لبنان، حتى الآن، لا يزال أرضًا خصبة للاستثمار وجني المزيد والمزيد من الأرباح، كما يعتبر لبنان مدرسة المهارات المهنيّة ومقلع رجال الأعمال ومنبت المؤسّسات النّاشئة.

ولكن، لهذا القطاع تحدّيات تهدّد وجوده، في تركيبة بلد تجعل من الاستقرار السّياسيّ والأمنيّ شبه مستحيل. عدم الاستقرار هو العائق الأكبر أمام استثمارات القطاع الخاصّ، وهناك تحدٍّ كبير أيضاً هو ضعف البنية التّحتيّة، مثل الطّرقات وتعرّجاتها وتكلفة صيانة السّيّارات، ومسألة توفير الكهرباء وإيجاد مولّدات خاصّة وتكاليف صيانتها ومحروقاتها، وعدم القدرة على شراء معدّات عالية الجودة للمعامل، ما ينعكس سلباً على جودة المنتوجات.
أمّا على صعيد فساد الدّولة وتأثيرها، فنتحدّث عن عدم ضبط الحدود والسّماح بدخول منتوجات منافسة للمنتوج اللبنانيّ، وفرض ضرائب هائلة على القطاع الخاصّ، يمكن وصفها بالمجزرة بحقّ الاقتصاد اللبنانيّ. فمن يريد أن يحافظ على ما تبقّى من هذا القطاع، عليه تسهيل عمله لا استنزافه.
أمّا في ظاهرة انتقال اليد العاملة من القطاع العامّ الى القطاع الخاصّ، فقد تدهورت المستويات الإنتاجيّة بسبب عدم أهليّة هؤلاء الأفراد، وتعدّيهم على مختلف المجالات التي لم يخضعوا لدورات تدريبيّة أو تعليميّة فيها، ما انعكس سلباً على القطاع، فتدنّى مستواه وانخفض معدّل مدخول الفرد بعد أن كان قد انخفض جدًّا في السّنوات الماضية بسبب تواجد اليد العاملة السّوريّة.

في النّهاية، وفي ظلّ هذه التّركيبة، وفي ظلّ عدم قدرة الدّولة على إدارة البلاد، لن يتمّ تأمين بيئة حاضنة لنموّ القطاع الخاصّ، مع غياب من هو مهتمّ بتوفير الفرص لقيامه، وعدم وجود أيّ تشّريع مساعد أو داعم لتطوّره.
يُعدّ القطاع الخاصّ شريكًا أساسيًّا للدّولة في تحقيق التّنمية الاقتصاديّة وخلق فرص العمل، من هنا يجب على الدّول المنهارة العمل على توفير بيئة عمل ملائمة وداعمة لهذا القطاع لكي يُساهم في نهوضها وتحقيق الاستقرار الاقتصاديّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى