سياسةمحلي

البطريرك الراعي يطرح في عظته سلة حلول تحت عنوان انتخاب رئيس لإنقاذ لبنان

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد مار مارون في كاتدرائية مار جرجس المارونية في بيروت، في حضور وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، سفير فرنسا هيرفي ماغرو وسفير مصر علاء موسى، السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا، النواب سليم الصايغ، فريد البستاني وراجي السعد، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام للأمن اللواء الياس بيسري وشخصيات سياسية واجتماعية.

وألقى الراعي عظة بعنوان “حبة الحنطة، اذا وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمر كثير” حيث قال: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، تكريما لأبينا القديس مارون، ابي الطائفة المارونية وشفيعها ومثالها. وكون العيد وطنيا في لبنان، فإنا نهنىء كل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، ونوجه تهنئة خاصة الى كل أبناء كنيستنا وبناتها، أساقفة وكهنة ورهبانا وراهبات ومؤمنين العائشين في النطاق البطريركي المشرقي وفي بلدان الإنتشار. وأود أن أشكر سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر، رئيس أساقفة بيروت، عل الدعوة للإحتفال معكم بهذا العيد وعلى كلمته اللطيفة في مستهل احتفالنا. كما أشكر ايضا صاحب الغبطة البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان وأصحاب الغبطة الذين أوفدوا السادة الأساقفة لتمثيلهم، وسيادة السفير البابوي والآباء، وأصحاب المعالي الوزراء والسعادة النواب والسفراء وسائر المقامات المدنية والعسكرية، والإخوة والأخوات الأحباء. ولا أستطيع في المناسبة أن أخفي عليكم دمعة القلب لغياب رئيس البلاد للسنة الثانية، هو الذي كان يتقدم المشاركين في قداس العيد. ولسنا ندري لماذا لا يدعى المجلس النيابي للإنعقاد والقيام بأول واجب عليه أساسي وهو ان ينتخب رئيسا للجمهورية لكي تنتظم جميع المؤسسات الدستورية وأولها مجلس النواب ومجلس الوزراء والقضاء ومسيرة العدالة، ولكي تبدأ مسيرة الإصلاحات والنهوض بالاقتصاد وضبط الفساد. بتنا في هذه الحالة نشك بالنوايا، ونرى في تعطيل انتخاب الرئيس خلفيات مشبوهة غير مقبولة ومدانة”.

وسأل البطريرك الراعي في عظته: “هل من أحد يجهل، أو ربما يتجاهل، أن الموارنة لعبوا الدور الحاسم في إنشاء دولة لبنان الكبير، بالتعاون طبعا مع سواهم. وقد توج مسيرتهم البطريرك المكرم الياس الحويك الذي ترأس شخصيا الوفد اللبناني الثاني إلى مؤتمر الصلح في فرساي بفرنسا، والمؤتمر الثالث بانتداب نائبه المطران عبدالله الخوري. فكان إعلان “دولة لبنان الكبير” في أول أيلول 1920، متميزا عن سائر دول المنطقة بالخصائص التالية:

أ- لبنان يفصل الدين عن الدولة، فيما البلدان المجاورة دينية إسلامية، وإسرائيل دولة يهودية.
ب- الإنتماء إلى لبنان عبر المواطنة، لا عبر الدين.
ج- لبنان يعتمد التعددية الثقافية والدينية،
د- لبنان قائم على ميثاق العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين المنظم في الدستور بحيث يتعاونون بالمساواة في الحكم والإدارة.
ه- لبنان يقر جميع الحريات المدنية العامة ولا سيما حرية المعتقد والتعبير.
6- بنتيجة هذه الخصوصيات، لبنان من طبعه وطبيعته ذو نظام حيادي إيجابي يعطيه دور وساطة ولقاء وحوار من أجل توطيد العدالة والسلام، وحماية حقوق الشعوب”.

وتابع: “لا يسعنا في هذا العيد إلا أن نذكر بصلاتنا البطاركة الموارنة الذين قادوا المسيرة التكوينية للبنان منذ عهد البطريرك القديس يوحنا مارون وصولا إلى إعلان دولة لبنان الكبير مع البطريرك الياس بطرس الحويك وخلفاؤه يحافظون حتى يومنا على هذه الوديعة لصالح لبنان وكل اللبنانيين. أما اليوم فنرانا أمام عملية إقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة بدءا من عدم إنتخاب رئيس للجمهورية، وإقفال القصر الجمهوري والعودة إلى ممارسة حكم الدويكا بالشكل الواضح للعيان، وغير المقبول. وما القول عن إقصائهم وسائر المسيحيين من الوزارات والإدارات العامة؟ والكل بانتهاك الدستور عبر بدعة “الضرورة” التي يعتمدها مجلس النواب ليشرع عن غير حق، ومجلس الوزراء ليجري التعيينات وكل ما يفوق تصريف الأعمال العادية، عن غير حق أيضا. ففي غياب الرئيس يستباح الدستور كما نرى، ولا من سلطة تصلح وتوقف هذا الواقع الشواذ. فهل أصبحنا في دولة نظامها استبدادي يحل محل النظام المعلن في مقدمة الدستور: “أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية” (بند ج)؟ يقولون أن لبنان بحاجة إلى رئيس لا يستفز هذا أو ذاك من الأفرقاء. فعلق أحد المحللين السايسيين كاتبا: “واقع البلاد يستلزم رئيسا لا يستفز أحدا، ولا يتحدى أحدا… لكن:

1) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يتحدى كل من يعطل الدستور ويطيح الميثاق الوطني فيضرب صيغة الشراكة والمودة.
2) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يضع حدا لحكومات الوحدة الوطنية الزائفة ويحيي اللعبة البرلمانية في النظام الديمقراطي اللبناني.

3) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يرفض كل سلاح غير شرعي.

4) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يتحدى كل من يتطاول على السيادة والاستقلال لئلا يمسي لبنان دولة التبعية والاحتلال. 5) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يتحدى أولئك الذين يمنعون إغلاق الحدود السائبة بين لبنان وسوريا بقصد إبقاء علاقات لبنان مع أصدقائه منهارة ومع أخصامه مزدهرة.

6) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يتحدى الدول التي تعمل على توطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.

7) إنقاذ البلاد يستدعي رئيسا يتحدى جميع الشواذات المنتشرة في الدولة اللبنانية ومؤسساتها ومجتمعها الإنساني. إذا لم يستفز رئيس الجمهورية الجديد جميع هذه الفئات الخارجة على الشرعية، ويتحد جميع هذه التجاوزات القاتلة، فسيتحداه الجميع ويستفزونه. ليس لبنان بحاجة إلى رئيس يستفز أو يستفز لئلا ندخل في دوامة صراع مفتوح”.

وختم الراعي: “نصلي إلى الله، بشفاعة أبينا القديس مارون، ملتمسين منه نعمة تساعدنا على عيش مقتضيات الإنجيل مثله، وتجعل من الصلاة وسيلة لإتحادنا بالله، ولشد أواصر الوحدة مع جميع الناس. له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين!”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى