الصحف

الأعين مجدّداً نحو التصعيد الميداني… وضجة “الأونروا”


لم تكن حرب الشائعات التي اتسع نطاقها في الأيام الأخيرة حيال تطورات المواجهات الميدانية الآخذة في التصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية سوى وجه من وجوه الدعاية الحربية التي زجت في الميدان بما يعكس تفاقما خطيرا في واقع الحال لمنسوب العنف الحربي في المواجهات. وفي أي حال فإن الوقائع الميدانية منذ الجمعة الماضي نحت في اتجاه تصعيد متسع ونوعي ترجمته الهجمات الصاروخية الكثيفة والمتعاقبة والمركزة على المواقع والثكن وتجمعات الجنود للقوات الإسرائيلية التي شنها “حزب الله” منذ مساء الجمعة عقب الغارات الإسرائيلية على منزلين في بيت ليف والتي أدت الى سقوط أربعة مقاتلين من الحزب شيعوا امس، فيما لم تتوقف في المقابل الغارات الإسرائيلية ولو ان وتيرتها انحسرت نسبيا امس ربما بسبب العاصفة التي تضرب المنطقة.

التصعيد الميداني هذا يأتي عقب “زوبعة” التركيز السياسي والإعلامي في بيروت على حركة السفراء الخمسة لدول المجموعة الخماسية المعنية بالازمة الرئاسية في لبنان، الامر الذي عكس في الجانب الخلفي من المشهد عدم وجود أي رابط بين التحرك الخماسي والتطورات الجنوبية وفق اجتهادات تحدثت عن ربط بين الملفين. حتى ان ثمة معطيات مصدرها أوروبي تشير الى استبعاد أي تبديلات جدية قريبة المدى في واقع الازمة الرئاسية باعتبار ان ما جرى على صعيد حركة السفراء الخمسة في بيروت لن يتجاوز التحضيرات لما يمكن ان تقرره المجموعة الخماسية على مستوى ممثليها اذا انعقد اجتماع لها في باريس او الدوحة في مطلع الشهر المقبل كما تردد. ولم تظهر بعد موشرات حاسمة حيال موعد هذا الاجتماع المفترض.

اما بالعودة الى الوضع الميداني جنوبا فبعد ليل متفجر، استهدفت نيران رشاشة اسرائيلية امس رأس الناقورة. كما تعرّضت أطراف بلدة الناقورة لغارات إسرائيليّة، وطاول القصف المدفعي الإسرائيلي أطراف بلدة حولا والضهيرة وعيتا الشعب وأطراف بلدة طيرحرفا. وحلّق الطيران الاستطلاعي فوق قرى القطاعين الغربي والاوسط وصولا حتى مشارف مدينة صور وبعمق جنوبي غير اعتيادي كما اطلق الجيش الإسرائيلي القنابل المضيئة في سماء القطاعين الغربي والاوسط. ونفّذت القوات الإسرائيلية غارتين ايضا على مناطق في القطاع الغربي ودوّى انفجار ضخم في المواقع الاسرائيلية المواجهة للناقورة.

في المقابل، أصدر “حزب الله” سلسلة بيانات أعلن فيها عن استهدافه انتشاراً للجنود الإسرائيليين في محيط موقع جل العلام بصواريخ بركان وتجمعاً ‌للجنود جنوب موقع العباد. كما استهدف تجمعا ‏للجنود الإسرائيليين جنوب موقع العباد وتجمعا اخر في محيط ثكنة دوفيف ومن ثم قاعدة خربة ماعر.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة أنّه تم تفعيل صافرات الإنذار في عددٍ من المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للبنان خشية تسلل طائرات مُسيرة باتجاهها عبر الحدود.وفي سياق التهديدات الاسرائيلية قال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أنّ “الجيش يرفع جاهزيّته على الجبهة الشّماليّة، حيث أجرت قيادة المنطقة الشّماليّة الأسبوع الماضي، تدريبات مكثّفة لتعزيز الكفاءة والجاهزيّة للحرب”. وأشار الى أنّ “في إطار الخطط التّدريبيّة لكتائب الاحتياط المنتشرة على خطّ الحدود الشّماليّة في الأشهر الأخيرة، جرى تدريب مقاتلي لواء المظليّين الاحتياطي الشّمالي (226)، وكذلك قوّات هندسة متخصّصة على قتال المدن، وتحديدًا في منطقة أحياء سكنيّة مكتظّة وسط ظروف جوّيّة شتويّة؛ وتماشيًا مع تضاريس الأراضي في الجبهة الشّماليّة” وأنّ “المقاتلين تدرّبوا على مختلف المستويات، بدءًا من مستوى الفصيل، وانتهاءً بمستوى الفرق القتاليّة للكتائب الّتي تضمّ الدّبّابات ومقاتلي المشاة والهندسة العسكريّة والمدفعيّة”، مشيرًا إلى أنّ “المركز القومي لتدريبات القوّات البرّيّة، تولّى حتّى الآن الإشراف على أكثر من 100 يوم تدريبي، بما في ذلك أكثر من 20 تمرينًا على مستوى الكتائب وأكثر من 100 تمرين على مستوى السّرايا”.

وفي المقابل شدد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على أن “المقاومة في لبنان تصدت للعدو الإسرائيلي وقالت بالواقع العملي وفي الميدان إياك أن تخطئ الحساب وإياك أن تحول جنونك من مكانٍ إلى مكان باتجاه لبنان لأن ما ينتظرك فيه هو المقابر”. وقال: “نحن جاهزون للمواجهة إلى أبعد مدى وإذا رأى العدو حتى الآن جزءا بسيطا من بأسنا فنحن جاهزون لأن نريه كل بأسنا”. وأضاف أن “العدو ومن معه يستحضر الخيبة نتيجة فشله في تحقيق أهدافه في #غزة ويأتي محاولا التنمر والتمثيل مهولا علينا بالحرب الشاملة في لبنان لتحقيق شروطه التي تطمئن المستوطنين في الشمال حتى يعودوا إلى مستوطناتهم”. وقال: “أن نطمئن أهلنا الذين نزحوا من قراهم أولى عندنا من أن تطمئن مستوطنيك. لن يكون أمن على حساب أمننا ولن يكون هناك تفاهم دولي وإقليمي لا يلحظ إستقرارنا وسيادتنا وحقنا في أرضنا وفي التموضع الذي نحن الذين نقرره ونختاره”.

وفي سياق متصل أثارت الضجة التي تصاعدت خلال الساعات الأخيرة، حول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” اهتمام الأوساط اللبنانية لان لبنان معني بوضع هذه الوكالة وعملها في المخيمات الفلسطينية . وقد أطلقت إسرائيل اتهامات بتورط مزعوم لعدد من موظفي الوكالة في الهجمات على إسرائيل في 7 تشرين الاول الماضي، مما دفع الأمم المتحدة للتعبير عن “رعبها” بشأن الأمر، فيما قررت أميركا وكندا واستراليا وايطاليا وفنلندا تعليق تمويلات مخصصة للوكالة بشكل مؤقت.وأعلنت “الأونروا”، الجمعة، طرد موظفين لديها تتهمهم السلطات الإسرائيلية بالمشاركة في هجوم حركة حماس، المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية، في السابع من تشرين الاول. في حين عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن “رعبه” بشأن الادعاءات. وقال المتحدث الرسمي للأمين العام، ستيفان دوجاريك، في بيان أنه سيتم إجراء مراجعة مستقلة عاجلة وشاملة للأونروا.

وقد دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية “بأشد العبارات حملة التحريض الممنهجة التي تمارسها حكومة العدو الإسرائيلية على لسان أكثر من مسؤول اسرائيلي ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، وتعتبرها أحكاما مسبقة، وعداء مبيتا، تم الكشف عنه طيلة السنوات السابقة”، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.وأعربت عن استغرابها الشديد من “الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول قبل الانتهاء من تحقيقات الأمم المتحدة، وتطالبها بالتراجع الفوري عنها اتساقا، مع القانون والإجراءات القانونية المتبعة”، مؤكدة أن “مزاعم الاحتلال وفي حال ثبتت يجب ألا تجحف بـ”الأونروا”، وصلاحياتها، ومهامها الإنسانية رفيعة المستوى، خاصة أن أي أخطاء قد ترتكب لا تعبر عن سياستها، ولا عن توجيهات وتعليمات مسؤوليها، ولا عن خطها ومصداقية عملها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين”.ولفتت إلى أن “اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، تسعى بجميع السبل لوقف عمل “الأونروا” لشطب قضية اللاجئين، وحقهم الأصيل بالعودة، وفقا لقرارات الأمم المتحدة”.

المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى