الصحف

هل يخبّئ عويدات مفاجأة قبل المغادرة؟

يكثر الحديث في أروقة العدلية عن الحدث المنتظر في الحادي والعشرين من شهر شباط الحالي وهو موعد إحالة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إلى التقاعد، ويترقّب القضاة والمتابعون السيناريو الذي سوف يتم من خلاله تسمية الخَلف! فيما يتهامس العارفون بأنّ الحسم بات قريباً في اعتبار انه لم يعد هناك متّسع من الوقت لِحبك سيناريوهات بعيدة عن الواقع القضائي الذي أصبحت عليه العدلية بفِعل عدم صدور تشكيلات قضائية ومجلس وزراء مجمّد أقله بالنسبة للتعيينات في غياب رئيس للبلاد. فما جديد هذا الملف؟ وهل يخبّىء عويدات مفاجأة قبل المغادرة؟

في المعلومات أنّ الأطراف الشيعية القضائية والسياسية حسمت أمرها. الأولى بعدم رغبتها بتولّي مهام التمييزية والثانية، أي السياسية، بعدم رغبتها في التدخل والبقاء على الحياد وإحالة المهمة إلى وزير العدل ومجلس القضاء ومدعي عام التمييز! وعليه، تصبح المنافسة على المنصب بين الطرف السني حيث المركز القضائي المتنازَع عليه من حصته في الأساس. وفي هذه الحالة ووفق المنطق، يتم انتداب القاضي الأعلى درجة لدى الطائفة السنية، وهو القاضي أيمن عويدات رئيس محكمة استئناف بيروت، من قبل وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى برئاسه القاضي سهيل عبود. إلّا أن الأخير وفق المعلومات «يطحش» بالقاضي السنّي جمال الحجار رئيس محكمة التمييز الجزائية، وهو التكليف الذي يعتبره الخبراء القانونيون مُنافٍ لقانون التنظيم القضائي باعتبار ان لا صلاحية للرئيس الأول لمحكمة التمييز بالتدخل في عمل النيابة العامة التمييزية. وبناء عليه لا يمكن لعبود انتداب قاض ينوب عن مدعي عام التمييز بعد إحالة الاخير إلى التقاعد بل تبقى صلاحية الانتداب في يد وزير العدل او القاضي المكلف في النيابة العامة التمييزية.


مصادر وزارة العدل تقرّ بأنّ الانتداب هو من صلاحية وزير العدل حصراً، لكنها في المقابل تنفي أن يُلزِم الانتداب المؤقت الوزير بانتداب سنّي للمنصب، لافتة الى أنّ تدخّل السياسة في الجسم القضائي هو الذي يفرض هذا الواقع. أما في المبدأ فلا نص يلزم الوزير باختيار قاض سني للمنصب، إلا أن السياسة هي التي تُحكم قبضتها وهي التي تسببت بتجميد التشكيلات وهي التي تتحكم اليوم بتسيير الانتدابات. وتضيف المصادر نفسها أن ليس هناك ايضاً أيّ نص قانوني يلزم وزير العدل اختيار القاضي الأعلى درجة لخلافة عويدات، متسائلةً: «هل يتم اختيار القضاة الأعلى درجة في التشكيلات القضائية؟

أمّا عن إمكانية حسم الجدل من قبل وزير العدل فيبادِر الى انتداب قاض خلفاً لعويدات فور مغادرته، فتكشف مصادر وزارة العدل لـ»الجمهورية» أنّ وزير العدل القاضي هنري خوري متحفّظ ويتّجه للامتناع عن انتداب قاض لتولّي المهمة لأسباب كثيرة. وهو، اي الوزير، ليس بوارد الانتداب على قاعدة أنه يريد إتمام الانتدابات في كافة المراكز القضائية الأساسية الشاغرة وليس فقط في النيابة العامة التمييزية، وبما أن الإنتدابات الشاملة تواجه عراقيل كثيرة بفِعل التجاذبات القضائية والسياسية فإنّ الوزير خوري لن يُقدم على انتداب خَلَفٍ لعويدات، أقله في الوقت الراهن…


وتضيف المصادر نفسها أنه في الأساس من المُبكر الحديث عن إتمام الانتداب من قبل وزارة العدل من عدمه لأنّ أحداثاً وتطورات قضائية أو أمنية أو سياسية قد تفرض نفسها وتبدّل الوقائع. ومن جهة أخرى تلفت مصادر وزارة العدل الى أن الانتدابات هي تشكيلات مبطّنة. والسؤال المطروح هل يمكن لوزير العدل إجراء تشكيلات في الوقت الراهن؟ هذا في وزارة العدل، أمّا في السرايا الحكومية فالأحاديث تكشف عن رغبة لدى الرئيس ميقاتي بتسمية القاضي جمال الحجار إلا أن الحسم يتطلّب توافقاً بين الرئيسين بري وميقاتي، ويبدو أن لا قرار نهائياً محسوماً في هذا الشأن من قبل الرجلين، علماً انّ التوافق هذا هو الذي سيفصل في مسألة خَلف عويدات وفي من سيُسمّي هذا الخلف ؟! القاضي سهيل عبود أم مدعي عام التمييز ؟ ونظراً لإشكالية مرتبطة بعدة أمور قضائية، يتخوّف الثنائي بري – ميقاتي من إبقاء قبضة العدلية مَمسوكة من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى، الأمر الذي يحسب له الرجلان ألف حساب قبل ترك تسمية خَلفٍ لمدعي عام التمييز لرئيس مجلس القضاء الأعلى (الماروني) سهيل عبود.

المصادر المتابعة ترى أن الرئيس بري، ولو انه آثرَ عدم تسمية شيعي للمنصب، الا انه سيتدخل في النهاية كي لا يتفرّد عبود بالعدلية…

عويدات يترقّب

يبقى القاضي عويدات الذي تشير المعطيات الى أنه يفضّل تكليف المحامي العام التمييزي غسان خوري لتولّي مهام النيابة العامة التمييزية بالوكالة قبل مغادرته، وهو الخيار الذي يتقدم حالياً في ظل التجاذبات السياسية حول تسيير الانتدابات من عدمها وفي ظل تحفّظ وزير العدل عن انتداب قاضٍ خلفاً لعويدات على قاعدة أن لا انتداب لمركز واحد شاغر بل لكافة المراكز الشاغرة، وهي كثيرة…


إلا أن مصادر مطلعة تقول إنه لو سمّى القاضي عويدات المحامي العام غسان خوري، في هذه الحالة يكون التوافق السياسي قد أنتجَ الحل لهذه الأزمة المستجدة نتيجة إحالة عويدات إلى التقاعد، إلا انه في حال أقدمَ رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود على تسمية خلفٍ لعويدات بعد مغادرة الاخير، فإنه يكون قد فعَلها وسار من دون التفات لتوافق بري – ميقاتي على تسمية خلفٍ لعويدات.

المصدر
الجمهورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى