سياسةمحلي

رسالة من المفتي قبلان: لتكن ليلة رأس السنة حفلة خلود للنفوس العظمى

وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، ليلة رأس السنة، رسالة “للشباب والأجيال والقرار السياسي والمرجعيات الثقافية والأخلاقية والدينية في لبنان والعالم”، قال فيها: “إن حفلات الأعياد الباذخة ومنطق الفساد الأخلاقي وإغراق الأجيال بنوع فظيع من المجون والدعارة والمخدرات والفساد والجنون الذي يطال هوية أجيالنا ووجودنا لأمر معيب ومخز وفظيع”.

أضاف: “واللافت أن هناك تيارا منذ نشأة هذا العالم ما زال مصرا على إغراق البلاد وشبابها بالمذابح الأخلاقية والضياع السلوكي والرذيلة والتبذير والعهر والفحش بطريقة تمس وجودنا وهويتنا وصلتنا بالله الخالق؛ وواقعنا كمجتمع يريد بناء كماله الوجودي للخروج من قاع الكارثة التي تطال أعمدة وجوده وطبيعة مكوناته وحاجاته المعنوية والمادية، وذلك وسط لوبيات مالية وسياسية وتجارية وإعلامية وتنظيمات ماكرة تعتاش على الفساد وسياسة نهش الأجيال وقتل الأمل المعنوي فيها، وهي لا تستحي من شيء، لأنه لا ضمير لها إلا المال والقذارة المهنية والترفيهية، وهي بذلك تمارس مهنة انتحار مقصودة بحق شبابنا وعيالنا وبني وإنساننا، كما تؤدي وظيفة تدمير لها ارتباطها الإقليمي والدولي بمركز الشر العالمي التي تريد للعالم وشعوبه السقوط بقاع الإنتحار الغريزي والعربدة بكل أنواعها، وهناك من يريد لهذا البلد أن يكون صيدا لإبليس ومرتعا له بكل أشكاله، فضلا عن الفحش الصادم بخصوص التبذير والإنفاق المالي الذي يستطيع أن يسد نفقات عام كامل من حاجات كثير من الدول والشعوب، لدرجة أن العالم بساعات فقط ينفق أكثر من تريليوني دولار على الفاحشة والبذخ والقمار والشذوذ الخيالي وسط سقوط لا نهاية له بعالم الأنا والوحشية الغريزية والعربدة المطلقة. فحذار حذار من الكارثة الكبرى، لأن هناك من يقتل أجيالنا بدم بارد، ويضع رقابهم على سكينة الذبح والبذخ والإنتحار، ويدفع بهذا البلد وبلاد العالم نحو جحيم الرذيلة، ومطلوب من القرار السياسي أن يسحق هذه العقلية المجنونة وأن يشطب هذا الإدمان الخبيث الذي يليق بغرائز الحيوانات وهمجيتها”.

وتابع: “ولأن التذكير بغايات وجودنا ضرورة محتومة أقول: تذكروا أنكم أقل من الذر بهذا الكون الواسع المطواع لربه، ووظيفتنا الوجودية أن ندرك ذواتنا لا أن نضيعها، وأن نعيش بمصدر خلقنا لا بقطع رباطنا المقدس به، وأن ننتشي بعقولنا لا أن نتحول أسوأ من البهائم، فوظيفتنا الوجودية أن ننهض بما وراء الحس وأن نقوم بما وراء المادة لنصافح الله بملكوته. على أن تجربة الإنسان بهذه الأرض دموية أنانية عمياء لا نهاية لها، ولا حل إلا بتضامننا الوجودي والأخلاقي لنستعيد الإنسان من مجزرة أناه وإلا ضاع الإنسان. وللمرجعيات الدينية والثقافية العالمية خاصة المسيحية أقول: الواجب انتفاضة وجودية وصرخة إنسانية مدوية بعيدا عن ضغط مراكز الفساد العالمي وأقطاب الشر وموجات الإدمان الفكري الرذيل، لأن العالم يسير بنفق مخيف، والإنسان بمجموعه وكياناته يتحول ذئبا ينهش نفسه ثم يعيد اجترار الأشلاء والدماء والفظاعات دون شبع. والكنيسة والمسجد مطالبان بثورة وجودية عارمة، بانتفاضة فوق العادة، بصرخة صادمة، لأن السكوت عن الفساد كارثة تضع وجودنا بكف إبليس، ولا شك أن أبالسة البشر أشد فتكا من إبليس نفسه، والكرامة ليس برغيف قذر ولا بحفلة غرائز ولا بنفق مجون بل بفهم روابط وجودنا وتأكيدها بعيدا عن أفخاخ إبليس وعفاريت أوكار هذا العالم وحفلات نفاقه. فاتقوا الله، وتذكروا عدالة الكون وانتبهوا لصوت الروح وأنين وجعها وحرقة غربتها، ونكسوا أعلام الفساد، وغلقوا ممالك الكباريهات ومناجم العهر والرذيلة والفساد، وانهضوا من جديد، فإن حقيقة الإنسان تمر بالقبر، ومن المقابر تنهض حقيقة الإنسان، وبها القيامة العظمى، فلا يقتلنكم إبليس بمجونه وعهره وفساده، ولا تلعبن بكم التنظيمات السرية العالمية التي تجيد قتل البشر وسحق آمالهم، وعودوا للأزلية، عودوا إلى الله العظيم، وانبذوا الإنسان الوحش، وطهروا قلوبهم من الرذيلة، واحملوا جنائز أطفال غزة ونواحي الأرض المختلفة لتكون لحظة قيامة بوجه الطغيان السياسي والفساد الثقافي الذي تقوده واشنطن وممالك شياطينها وأوكار مجونها التي ترد إليها وتتشابك أدوارها وغاياتها”.

وختم قبلان: “لتكن ليلة رأس السنة حفلة خلود للنفوس العظمى ودعوة للأرواح السخية التي كرستها دماء البواسل من المقاومين الأبرار بكل نواحي جبهات الحق والعدل والإنتصار للمعذبين والمظلومين بطول الأرض، وتذكروا أن الحياة طريق وعرة وخيارات مرة وساحة جهد وجهاد ومرارة مواقف وبذل وتضحيات لا نهاية لها من أجل الإنسان الأقدس، لأن الحياة موقف وليست حفلة، وما أكثر تجار الحفلات وسط أعراس الشياطين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى