مقالات

التمديد لقائد الجيش: هل يخرج من المجلس أم الحكومة أم من الاثنين معاً؟

تشهد العاصمة اللبنانية سباقاً بين مجلس النواب ومجلس الوزراء حول التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون نزولاً عند ضغط اللجنة الخماسية التي تمثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وفرنسا وقطر ومصر، إضافة إلى ضغط البطريركية المارونية كون قيادة الجيش تمثل خط الدفاع الأخير عن الأمن والاستقرار في البلد في ظل المواجهات الدائرة على الجبهة الجنوبية بين حزب الله وإسرائيل، وفي ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية وعدم الرغبة في تفريغ المواقع المارونية بعد قصر بعبدا وحاكمية مصرف لبنان.

وفي انتظار ما سيتم اقراره في غضون 36 ساعة سواء من رفع سن التقاعد باقتراح معجل مكرر في مجلس النواب لمدة سنة أو بتأجيل التسريح في مجلس الوزراء لمدة 6 أشهر، لوحظ أن الفريق المعارض للتمديد عمد في خلال الساعات الماضية إلى بث أخبار وتساؤلات حول احتمال أن يخرج قائد الجيش ويرفض التمديد منعاً لانقسام الشارع والمؤسسة العسكرية ولئلا يظهر أنه يشحذ التمديد.

وعلّقت مصادر مطلعة على مثل هذه الأخبار ووصفتها بأنها “مسمومة”، رافضة الكلام عن أن “قائد الجيش يشحذ التمديد”، ومؤكدة “استمرار العماد جوزف عون بمسؤولياته التي تتطلبها المرحلة”.

وقد تأمّن النصاب في الجلسة التشريعية اليوم الخميس رغم مقاطعة نواب التيار الوطني الحر بفعل مشاركة نواب القوات اللبنانية التي تعتبر مسألة التمديد تتعلق بـ”الأمن القومي” إضافة إلى مشاركة نواب مستقلين، فيما امتنع نواب الكتائب عن المشاركة واقتصر حضور نواب التغيير على النائب الياس جرادة وجلس نواب حركة “تجدد” على مقاعد الصحافيين إلى جانب نواب التغيير فراس حمدان، مارك ضو، ياسين ياسين، بولا يعقوبيان، ملحم خلف، ووضاح الصادق، وقد وعد هؤلاء النواب بالمشاركة لدى الوصول إلى بند التمديد حيث تمّ التوافق على دمج اقتراحات القوانين المعجلة المقدمة من القوات و”اللقاء الديمقراطي” و”الاعتدال الوطني” والنائب أديب عبد المسيح لرفع سن التقاعد سنة لكل الرتب العسكرية والأسلاك بما يشمل أيضاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان تفادياً لأي طعن من قبل التيار الوطني الحر أمام المجلس الدستوري بحجة التشريع لصالح شخص.

ومن المعلوم أن التيار يحضّر لطعن أمام مجلس شورى الدولة في حال قامت حكومة تصريف الأعمال بتأجيل التسريح متجاوزة وزير الدفاع موريس سليم المحسوب على التيار والذي يتبنى اقتراح جبران باسيل بأن يتسلم الإمرة في قيادة الجيش الضابط الأعلى رتبة وهو اللواء الركن بيار صعب الذي سعى رئيس التيار لتعيينه عضواً كاثوليكياً في المجلس العسكري بهدف المساعدة في الانتخابات النيابية، ولكن تفترض الأصول أن يقدم الطعن صاحب الصلاحية والصفة وهو وزير الدفاع أو ضابط متضرر من القرار.

وبحسب معلومات “القدس العربي” ليست للواء صعب إمرة داخل المؤسسة العسكرية فهو عضو في المجلس العسكري الذي يتألف وفق المادة 26 من قانون الدفاع الوطني من: قائد الجيش رئيساً، رئيس الأركان نائباً للرئيس، المدير العام للإدارة عضواً، المفتش العام عضواً، أمين عام المجلس الأعلى للدفاع عضواً، ضابط عام يُعيّن بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني بعد استطلاع رأي قائد الجيش عضواً.

وبالتالي فإن أعضاء المجلس العسكري هم ضمن مؤسسات وزارة الدفاع وليسوا ضمن هرمية تأليف الجيش ومن ينوب عن قائد الجيش في حال غيابه هو رئيس الأركان ولا تنطبق المادة 39 من قانون الدفاع على منصب قيادة الجيش، وأي توجّه آخر هو سابقة وهناك ألوية أعلى رتبة من رئيس الأركان وفقاً للأقدمية ولكن لا يحق لهم تسلّم منصب قيادة الجيش بالإنابة.

وتنص المادة 39 على ما يلي: “1- لكل ضابط حق الإمرة على من دونه رتبة. 2- عند تساوي الرتبة فالإمرة للأقدم في الرتبة وإذا تساوى القدم في الرتبة اعتمد ترتيب الأسماء على مرسوم الترقية لهذه الرتبة. 3- عند تساوي الرتبة والأقدمية بين الضباط المتطوعين تكون الإمرة للضابط الذي له أكثر قدماً في الخدمة الفعلية لرتبته”.

وتفيد المعلومات بأن باسيل يريد أن يتسلم اللواء بيار صعب قيادة الجيش لأنه ينفّذ سياسته ويمكن أن يحدث تشكيلات داخلية من ضباط غير كفوئين لبعض المراكز مما يسبب شرخاً وبلبلة داخل المؤسسة العسكرية وربما عدم انصياع لمثل هذه القرارات، وفي حال الأخذ بنظرية باسيل بتسلم الضابط الأعلى رتبة قيادة الجيش، وفي حال عدم انتخاب رئيس جمهورية وعدم تعيين رئيس درزي للأركان سيتسلّم القيادة عضو كاثوليكي هو بيار صعب لثمانية أشهر فقط لأنه سيُحال حكماً على التقاعد بتاريخ 27/9/2024 وسيتسلم القيادة بعده في حال استمرار الفراغ الرئاسي ضابط مسلم سني هو اللواء الركن محمد المصطفى الذي سيمضي في منصب القيادة نحو 4 سنوات لأنه لن يُحال على التقاعد قبل تاريخ 4/10/2027.

وتشير المعلومات إلى أنه لا يحق لوزير الدفاع إصدار قرار بتكليف ضابط تسيير قيادة الجيش خلافاً لما هو معمول به مثلاً في المديرية العامة للأمن العام التي ترسل التشكيلات إلى وزير الداخلية للبت بها. أما التذرّع بعدم انطباق أي من حالات التسريح على قائد الجيش الحالي وفق المادة 55 من قانون الدفاع فهي في غير محلها لأن الجيش اللبناني مكلف بمرسوم للحفاظ على الأمن ومؤازرة قوى الأمن الداخلي منذ التسعينات، وهذا ما استند إليه وزير الدفاع الأسبق سمير مقبل لتأجيل تسريح قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ولمرات عدة.

وتنص المادة 55 على ما يلي: “يؤجل تسريح المتطوع ولو بلغ السن القانونية في الحالات التالية: 1- إذا كان في وضع اعتلال لم يُبت به وفي هذه الحالة يبقى بصفته السابقة حتى صدور مقررات اللجنة الصحية. 2- بناء على قرار وزير الدفاع الوطني المبني على اقتراح قائد الجيش في حالات الحرب أو إعلان حالات الطوارئ أو أثناء تكليف الجيش بالمحافظة على الأمن”.

وهذا ما يفسّر قيام وزير البيئة ناصر ياسين بصفته منسق خطة الطوارئ الحكومية الخاصة بالعدوان الإسرائيلي بطرح موضوع تسريح قائد الجيش من خارج جدول الأعمال.

وقد طرح النائب القواتي جورج عدوان سؤالاً على الرئيس بري في بداية الجلسة “هل سنكمل في درس وإقرار جدول الأعمال حتى لو أقرّت الحكومة تأجيل التسريح؟”، فأجابه بري “بالطبع لا علاقة لنا بالحكومة”.

وتجري النقاشات حول التمديد لقائد الجيش في ظل رسائل أمريكية وقطرية بوقف المساعدات الممنوحة للجيش في حال تسلّم القيادة شخص غير موثوق به وبأدائه كالعماد جوزف عون الذي رغم الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة استطاع الحفاظ على المؤسسة العسكرية وتوفير الدعم المادي الشهري لضباطها وعناصرها وتأمين أفضل طبابة للعسكريين ولو على حساب تعزيز قدرات الجيش وتجهيزاته العسكرية.

المصدر
سعد الياس "القدس العربي"

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى