إجتماعإضاءات

رقائق الذرة المحليّة والمستوردة ملأى بالسموم الفطرية…

تتكون السموم الفطرية في السلسلة الغذائية، جراء تلوث المحاصيل بالعفن قبل الحصاد وبعده، واثناء توضيب المعلبات او بعد مرور فترات زمنية طويلة على تخزين المنتجات. لذلك من المحتمل ان يحدث التعرض للسموم الفطرية بشكل مباشر وغير مباشر، من خلال استهلاك الأغذية الملطخة وعلى نحو مخالف للمعايير الصحية العالمية. ويوجد مئات الأنواع من السموم الفطرية المتنوعة، الا ان الأكثر شيوعا الافلاتوكسينات والاوكراتوكسين ألف والزيارالينون والنيفانول والدييوكسي نيفانول والباتولين.

دراسة تبين نسب السموم الفطرية

كشفت دراسة أجريت حول رقائق الذرة “الكورن فليكس” المنتشرة في الأسواق المحلية اللبنانية، عن وجود نسبة من السموم الفطرية في هذه الأصناف. واعدت هذه الدراسة الجامعة اللبنانية الأميركية بمساندة جامعة بيروت العربية، وتعدّ الأولى من نوعها وضمت كل السلع الموجودة والمستوردة وتلك المصنوعة محليا، ونشرت في المجلة العالمية Q1 Scientific Reports.

وفي التفاصيل، تناولت الدراسة معدل السموم الفطرية في هذه الرقائق، ويسعى معدوها الى توسيع البحث مستقبلا لمعرفة مدى تأثير هذه النتائج في صحة اللبنانيين. واستخدمت تقنية “اليزا” المعترف بها من الاتحاد الأوروبي، وتم تجربة المنتج 3 مرات للتثبّت من سلامة الحصيلة. وتتضمن العينات التي تم اختبارها 16 منتجا محليا و19 مستوردا من بريطانيا: فرنسا، بولندا، تركيا وأوكرانيا. وبيّنت النتائج ان 3 عينات من أصل 35 من رقائق الذرة تشتمل على “افلاتوكسين B1” ، أي بما يوازن 9% ، وهذه النسبة تتخطى المعدل المباح به من الاتحاد الأوروبي. 6 عينات تحتوي على “اوكراتوكسين A” ، أي بما يماثل 17% من المعدل الجائز، و21 عينة تحوي “دييوكسي نيفانول”، او ما يعادل 60% من العينات التي تتجاوز المعدل المسموح به.

وفي السياق، شرحت نائبة رئيس “جمعية حماية المستهلك د. ندى نعمة لـ “الديار” ان “الافلاتوكسين هو من السموم الفطرية التي تؤثر سلبا في صحة المستهلكين، كما ان وجود هذا النوع في رقائق الذرة هو امر غير طبيعي، وهذه الدراسة الجامعية اعطتنا انذارا واخبارا، وفي بعض الدول تقوم السلطة التنفيذية بفتح تحقيق لمعرفة مدى سلامة المنتجات المتوافرة في الأسواق المحلية”.

وعن سبب زيادة هذه السموم؟ اجابت: ” هذا الامر مرتبط بعدة أسباب، بدءا بالاستيراد وطريقة الحفظ، حيث تتكاثر هذه الفطريات نتيجة ظروف التخزين السيئة، لذلك من الضروري الانتباه الى عملية توضيب هذا المنتج في المنازل بعد شرائه من قبل المواطنين، ومراعاة عدم وضعه في مكان رطب”. وقالت: “هذا الامر يجب تطبيقه أيضا في المستودعات، بحيث ينبغي ان تكون نسبة الرطوبة مضبوطة ومراقبة، إضافة الى عامل ثالث وهو مرور زمن طويل على وجود المنتج في الأسواق”. واشارت الى “ان هذه الدراسات تبقى محدودة إذا لم ترتبط بنسبة الاستهلاك، وتوجد علامات استفهام حول أمان هذه السلع لان الحلول لا تزال معدومة”.

الفطريات موجودة قبل وبعد الجني

وفي الإطار، قال اختصاصي التغذية طه مريود لـ “الديار”: “يجب فحص الحبوب الصحيحة، لا سيما الذرة والقمح والأرز، والأفضل التأكد من سلامة تخزين الأغذية، والتأكد انها محفوظة من الحشرات والجفاف والحرارة الزائدة، وينبغي عدم الاحتفاظ بالمنتجات لأوقات ممتدة قبل استهلاكها، ويجب ضمان تنوع النظام الغذائي، لان ذلك لا يساعد فقط في تلافي التعرض للسموم الفطرية فحسب، بل ويحسّن التغذية أيضا”.

وتابع: “تعد الافلاتوكسينات من أشرس السموم الفطرية سمية، وتنتجها بعض أنواع العفن التي تنمو في الترب والنباتات الفقيرة ، وتضم الحبوب (الذرة والذرة الرفيعة والقمح والأرز)، والبذور الزيتية (فول الصويا وبذور دوار الشمس والفول السوداني) والتوابل (الفلفل الأسود، الكركم والزنجبيل)”.

أضاف: “اما الاوكراتوكسين A فهو من السموم الفطرية الشائعة الملوثة للأغذية، مثل تدنس الحبوب وبذور البن والنبيذ، ويتكون اثناء تخزين المحاصيل ويسبب عددا من الآثار السامة، مثل تضرر الكلى ويؤثر هذا السم في نمو الاجنة والجهاز المناعي”.

بالمقابل، قالت اختصاصية التغذية جاكي قصابيان لـ “الديار”: ان “الفطريات تفرز ما يسمى ميكوتوكسين (العفن)، وهذه السموم هي مستقلبات ثانوية ذات وزن جزيئي منخفض تنتجها الفطريات. وهذه السموم تمتلك أكثر من نوع، لذلك ليس من السهل افراغ او تنقية القمح والذرة من هذه المادة، لان الفطريات موجودة قبل وبعد جني المحاصيل، ومن الصعب التخلص منها بشكل كلي، لأنها ليست عبارة عن بكتيريا يمكن قتلها عن طريق رش المبيدات أو استخدام الأدوية المناسبة”.

واستكملت: “يحتوي الكورن فليكس المصنوع من القمح والذرة على كميات قليلة من الفطريات، كما ان منظمة الصحة العالمية وضعت قوانين لإبعاد او التقليل من حدّة هذه الفطريات قدر المستطاع”. واشارت الى انه “يمكن اكساب هذه المحاصيل قبل القطف ما يسمى بـ “المقاومة وراثيا للفطريات”، ويتم ذلك من خلال وضع مادة معينة في التربة تخفف من عملية امتصاص جسم الانسان لأي نوع من الفطريات”.

وختمت انه “إذا تبين وجود هذه السموم بعد القطف بسبب الرطوبة، فالصحة العالمية وضعت نظاما متقدما يتمثل بالتنشيف الكلي للبضاعة او المنتجات، والتوضيب بطريقة صحيحة وتكييس المواد، حتى نمنع تسرب الهواء والرطوبة الى داخل المنتج، وفي حال استمرار وجود هذه الفطريات، فيفضل تحميص هذه الأطعمة”.

المصدر
الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى