عربي ودولي

الشتاء خطر جديد يواجه سكان غزة

الشتاء قادم بقوة وبسرعة إلى قطاع غزة حيث يضطر السكان إلى العيش في مناطق مكتظة، وبينما النظام الصحي “ينهار”، يدق متحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني “ناقوس الخطر” بشأن كارثة إنسانية قد تجعل “الناس تموت في الشوارع”.

وشردت الحرب في غزة 1.9 مليون شخص، أي 85 بالمئة من سكان القطاع، وسط تقارير من منظمة الصحة العالمية عن وضع صحي “كارثي”.

ومع قدوم فصل الشتاء، فإن “الوضع الكارثي” بالفعل، يتفاقم “بسرعة”، واجتاحت العواصف المطيرة والرياح العاتية القطاع الساحلي المكتظ مما يزيد من معاناة قطاع واسع من السكان الذين لديهم مأوى، وفق تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية.

أجواء باردة ونازحين “بلا مأوي”
وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يشير المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور عبد الجليل حنجل، إلى “دخول الأجواء الباردة إلى قطاع غزة منذ أيام، ما يزيد الأعباء على النازحين من شمال القطاع إلى جنوبه”.

وبعض هؤلاء النازحين استطاع الوصول إلى “مستشفيات ومدارس ومباني قائمة” في جنوب القطاع، لكن البعض الأخر لم يجد مأوى، ما دفعهم لإقامة خيام “لا تقيهم من الطقس البارد والأمطار”، حسبما يوضح حنجل.

ويؤكد أن “الشتاء سوف يفاقم الأوضاع ويزيد من معاناة النازحين، بسبب عدم وجود الوقود اللازم للتدفئة”.

ووسط الأجواء الباردة يحاول بعض السكان “إغلاق الشبابيك والأبواب”، بينما يكتظ عدد كبير من النازحين في “غرف مغلقة”، ما يؤدي لتسارع انتشار أمراض الجهاز التنفسي، وفق المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني.

ومن مستشفى غزة الأوروبي الواقع بين خان يونس ورفح، يؤكد العميد السابق لكلية فلسطين للتمريض، الدكتور نبيل النجار، وجود أعداد كبيرة من النازحين المصابين بـ”التهابات صدرية”، بسبب الأجواء الباردة ورائحة البارود، وذلك بأماكن الإيواء والمستشفيات.

ويعاني عدد كبير من النازحين من “احتقانات فيروسية”، بسبب الازدحام بأماكن الإيواء وعدم وجود “خدمات طبية مناسبة”، وفق حديثه لموقع “الحرة”

وأصبحت التهابات الجهاز التنفس العلوي والأمراض الفيروسية وضيق النفس، أمراض شائعة حاليا بين غالبية النازحين في مراكز الإيواء و مخيمات النزوح، بحسب النجار.

ومن جانبه، يقول محمود أبو الريان، النازح من بلدة بيت لاهيا الشمالية إلى رفح، “كل ما أملك هو الملابس التي أرتديها، وما زلت لا أعرف ما هي الخطوة التالية”.

ويضيف:” الجو بارد جدا، والخيمة صغيرة جدا، نحن نعيش في البرد القارس”، حسب ما نقلته عنه “الغارديان”.

وفي سياق متصل، تقول سعاد قرموط، وهي نازحة من بيت لاهيا إلى رفح: “نحن ننام على الرمال، ولا يوجد فراش لكي ننام عليه”.

ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أصبحت مدينة رفح القريبة من الحدود المصرية مركزا لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم،  وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وهربت مئات العائلات من القصف الإسرائيلي المتواصل، حيث امتلأت المدارس والملاجئ في جنوب غزة، وتضاعفت أسعار الشقق الصغيرة من 100 دولار قبل الحرب إلى نحو 5 آلاف دولار، ما يجعل النازحين أمام خيارات قليلة للتخييم في الحدائق والأراضي الفارغة والبحث عما يقيهم من الطقس البارد، حسب الصحيفة.

وتقول إسرائيل إن غاراتها الجوية تستهدف البنية التحتية العسكرية لحماس ومستودعات الأسلحة في غزة. 

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه يشن ضربات دقيقة تستهدف قادة المتشددين أو مواقع العمليات، وإنه لا يستهدف المدنيين، لكنه أيضا يتحدث عن زرع المسلحين في المناطق المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لوكالة “أسوشيتد برس”.

نقص بالغذاء والدواء والوقود
يؤكد حنجل عدم توفر “الأدوية والمسكنات والمضادات الحيوية ومدعمات المناعة لدى النازحين”، ما يترك كبار وصغار السن أمام خطر “تفشي الأمراض المعدية”.

ونقص الوقود سيدفع النازحين إلى “وسائل أخرى للتدفئة” وعلى رأسها إشعال النار، ما قد يتسبب في اندلاع حرائق، وكذلك الاختناقات والتسمم بأول أوكسيد الكربون، حسبما يوضح المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني.

ويحذر حنجل من أن “كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة”، هم الفئة الأكثر عرضة لمخاطر صحية خلال فصل الشتاء، في ظل حاجتهم لـ”علاجات وأجهزة تنفس اصطناعي” غير متوفرة حاليا بالمستشفيات المكتظة أصلا بالمصابين.

والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، والذين لا يستطيعون الحصول على الرعاية والأدوية، يموتون في كثير من الأحيان، وكان بين هؤلاء سيدة تبلغ من العمر 54 عاما، والتي تم إجلاؤها من شمال غزة إلى رفح، حسبما تشير “الغارديان”.

ويقول نجلها رمزي لـ”الغارديان”: “توفيت والدتي الأسبوع الماضي، كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري، نحن نعيش في ظروف سيئة في أحد ملاجئ الأونروا في رفح”.

ويضيف:” نحن في الخيام، ونفتقر إلى أبسط الأشياء التي نحتاجها، ومن الصعب الحصول على كل شيء، وكبار السن لا يستطيعون تحمل هذه الظروف”.

وفي ظل النقص الحاد في مصادر الطاقة، يبحث سكان غزة عن مختلف الوسائل التي تتيح لهم توفير وجبات ساخنة، وفق وكالة “فرانس برس”.

ويقوم إبراهيم شومان بإصلاح البوابير القديمة التي يحضرها إليه سكان غزة، أملا في أن تساعدهم على البقاء في ظروف شديدة الصعوبة، يزيدها سوءا بدء الشتاء.

ويقول: “الناس تبحث عن الحطب في كل مكان وأصبح غير متوفرا.. الناس لا تملك الكثير من المال.. والناس عادت إلى البوابير”.

وبسبب عدم وجود الكيروسين، يلجأ الى خليط محلي الصنع من زيت المحركات وزيت الوقود لإشعال المواقد.

ويقول عدنان أبو العيش (55 عاما) الذي أحضر موقدا نحاسيا إلى شومان لإصلاحه “أعادونا 100 عام إلى الوراء”.

ويوضح “نقوم بإصلاحه لأنه لا يوجد لدينا بدائل.. لا يوجد وقود ولا غاز ولا سولار ولا أي شيء.. يجب أن نتدبر أمرنا”.

ويتابع “هناك بعض السولار ولكن من الصعب العثور عليه. وقد تقضي اليوم كله بحثا عنه وفي حال عثرت عليه قد تجد لترا سعره بين 30 إلى 35 شيكل” (ما بين 7,5 إلى 8,7 يورو)”.

ومنذ اندلاع الحرب، شددت إسرائيل من حصارها المفروض على القطاع منذ العام 2007، وقطعت امدادات الكهرباء والوقود والمياه والمواد الغذائية.

وتدخل إلى غزة قوافل من المساعدات الانسانية عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، لكن المنظمات الدولية تؤكد “أنها تبقى أقل بكثير من حاجات السكان مع تمسك إسرائيل بأن حماس تخبأ الوقود”.

وتحذر المنظمات الإنسانية من “الوضع الكارثي” في قطاع غزة ومن انتشار الأمراض والمجاعة.

ولذلك يدق المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني ناقوس الخطر، محذرا من “وضع أكثر كارثية” خلال الأيام المقبلة.

وإذا لم يتوفر الغذاء ماء الشرب والعلاج والوقود ووسائل التدفئة والمستلزمات الصحية والطبية، فسوف نشاهد “الناس تموت في الشوارع خلال الأيام المقبلة”، حسبما يشدد حنجل.

وفي سياق متصل، يشير النجار إلى “عدم تسجيل وفيات مباشرة حتى الآن”، لكنه يحذر من “تفاقم الوضع الصحي” في جنوب غزة.

وإذا استمر نقص العلاجات وأجهزة التنفس الاصطناعي، فقد يقود ذلك عدد كبير من النازحين إلى “الموت مباشرة”، بحسب النجار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى