قطر تستعد لكأس آسيا 2023 بـإرث المونديال
بهدوء يخرقه بعض الزائرين بحثاً عن صور رمزية، تستقرّ “ساعة العد التنازلي” لكأس العالم 2022 في كورنيش الدوحة في قطر، بعد عام من أول مونديال في الشرق الأوسط.
وتبدو اللوحات الإعلانية التي تحمل شعار “كل شيء الآن”، مصطفة على الطرق السريعة في العاصمة، في انتظار استعادة الزخم الجماهيري مطلع العام المقبل، باستضافة كأس آسيا لكرة القدم للمرة الثالثة بعد 1988 و2011.
وأسند الاتحاد القاري تنظيم البطولة لقطر، بدلاً من الصين المعتذرة بسبب سياستها للحد من انتشار فيروس كورونا، في ما بدا أنه أول استثمار للدولة الغنية بالغاز لإرثها المونديالي على مستوى الملاعب والمنشآت.
“كان يوماً متوتراً”
يقول جاسم الجاسم، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس العمليات في كأس العالم “قطر 2022″، لوكالة “فرانس برس” بعد مرور عام على المباراة الافتتاحية للبطولة، “من الصعب للغاية أن تجد حدثاً يتفوّق على كأس العالم. هذا أمر مؤكّد! لكننا كلجنة منظّمة محلية، سنقوم بتنظيم كأس آسيا، وكأننا ننظّم كأس العالم”.
يستذكر جاسم الساعات التي سبقت حفل الافتتاح، “في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان يومًا متوترًا للغاية، لكن أعتقد أننا كنا سعداء للغاية وفخورون جدًا بما حققناه كدولة”.
وبعد نيلها شرف استضافة المونديال في 2 كانون الأول (ديسمبر) 2010، في قرار أثار زوبعة واتهامات بشراء الأصوات، تحوّلت الدولة الصغيرة إلى ورشة كبيرة، إذ انطلقت المشاريع لإصلاح البنية التحتية الخاصة بالنقل والإقامة وملاعب الاستضافة.
يرفض الجاسم ما وُصف بأنه أغلى كأس عالم في التاريخ بتكلفة 220 مليار دولار، “طبعًا، البطولة تستحق ما أُنفِق عليها من كل الجوانب، لكن ليس عدلاً القول إن 220 ملياراً التي أنفِقت على البنى التحتية، بما في ذلك المطار والمترو وشبكة الطرقات، كانت من أجل كأس العالم”.
ويضيف: “يمكن القول إن البطولة سرّعت في إنجاز بعض المشاريع، كالمترو، فضلاً عن أن كلفته تقلّصت 25 في المئة عن تلك التي كانت مقرّرة في حال تم إنجازه عام 2026، كما كان مقرّراً”.
وأوضح الجاسم أن سبعة من ملاعب كأس العالم الثمانية في قطر شُيّدت بتكلفة 7 مليارات دولار.
“مصير الملاعب معلق”
كان مقرّراً تقليص حجم الملاعب، بما في ذلك استاد لوسيل (80 ألف متفرج)، وتفكيك ونقل ملعب 974، المشيّد من حاويات الشحن، بالكامل، لكن وبحسب الجاسم، “كل هذه الخطط، علّقت مع استضافة قطر لكأس آسيا”، التي يتولى مهمة مديرها التنفيذي.
أضاف: “المستقبل الآن لاستاد لوسيل هو حفل الافتتاح والختام لكأس آسيا”، من دون أن يوضح كيفية استخدام الملعب، الذي شهد تتويج الأرجنتين باللقب العالمي، في أعقاب البطولة القارية المقرّرة في كانون الثاني (يناير).
ومن دون الخوض في التفاصيل، يقول جاسم إن “هناك خطة لاستاد 974، الذي لن يُستخدم في كأس آسيا، سيتم الإعلان عنها قريباً جداً”.
وفيما يرى الجاسم أن “الهجمة التي تعرّضت لها قطر في الإعلام الغربي كانت بسبب رؤية البعض أننا لا نستحق استضافة كأس العالم، بدليل أنها توقفت بعد انتهاء البطولة”، يرى الدكتور دانيال رايشي، الاستاذ المحاضر في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، أن “قطر أدخلت بعض التغييرات عام 2018، حين فتحت منظمة العمل الدولية، بدعوة من الحكومة القطرية، مكاتباً لها في قطر لدعم الحكومة في خطتها للاصلاحات”.
ويضيف رايشي “عام 2021، تم ادراج الحد الادنى للاجور وتوقف العمل بنظام الكفالة، لكن ما اعرفه انه لم يطرأ أي تعديل على موضوع الحد الادنى منذ آذار/مارس 2021، وهو ما اعتبره تحدياً للمستقبل في ظل موجة التضخم المرتفعة”.
وفي الأسبوع الماضي، اتّهمت منظمة العفو الدولية قطر “بالفشل المستمر” في حقوق العمال وقالت إن الحكومة قصّرت في تطبيق سلسلة من قوانين العمل المقدّمة بدءاً من 2017. ردّ مكتب الاتصال الحكومي أن كأس العالم “سرّعت” إصلاحات العمل وتركت “إرثا دائما للبطولة”.
لكن هشام هيلير، خبير شؤون الشرق الأوسط، يقول إن ما اعتُبر انتقادات عدوانية لقطر “عزّزت مكانة الدوحة وصورتها” في المنطقة.
وقال الأكاديمي بجامعة كامبريدج إنه يُنظر إلى الأمر على أنه “حملة ضد قطر لكونها عربية ومسلمة. وعندما يتم تأطير الانتقادات بهذه الطريقة، سيكون هناك حشد للدوحة من السكان العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم”.
“قطر فتحت الباب”
وعلى مسافة 7 سنوات من استضافة المغرب، بملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال، لمونديال 2030، و11 عاماً من الاستضافة السعودية لنسخة 2034، يعتبر الجاسم أن “قطر فتحت الباب لكل الدول بأن تحلم في تنظيم كاس العالم”.
ويضيف: “إذا اردت الحديث مع أحد قبل 20 عاماً انه من أصل 4 بطولات لكأس العالم سترى استضافة لدول مثل قطر، المغرب، والسعودية، سيكون من الصعب فهم ذلك أو حتى تصديق الأمر”.
يقول رايشي إن كأس العالم ساهمت في تلميع مكانة الدولة الصغيرة في المنطقة، لا سيما في أعقاب المقاطعة التي قادتها السعودية لقطر من قبل جيرانها في 2017، “عندما نرى أمير قطر يرتدي وشاحاً سعودياً بعد فوز السعودية على الأرجنتين، وعندما ترى مؤازرة المنتخب المغربي… أعتقد أن كأس العالم نفسها ساهمت في ما يمكن أن أسميه إحياء القومية العربية”.