الصحف

تجدد التحذيرات الغربية بحرب اسرائيلية قاسية على لبنان… تهويل او خطر جدي؟

مع اعلان وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت ان جيش العدو بدأ مرحلة السيطرة الكاملة على مدينة غزة، وفي ظل استمرار التدمير الممنهج لكل مقومات الحياة في القطاع تحت انظار العالم الصامت والمتواطىء على القضية الفلسطينية، وبعد “الرسالة” العلنية لقائد فيلق القدس اسماعيل قآني الى رئيس اركان حماس في غزة محمد ضيف وتعهده بعدم ترك القطاع وحده في المواجهة، عادت الاضواء مجددا الى الحدود الجنوبية بعد دخول الحرب في المنطقة مرحلة جديدة. وفيما اقرت وسائل اعلام العدو بالامس بان حزب الله يشن ضد مستوطنات الشمال حرب استنزاف حقيقية “بكل ما للكلمة من معنى”، علمت “الديار” ان احد سفراء دول الاتحاد الاوروبي نقل تحذيرا بالغ الخطورة لمرجع عسكري تحدث فيه عن احتمال قيام اسرائيل باستدراج حزب الله الى مواجهة قاسية بعدما رصدت حكومة نتانياهو نجاحا اميركيا في اسكات اي انتقاد دولي ازاء ما تقوم به في غزة على الرغم من قناعة الكثير من دول الغرب بانها تجاوزت “الخطوط الحمراء” تجاه المدنيين الفلسطينيين. ووفقا لتقدير المراجع الغربية فان هذا الغطاء الاميركي الذي يهدف الى احداث تغيير جذري في موازين القوى في الشرق الاوسط، لن يكون ذات جدوى اذا ما بقيت قوى عسكرية منظمة ومسلحة على الحدود الشمالية لاسرائيل، ولهذا فان ما يمكن ان يحصل سيكون اكثر خطورة مما يظنه البعض اذا لم تتوقف الاعمال العسكرية في غزة قريبا، لن فالجبهة اللبنانية لن تبقى بمنأى عن الحرب الشاملة التي بدأت تدق “الابواب”، لان اسرائيل لم تستعد هيبتها في غزة ولن تمحو فضيحة السابع من تشرين الاول الا عبر “كسر” حزب الله باعتباره العامود الفقري للمحور الآخر، والتهديد الاستراتيجي الاول بعد ان وضعت الولايات المتحدة حدا للخطر الايراني من خلال الحشد العسكري في المنطقة. هذه التحذيرات المتجددة تجد ايضا من يروج لها في الاعلام الاسرائيلي، في وقت لا تزال الساحة الداخلية تعيش حال من التخبط على كافة الاصعدة وتقف عاجزة عن حسم ملف الشغور المرتقب في المؤسسة العسكرية وقد دخلت السفيرة الاميركية دوروثي شيا على الخط مباشرة بالامس من خلال الضغط على وزير الدفاع موريس سليم لوقف عرقلة التجديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، ملمحة الى ان الولايات المتحدة قد تعيد جدولة برامج الدعم والتسليح في حال الشغور او الطعن بقرار الحكومة المرتقب بالتمديد.

تغيير الواقع في لبنان!
وما نقلته تلك الاوساط الدبلوماسية اشارت اليه صحيفة “يديعوت احرنوت” الاسرائيلية التي قالت “انه لا جدال في أن إسرائيل ملزمة بتدمير حركة حماس وملاحقة زعمائها حتى الإبادة، حسب نموذج تصفية زعماء فتح في أعقاب مذبحة ميونخ في 1972، لكن التحدي المركزي الذي تقف أمامه اسرائيل برايها هو التصدي “لمحور الشر” برئاسة إيران”.
وكشفت الصحيفة ان  الحكومة الاسرائيلية تسعى للحصول على تعاون دولي عملاني بقيادة الولايات المتحدة لإضعاف المحور الإيراني المدعوم أكثر من قوى عظمى كروسيا والصين. ولفتت الى إن أحداث الجبهة الشمالية تجسد هذا جيداً، وثمة قناعة بان تبادر اسرائيل إلى هجوم وقائي ضد حزب الله، لكن على ما يبدو سيحصل الامر على تدرج، أولاً سيجري العمل على إيقاع الهزيمة بحركة حماس، ثم الاستعداد لتغيير الواقع في لبنان، بالتنسيق مع الولايات المتحدة. فاسرائيل، بحسب “يديعوت” في حرب مركبة ومعقدة نجاحها العسكري في أيدي الجيش الإسرائيلي، لكن إنهاءها الصحيح في أيدي الحكومة على أمل اتخاذ القرارات الاستراتيجية الصحيحة.

تهديدات جدية؟
هذه التحذيرات الغربية للبنان ليست جديدة، ولكنها تبدو اكثر جدية هذه المرة بعدما بلغت العملية العسكرية في غزة مرحلة غير مسبوقة من العنف غير المحدود ودون اي حساب لراي عام عالمي او قوانين حرب، وازدياد الضغوط الداخلية على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو وتصاعد المطالبة باستقالته، وهو ما يمكن ان يدفعه الى مغامرات غير محسوبة على الجهة اللبنانبة.  لكن اوساط معنية بما يجري على الحدود، تؤكد بان التهويل ليس جديدا ولن يثني المقاومة عن الاستمرار بحرب الاستنزاف على الحدود، والاهم انها باتت جاهزة لكافة الاحتمالات، فاسرائيل لم تعد تملك عنصر المفاجئة، والحرب لن تكون نزهة لان المفاجآت لن تكون سارة للعدو، فالمقاومة لم تستخدم الا  5بالمئة من قدراتها العسكرية، ولديها قوى تدميرية هائلة اذا ما اخطأت الحكومة الاسرائيلية في حساباتها. لكن يبقى السؤال، هل ستقبل الولايات المتحدة والغرب بمغامرة اسرائيلية جديدة، لا يبدو كذلك، لكن الامور قد تخرج عن السيطرة، كما توقل اوساط مطلعة، لكن المشكلة ان الولايات المتحدة في سباق مع الوقت لان معركة الإنتخابات الرئاسية اقتربت، ولا تحتمل واشنطن توسعا للقتال، لكن نتنياهو يخبرهم ان سكان المستوطنات الشمالية وضعوا شرطا لعودتهم الى بلداتهم، “إنهاء حزب الله”… ولهذا فان رقعة الحرب قد تتوسع في أي لحظة خصوصا ان اجتماع نتانياهو الاخير مع سكان المستوطنات لم ينجح في طمانة سكان الشمال بالعودة قريبا، وهم ابلغوه ان السكان لن يعودوا اذا لم يضمنوا عدم رؤية مقاتلي حزب الله امام نوافذ بيوتهم. وقيل له صراحة انه لم يعد مجديا القول لحزب الله ان لا تختبر اسرائيل، فيما الصواريخ والمسيرات تستهدفنا وتحلق فوقنا، وماذا يعني اننا في حالة دفاع هجومي؟. وتم ابلاغ نتانياهو كما تقول وسائل اعلام اسرائيلية “انهم لن يعودوا حتى لو توقف اطلاق النار. فالوضع هنا اكثر تعقيدا لان وقف النار لن يعيد سكان المطلة وهو ضربة لمفهوم “الصهيونية”، اما مستوى القتال فيقوده السيد نصرالله، ونحن يقول المستوطنون” فقط نراقب متى يطلق النار اكثر او اقل، فهو يضع المعادلات ويقرر وتيرة القتال ويتحكم بمسرح العمليات”.

حماس لم تهزم
مع العلم ان كل “التبجح” بوجود مخاطر محدقة لان حماس اقتربت من الانهيار غير دقيق ابدا، ولا تزال المقاومة الفلسطينية تقاتل وتحافظ على قدراتها المركزية وخصوصا القيادة والسيطرة على ساحة المعركة.ووفقا لتلك الاوساط، فان الغزو البري لقطاع غزة لم يغير في المعادلة العسكرية على الارض فحتى الآن لم تتجاوز المسافة التي توغل فيها الجيش الاسرائيلي برا  30 في المئة، فالجيش الاسرائيل يقاتل  فوق الأرض في حين تقاتل حركة حماس من تحتها عبر الأنفاق. حتى اليوم لم تتمكن إسرائيل من معرفة مكان وجود الأسرى ولم تصل الى شبكة الانفاق. وطالما هناك عنصر واحد من حماس في غزة يقاتل فهذا يؤكد أن إسرائيل لم تنتصر وهذا يعني ان الحرب لن تكون قصيرة.

تشكيك اسرائيلي بالانتصار
ففيما يقول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إن الإجهاز على حركة حماس هدف مقدس، ويجدد الرئيس الأمريكي جو بايدن تأكيده على مواصلة الحرب، يواصل مراقبون إسرائيليون التشكيك باحتمالات نجاحها، ويوضح المحلل البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع أن هناك أهمية لتذكير أنفسنا بأن شعار “معا سننتصر” ليس وصفا حقيقيا للواقع وإنما هو أمنية. عمليا نحن أمام قرارات صعبة وسيناريوهات إنهاء موجعة، فالانتصار ليس مؤكدا. كما أن كلمة “معا” التي تصف بصدق ما يحدث في الجيش، وفي الميدان، لا تعكس ما يحدث داخل الحكومة. وفي الصحيفة نفسها اكد رونين بيرغمان، أن حسم حركة حماس يقتضي احتلال كل قطاع غزة، مؤكدا أنه من الصعب رؤية لائحة زمنية كافية وتحتملها الإدارة الأمريكية. وفي نطاق تشكيكه بإمكانية تحقيق الهدف المعلن للحرب، يوضح بيرغمان أيضا أنه بالإضافة إلى عدم وجود وقت كاف، هناك صفقة تبادل من شأنها أن تعيق سير الحرب علاوة على عدم وضوح مسألة كيف يمكن تصفية قيادة حماس، وهم محاطون بدرع بشري على شكل عشرات من المحتجزين الإسرائيليين. ويخلص الى القول “هذه هي الحقيقة، وخسارة أنه يتم حجبها عن الجمهور الإسرائيلي، فهذا الحجب المعلوماتي يؤدي لتوقعات من الصعب تحقيقها”.

الحرب لا تزال طويلة
بدوره، يقر المحلل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، بأن التغطية الجزئية التي تقوم بها إسرائيل الرسمية، وضبابية المعارك التي تفرض عزل القطاع عن وسائل الإعلام من الجانب الفلسطيني، تضعان صعوبات جمّة في طريق الحصول على صورة كاملة للوضع الميداني في شمال القطاع. بدوره يؤكد المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، يوسي يهوشواع، بأن الطريق إلى إنجاز القضاء على معاقل حماس في شمال القطاع ما زال طويلا، وليس سهلة بتاتا، فما بالك بجنوبه؟. وهذا ما يكرّره المحلل العسكري لصحيفة معاريف، طال ليف- رام، مشيرا، كما غيرُه، وخصوصا من أوساط الجنرالات في الاحتياط، إلى أنه حتى في حال النجاح في الوصول إلى ذلك “لإنجاز” فسيكون بمثابة نصف العمل المطلوب أو ربما أقلّه، في ضوء التقدير الموجود لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن نصف قوات حماس موجود في الجزء الجنوبي من القطاع وتسيطر عليها. ونبّه هو الآخر إلى أن هذه القوات لم تتعرض للهجوم إلا نادرا، لذلك هي تحافظ على قدرتها وروحها القتالية وينطبق هذا على قيادة الحركة.وفي هذا الصدد، يُشير ليف إلى ثلاثة تحديات ماثلة: الضغط الدولي،عندما ستعمل إسرائيل في جنوب غزة، سيكون هناك نحو مليوني إنسان، هم مجموع سكان الجنوب الذين ليس لديهم مكان يذهبون إليه، و900 ألف نسمة من سكان شمال القطاع، وعامل الوقت أيضا. فما دام القتال مستمرا، ستتواصل النار في الشمال أيضا، وفي المنطقتين، ولا يمكن البدء بالحديث عن عودة السكان”. وينسجم مع هذه الرؤية، الباحث في الشؤون الاستراتيجية عضو الكنيست السابق عوفر شيلح، الذي قال في حديث للقناة 13 العبرية، إن إسرائيل ترتكب أخطاء مفجعة من شأنها منعها من تحقيق انتصار في هذه الحرب.

حرب الاستنزاف
في هذا الوقت، واصل حزب الله عملياته الردعية ومساندة غزة على طول الحدود، وقد استهدف مقاتلوه بالامس 6 مواقع عسكرية إسرائيلية محققا إصابات مباشرة، بينما واصل جيش الاحتلال قصف جوي ومدفعي على بلدات حدودية، واعلن الحزب، في عدة بيانات، إن عناصره استهدفوا بـالأسلحة المناسبة، موقع المطلة مقابل بلدة الخيام اللبنانية، وثكنة ‏يفتاح (قرية قدس اللبنانية المحتلة)، وموقع ‏بياض بليدا، وموقع مسكاف عام مقابل بلدة العديسة اللبنانية، وحققوا إصابات مباشرة، وذكر في بيان آخر، أن مقاتليه استهدفوا تجمعا لقوة مشاة إسرائيلية على تلة ‏الكرنتينا بالقرب من موقع حدب يارون الإسرائيلي وتجمعا آخر لجنود اسرائيليين ‏بالقرب من موقع شتولا، وقد شهد القطاع الشرقي قصفا إسرائيليا مركزا على بلدات كفركلا وطى الخيام ومنطقة الشاليهات والعديسة والطيبة، كما استهدفت غارة اسرائيلية أطراف بلدة الناقورة في القطاع الغربي، كما استهدفت المدفعية الإسرائيلية أطراف بلدتي عيتا الشعب ودبل،وسهل مرجعيون زموقع “المرج” مقابل بلدات العديسة ومركبا ورب ثلاثين، وكذلك أطراف ميس الجبل ومحيبيب. واستهدف قصف مدفعي فوسفوري “تلتي شباط والوان” في مرتفعات كفرشوبا. وطال القصف المعادي أطراف البلدة واطراف عيترون. وسقطت قذيفة إسرائيلية على منزل قيد الإنشاء في تلة رأس الضهر في ميس الجبل. وقد نعى حزب الله شهيدين على طريق القدس هما مهدي علي ناصرالدين من مدينة الهرمل، وحيدر علي نون من بلدة رام وسكان مدينة بعلبك.

تاجيل التمديد؟
داخليا، تأمن نصاب الحكومة بالامس، لكنه لم يمدد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، كما كان متوقعا، في ظل استماتة التيار الوطني الحر لمنع هذه الخطوة، وقد نفى مكتب الرئيس السابق ميشال عون المعلومات عن قيامه بالاتصال بحزب الله رافضا التمديد، لكنه اكد معارضته التمديد لأي موظّف وتحديدًا قادة الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية. من جهته انتقد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في الجلسة ” التيار” من دون ان يسميه فأكد ان الحكومة تعمل وفق ما تراه مناسبا وليس وفق اجندات يحاول البعض فرضها على استحقاقات اساسية في هذه المرحلة المفصلية. وقال انه في مطلق الاحوال، فإن اي قرار سنتخذه بالنسبة لاي استحقاق داهم سيكون منطلقه بالدرجة الاولى مصلحة الوطن واولوية تحصين المؤسسات في هذه المرحلة الدقيقة. وحتما لن تكون الحكومة ساحة يستخدمها من يريد تصفية حسابات شخصية ومنازعات فردية على حساب المصلحة العامة. ووفقا للمعلومات، فان القرار السياسي بالتمديد للقائد اتخذ، لكن البحث يبقى جاريا حول الصيغة الفضلى للخطوة لتحصينها بالقانون ومنع “التيار” من الطعن بها دستوريا.ووفقا للمعلومات، تمنى حزب الله على ميقاتي تاجيل اقرار التمديد افساحا للمجال امام المزيد من الاتصالات، وهو ابلغه انه ليس ضد التمديد لعون لكنه لن يطلب ذلك، لكن لا بأس باعطاء هامش ضيق لتنفيس الاحتقان.

ضغوط اميركية “فاضحة”
وفي السياق نفسه، تدخلت السفيرة الاميركية دورثي شيا على نحو فاضح في ملف التمديد لقائد الجيش، خلال لقائها بالامس وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم، ووفقا لمصادر مطلعة، اوضحت شيا خلال استعراض شؤون المؤسسة العسكرية والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية للجيش، ان بلادها لا يمكن ان تقبل بحصول شغور في راس المؤسسة العسكرية، وقد تعيد النظر في هذا الدعم، وعبرت عن “عدم تفهمها” لموقف وزير الدفاع من التمديد للعماد عون، وبعدما جدد موقفه الرافض لتقديم مرسوم بهذا الشان الى مجلس الوزراء، تمنت عليه ان لا يقوم لاحقا بالطعن بقرار الحكومة. علما ان إصدار حكومة تصريف الأعمال مرسوما مماثلا لا نقاش عليه قانونا، لأن المسألة تتعلق بالخطر الأمني وقد يكون وزير الدفاع المتضرر الوحيد عندها يمكنه أن يتقدم بالطعن أمام مجلس شورى الدولة بعدم شرعية القرار.

داتا النازحين
وفي ملف آخر، تحدثت مصادر مطلعة عن تبلغ مدير عام الامن العام بالانابة الياس البيسري من المفوضية السامية للأمم المتحدة  لشؤون اللاجئين انها ستقوم بتسليم المديرية مطلع كانون الاول المقبل كامل بيانات اللاجئين السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية، ويأتي التزويد المرتقب للداتا من المنظمة الاممية بعد اشهر طويلة من المماطلة واصرار من الحكومة بتسلمها من دون شروط…

المصدر
الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى